"الوضع الوبائي في البلاد بات خطيرًا.. وخطيرًا جدًا" تلك كانت رسالة وزارة الصحة التونسية التي وصفت بها المتحدثة الرسمية، نصاف بن علية، الحالة الوبائية في البلاد بعدما كسرت حاجز الألف وفاة وسجَّلت أكثر من 54 ألف إصابة بفيروس (كورونا) المستجد (كوفيد- 19).
ويبدو أن تلك الرسالة كانت بمثابة ناقوس الخطر الذي أيقظ الحكومة التونسية "فجر" اليوم الخميس، لإصدار جملة من القرارات في محاولة للسيطرة على التفشي السريع للفيروس التاجي، في بلد كان قد تمكن من احتواء الفيروس في وقت سابق من العام.
ففي ليلة الأربعاء، حذّر وزير الصحة التونسي فوزي مهدي، من أن البلاد دخلت في المرحلة الرابعة لتفشي الفيروس والتي تتمثل في انتشار عدوى مجتمعية يصعب فيها تتبع الحالات والتعرف على مصدر العدوى، واصفًا الوضع بـ"الخطير جدًا" ليس بسبب تفشي الفيروس في البلاد؛ بل بسبب نقص وعي المواطنين بخطورة الوضع خصوصًا أن التعايش مع الفيروس سيمتد لأشهر إلى حين إيجاد اللقاح.
فيما قال مدير عام القطاعات الصحية بوزارة الصحة التونسية، محمد مقداد، إن طاقة استيعاب المرضى المصابين بالفيروس في المستشفيات بلغت ذروتها في بعض الجهات الأمر الذي دفع وزارة الصحة إلى توجيه المرضى إلى جهات أخرى؛ نظرًا إلى أن عددًا من المستشفيات تعاني من إشكالية وصعوبة من جراء الارتفاع المتسارع للإصابات.
وتعالت صيحات الفزع، على الفور، عبر المنصات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب المطالبة بإقرار تطبيق حجر صحي شامل، على غرار ما جرى في بداية ظهور الوباء، الأمر الذي لاقى تباينًا في الآراء بين مؤيد ومعارض لتطبيق الحجر الشامل، حيث رأى البعض ضرورة في تطبيق الحجر الشامل لاحتواء الأزمة والسيطرة على الوضع الوبائي المتصاعد، إلا أن البعض الآخر رأى في الغلق الشامل كارثة كبيرة على اقتصاد البلاد، وضررًا بالغًا على الوضع الاقتصادي للبلاد إلى جانب آلاف العمال بكافة القطاعات.
وفي الساعات الأولى من صباح اليوم، خرج رئيس الوزراء هشام المشيشي بجملة من القرارات، لكبح انتشار الفيروس، بعدما اجتمع بالهيئة الوطنية لمجابهة فيروس "كورونا"، واستمع إلى عرض تقدم به كل من أعضاء اللجنة العلمية ووزراء الاقتصاد والتربية والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية.
وبعد التداول ونظرًا لدقة الوضع الصحي والاقتصادي والاجتماعي، وتحسبًا لمزيد من تدهور الأوضاع على مختلف المستويات خاصة أمام ارتفاع نسق العدوى بفيروس "كورونا" المستجد، ومحافظة على تماسك المنظومة الصحية، فقد قررت الحكومة التونسية دعوة جميع الولاة لإعلان حظر التجوال بالجهات كافة، وذلك من الاثنين إلى الجمعة من الساعة الثامنة ليلاً إلى الساعة الخامسة صباحًا، ويومي السبت والأحد من الساعة السابعة مساءً إلى الساعة الخامسة صباحًا.
كما تقرر منع التنقل بين الولايات إلا لضرورة العمل والحالات الاستثنائية التي يمكن تبريرها، وغلق المقاهي والمطاعم بداية من الساعة الرابعة مساءً مع احترام طاقة الاستيعاب المحددة بـ 30% في الفضاءات المغلقة و50% في الفضاءات المفتوحة وتنظيم حملات مراقبة يومية مكثفة على مستوى كافة المعتمديات والغلق الفوري لكل من يخالف هذه الإجراءات.
إلى جانب تعليق العمل بالمدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد، بداية من الأربعاء 28 أكتوبر بعد انتهاء اليوم الدراسي إلى يوم الأحد 8 نوفمبر وتخصص هذه العطلة لتعقيم كافة المؤسسات التربوية، إلى جانب اعتماد نظام التواصل عن بعد في الجامعات العامة والخاصة لمدة أسبوعين، مع وضع الإمكانيات اللوجستية للجامعات على ذمة الطلبة الذين لا تتوفر لديهم التجهيزات الضرورية مع عدم غلق المبيت في الجامعات.
وتقرر كذلك منع كافة التظاهرات العامة والخاصة بجميع أشكالها انطلاقًا من يوم الجمعة 30 أكتوبر وحتى الأحد 15 نوفمبر المقبل، ومنع كافة التجمعات التي تتجاوز 4 أشخاص في الأماكن العامة باستثناء وسائل النقل، وتعليق ارتياد دور العبادة إلى 15 نوفمبر، ومواصلة العمل بالتوقيت الإداري الاستثنائي إلى 15 نوفمبر، واستثناء كل المشتريات المتعلقة بمجابهة "كورونا" من الأمر المنظم للصفقات العمومية وتكليف لجنة خاصة بوزارة الدفاع الوطني يرأسها المدير العام للصحة العسكرية بالإشراف على هذا الملف، وأخيرًا التشديد على ضرورة الالتزام بالتباعد وارتداء الكمامات والتأكيد على مواصلة الإجراءات الردعية لكل المخالفين.
جدير بالذكر أن وزارة الصحة التونسية سجلت، صباح أمس الأربعاء، 52 حالة وفاة جديدة من جراء الإصابة بالفيروس، خلال 48 ساعة، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات إلى 1153 حالة، إلى جانب تسجيل 2125 إصابة ترفع الحصيلة الإجمالية للإصابات إلى 54 ألفًا و278 مصابًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة