الهجمات الإرهابية فى فرنسا، بل وأوروبا، من دهس وذبح وتفجير، يقوم بها مراهقون أو شباب صغير، أغلبهم ليسوا على علاقة قوية بالعقيدة، يكشفون أنهم مجرد أدوات يتم تجنيدهم وشحنهم للقتل مع اختيارهم من نوعيات خاصة يسهل التحكم فيها، أما الفاعلون الرئيسيون فهم متطرفون وإرهابيون كبار يختبئون وربما يدينون القتل، والأمر أكبر من أن يكون غضبا من أجل الدين والرسول الكريم، لأن نفس القتلة يمارسون الإرهاب فى سوريا وفى العراق ومصر وتونس وغيرها.
فقد اتضح أن مرتكب جريمة الذبح والقتل فى كنيسة فرنسا، هو الشاب التونسى إبراهيم بن محمد صالح العيساوى 21 عاما وصل إلى أوروبا من جزيرة لامبيدوسا الإيطالية الشهر الماضى ودخل فرنسا مطلع أكتوبر.
كما اتضح أن قاتل مدرس التاريخ صمويل باتى، هو عبدالله أنزوروف (18عاما) لاجئ روسى من أصل شيشانى، كان على تواصل مع متطرف ناطق بالروسية فى سوريا، قطع أنزوروف رأس باتى قرب مدرسته، ونشر رسالة صوتية باللغة الروسية على مواقع التواصل الاجتماعى أعلن فيها أنه قتل مدرس التاريخ، غيرة على الرسول.
التحقيقات كشفت أن خلف أنزوروف، «خلية إخوانية»، تحمل اسم «الشيخ أحمد ياسين» موالية لحركة حماس أسسها عبدالحكيم الصفريوى الذى يطاله التحقيق فى قتل أستاذ التاريخ صمويل باتى، والجمعية متهمة بـ«التورط» فى قتل أستاذ التاريخ حيث وصف الصفريوى باتى فى فيديو بأنه «فاسق».
وبالتالى فإن أنزوروف أو العيساوى وعشرات ومئات اللاجئين القادمين من دولهم بحثا عن الحياة فى أوروبا، يتحولون إلى أدوات قتل، بجهود قيادات وفقهاء يجندونهم ويشحنونهم.
وبالتالى فإن بعض من يعتبرون الإرهاب فى فرنسا رد فعل على إساءات من اليمين أو من بعض الذين يكرهون الإسلام، يتجاهلون أن الإرهابيين الصغار وأغلبهم من المهاجرين الجدد، ليس منهم من يمكن اعتباره فقيها أو عالما آذته الرسوم، لكنهم مجرد أدوات قتل وإرهاب ينفذون تعليمات فقهاء وقادة يمارسون، عمليات شحن وتحريض، ويختارون مراهقين وشباب ذوى تراكيب خاصة، نفس هؤلاء الشباب انتظموا فى داعش بسوريا وقتلوا المسالمين من المختلفين معهم فى العقيدة أو المذهب أو الاتجاه، فقد تم قتل الأيزيديين والمسيحيين والمسلمين الشيعة ثم السنة.
سبق وتم استخدام مراهق عمره 15 عاما فى تفجير بسوق بالشيخ زويد، أو فى سوريا وتم استخدام وتفخيخ أطفال فى عمليات بسوريا، بعضها كان يستهدف مستشفيات أو أسواق، والتفجيرات ضد السنة والشيعة بالعراق تمت باستخدام مراهقين وشباب ونفس الأمر فيما يتعلق بداعش، أى أن القيادات والفقهاء الذين يظهرون على شبكات التواصل أو الفضائيات ليحرضوا ويشحنوا لا يمكن لأى منهم أن ينفذ عملية بيده، بل إنهم سرعان ما يستنكرون الجريمة.
ونتذكر هجمات الإرهابى برينتون تارنت ضد المصلين المسلمين فى نيوزيلندا فى مارس 2019 فقد فتح الإرهابى المتطرف النار على المصلين، عندما كانوا يستعدون لصلاة الجمعة، وقتل 49 من المصلين المهاجرين واللاجئين، فى مسجدين بمدينة كرايست تشيرش، وهو فى الـ28 من عمره يؤمن بأفكار عنصرية متطرفة، وصوّر بنفسه فيديو وهو يطلق النار على ضحاياه العزل من سلاح أوتوماتيكى، وينتمى إلى جماعات ومنظمات عنصرية، تراهن على المهووسين والقابلين للتجنيد حتى ينفذوا أفكار اليمين، وتصب فى نفس اتجاه الكراهية والعنصرية، حيث كشفت التحقيقات عن تواصل إرهابى نيوزيلندا مع نظرائه الأوروبيين.
نحن أمام عقليات واحدة ومتشابهة، لفقهاء ومتطرفين يجندون ويشحنون الشباب، لكنهم يقدمون مراهقين ومختلين، ويلتقون فى مصالحهم معا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة