أوروبا تواجه موجة جديدة من الإرهاب، لكنها كالعادة موجة تبحث عن تبرير، وتظهر فيها أصابع وتأثيرات الرئيس التركى رجب أردوغان، والذى يحاول الهروب من أزماته باختراع المزيد من الأزمات، وهو هذه المرة يريد استعراض قوة تأثيره على الجاليات التركية فى أوروبا، بعد أن فشل فى تهديد الأوروبيين باللاجئين، وكل هذا يحاول أردوغان تغليفه بادعاء الغيرة على الإسلام والرسول، ويجد خلفه جيوش من المغيبين الأبرياء، يظنون أنه يدعو لنصرة الدين، بينما يساندون داعش وحلفاءها.
عملية الذبح التى وقعت فى نيس، وشملت ذبح وطعن وانتهت بمقتل ثلاثة، بعد أيام من تنفيذ ذبح معلم فرنسى، كالعادة تنفذها أيادى لاجئين غالبا ما يكون إدراكهم للدين ضعيفا، ويسهل شحنهم وتحويلهم إلى آلات ذبح أو دهس بشرية.
وتجد التنظيمات الإرهابية لدى اليمين الأوروبى المتطرف ما يمنحها غطاء لتنفيذ عمليات دهس أو ذبح، وليس أكثر سعادة بهجمات الإرهاب من اليمين المتطرف، الذى يعادى الأجانب ويطالب بطرد اللاجئين، بما قد يشير إلى تحالف غير مباشر بين المتطرفين المنتمين للمسلمين، واليمين الكاره للأجانب، وهى خيوط واضحة لدرجة أن بعض التقارير تربط بين اليمين المتطرف فى فرنسا والتحريض على الإرهاب لتوظيفه من أجل البرهنة على صحة موقفهم ومطالبهم بطرد الأجانب.
ظهور رجب أرودغان فى الصورة يقدم تفسيرا سياسيا واضحا لها، بعيدا عن محاولاته تقمص دور المدافع عن الدين، وهو راع رئيسى لأكثر الإرهابيين عنفا خلال عشر سنوات على الأقل. والأمر أكبر من أن يكون صداما بين أردوغان وماكرون، فلم تتوقف المصادمات بين أردوغان وفرنسا على خلفيات متعددة.
فرنسا كانت دوما أحد أطراف الصدام الأوروبى مع أردوغان، ويعتقد الرئيس التركى أن فرنسا أحد أهم الأطراف التى عرقلت انضمامه إلى الاتحاد الأوروبى، وخلال قمة السبع الكبار اتهم إيمانويل ماكرون أردوغان علنا بالتحالف مع الإرهابيين، ورعاية داعش، ورد عليه رجب أردوغان فى اشتباك واضح وهاجمه، ثم أن أردوغان لا ينسى لفرنسا أنها كشفت الكثير من خططه وتحالفاته مع الميليشيات فى ليبيا، ودوره فى نقل المرتزقة من سوريا إلى ليبيا، وما تزال التحقيقات تجرى حول دور المافيا التابعة لأردوغان فى تهريب أموال منهوبة من ليبيا عن طريق فرنسا.
الرئيس التركى أردوغان لم يعد قادرا على إنكار دوره فى إقامة التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها داعش وتحالفاته لنهب سوريا والعراق، بمزاعم حماية الأمن والاستقرار، وهو ما انتهى إلى فوضى، كما عجز عن تبرير غزوه لليبيا، وتم فضح دوره فى نقل المرتزقة من سوريا إلى ليبيا. وفشله فى القرصنة على غاز شرق المتوسط، وانكشاف دوره فى الصراع بين أرمينيا وأذربيجان.
كل هذا ولم يعد أردوغان كالسابق قادرا على إخفاء أدواره، فضلا عن ما يواجهه الاقتصاد التركى من تراجع تضاعفه المقاطعة التى تمت للمنتجات التركية فى بعض دول الخليج، وتظهر تأثيرات كل هذا فى ردود أفعال منصات الإعلام التابعة لأردوغان، وحلفائه من الإخوان فى إعلام قطر واسطنبول.
أردوغان لم يعد قادرا كالسابق على إخفاء مشاعره وأهدافه، ويسعى لإطفاء حرائقه بمزيد من البنزين.