تراجعت كافة المؤشرات الاقتصادية التركية بشكل غير مسبوق عبر تاريخها، ولا سيما العملة التى تعرضت لانهيار تام خلال الآونة الأخيرة، وتراجعت لأعلى معدل منذ 21 عاما، جراء سياسات خاطئة لأردوغان وحكومته، وعدم الاستماع للأصوات المعارضة الوطنية المطالبة بإصلاح الأوضاع الاقتصادية، وعدم التدخل فى شئون الغير، وخفض الإنفاق العسكرى الذى يتم من خلاله تمويل الميلشيات المسلحة والمرتزقة التابعة لتركيا فى ليبيا وسوريا.
وكشف التقرير الأسبوعى للجنة تنظيم ومراقبة القطاع المصرفى، أن قيمة المديونيات المستحقة على الشركات فى تركيا منذ 9 أكتوبر الجاري، ارتفع إلى 132 مليارا و207 ملايين ليرة تركية، بينما كانت الأسبوع السابق 131 مليارا و322 مليونا فقط.
فى الوقت ذاته واصل الاقتصاد التركي انحداره إلى مستويات مقلقة، خلال الآونة الاخيرة، سواء عبر ترنح الليرة أو بتفاقم العجز في الميزان التجاري للبلاد،
وبحسب بيانات اقتصادية حديثة في تركيا، فإن العجز التجاري في البلاد تفاقم إلى 192.7 %على أساس سنوي في سبتمبر، ليصل إلى 4.88 مليار دولار، وفقا لنظام التجارة العام.
وكشفت وزارة التجارة، أن الواردات زادت 23.32 بالمئة لتبلغ 20.89 مليار دولار، فيما ارتفعت الصادرات بـ4.84 بالمئة فقط عند مستوى 16.01 مليار دولار.
وتأتي هذه الأرقام فيما يعيش الاقتصاد التركي على وقع ضربات متوالية، حيث تواصل الليرة هبوطها القياسي أمام الدولار، تحت تأثير الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا.
وبحسب شبكة "بلومبرج" الأميركية، فإن الليرة كانت العملة الأسوأ من حيث الأداء فى الأسواق الصاعدة، خلال النصف الثاني من العام الجارى.
وفى الأسبوع الماضي، أعلن البنك المركزي التركى عن مفاجأة بزيادة فى نسب الفائدة، بهدف كبح الانخفاض المتسارع لليرة.
ويعرفُ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بكونه "عدوا لدودا" لنسب الفائدة المرتفعة، لكن نسب الفائدة المنخفضة تجعلُ المستثمرين غير متحمسين للإقبال على الليرة، لأنها لا تدرُ عائدا كبيرا مقارنة بعملات أو معادن أخرى.
وأثر تدخلُ أردوغان في السياسة الاقتصادية والنقدية بشكل سلبي الليرة، وطالب عدد من الخبراء في البلاد بتعزيز الاستقلالية من أجل تحفيز المستثمرين الأجانب على القدوم إلى البلاد.
ويقول معارضون أتراك، إن جائحة كورونا فاقمت الأزمة الاقتصادية، وبالتالي فإنها مجرد عاملٌ من بين عوامل أخرى، لأن منحنى الانحدار بدأ قبل سنوات عدة.
وتكبدت الليرة عدة ضربات خلال السنوات الماضية، وكانت مرتبطة في الغالب بتردي علاقات أنقرة مع دول الجوار أو عواصم أخرى، فضلا عما وصف بـ"سوء إدارة" و"شبهات فساد".
خفضت وكالة "موديز" التصنيف الائتمانى لتركيا، مرجعة ذلك إلى أن نقاط الضعف الخارجية للبلاد ستتسبب على الأرجح في أزمة بميزان المدفوعات، هذا إلى جانب "تآكل" الهوامش المالية الاحتياطية.
وأشارت الوكالة فى بيان إلى تخفيض التصنيف الائتمانى لتركيا من "بى 1" إلى "بى 2"، حسبما نقلت "بلومبيرج".
وأبقت "موديز" على نظرة سلبية مستقبلية فيما يتعلق بالاقتصاد التركى، مؤكدة على "تدهور أسرع من المتوقع" فى مؤشرات البلاد المالية، وأضافت وكالة التصنيف الائتماني أنه "من المرجح أن تتبلور نقاط الضعف الخارجية لتركيا في أزمة ميزان المدفوعات".
وأضافت: "مع زيادة المخاطر المرتبطة بملف تركيا الائتماني، تبدو المؤسسات المالية غير قادرة على مواجهة هذه التحديات بفعالية".
وتشير الأرقام إلى تراجع في احتياطات النقد الأجنبي التركية باستثناء الذهب بأكثر من 40 % هذا العام إلى 44.9 مليار دولار، الأمر الذى يفرض ضغوطا على قدرة البلاد في الحفاظ على ميزان مدفوعاتها.
وقال البنك المركزى التركى، مؤخرا، إن ميزان المعاملات الجارية سجل عجزا قدره 1.82 مليار دولار في يوليو، في رقم يلامس تقريبا توقعات بهذا الشأن، وقد يتفاقم هذا العجز أكثر فى الأشهر المقبلة في ظل مؤشرات عديدة، منها فيروس كورونا وتداعياته.
وكان متوسط التوقعات فى استطلاع رأى أجرته وكالة "رويترز" يظهر أن العجز التجارى فى تركيا سيصل إلى حدود مليارى دولار.
كما شكل الإنفاق العسكري المتزايد في السنوات الأخيرة عبئا ثقيلا على خزينة الدولة في تركيا، الأمر الذي فاقم من المشكلات الاقتصادية التي تعيشها البلاد أصلا في ظل انهيار العملة المحلية وتفشي فيروس كورونا.
ولا يحظى الإنفاق العسكري التركي بحسب سكاى نيوز بأي اهتمام داخل المؤسسات التركية، سواء في البرلمان أو لدى الحكومة، فضلا عن ذلك فإن الإنفاق العسكري المتزايد للدولة يشهد تعتيما غير مسبوق من سائل الإعلام المحلية.
وتتدخل تركيا عسكريا فى العديد من دول المنطقة، من بينها سوريا والعراق، كما أنها تورطت مؤخرا في ليبيا من خلال دعم ميليشيات طرابلس، فضلا عن مناوراتها المتواصلة شرقي المتوسط.
وتكلف هذه الممارسات التركية العسكرية وغيرها خزينة الدولة مليارات الدولارات، فى وقت تلقى قضية تمويل هذه الحروب والتدخل في نزاعات عدة بثقلها على اقتصاد تركيا المتعثر.
من جانبها، تقول صحيفة "أحوال" التركية إن ميزانية الدفاع لأنقرة تشكل أكبر بند في الميزانية مقارنة مع غيرها من القطاعات، إذ تبلغ 145 مليار ليرة (19.7 مليار دولار) في ميزانية عام 2020، وهو ما يمثل حوالي 13 بالمائة من إجمالي الإنفاق.
وتشير الصحيفة إلى أنه عندما يضاف إلى ذلك العلاوات الممنوحة لشركات الدفاع الممولة من القطاع العام، والأموال الممنوحة لرئاسة الصناعات الدفاعية التركية، يرتفع الإنفاق إلى 273 مليار ليرة، أي ما يعادل أكثر من 25 بالمئة من ميزانية الدولة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة