انتشرت حالة من القلق فى الدول الأوروبية من حدوث هجمات إرهابية جديدة بعد هجوم نيس الذى حدث أول أمس الخميس فى فرنسا، والذى أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى فى كنيسة مدينة نيس، ومنفذه تونسى وصل إلى فرنسا مؤخرا، ويبلغ من العمر 21 عاما، وكان وصف الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الحادث بأنه "إرهابى".
وانتشرت مخاوف من عودة الذئاب المنفردة وارتكاب جرائم وعمليات إرهابية مع اقتراب احتفالات رأس السنة، وخاصة بعد واقعة ذبح أستاذ التاريخ الفرنسى صاموئيل باتى على يد أحد الشباب ذوى الأصول الشيشانية، وهو ما قابلته السلطات الفرنسية بحملة أمنية واسعة طالت مراكز وجمعيات إسلامية على صلة وثيقة بجماعة الإخوان الإرهابية.
وأكدت مصادر بالشرطة الإسبانية، أنه تم الكشف مؤخرا عن عدد من القنوات الدعائية المعتادة للجماعات الارهابية التى لها علاقة بتنظيم داعش والقاعدة، أصدرت عددا من تسجيلات الفيديو التى تهدد بشكل مباشر إسبانيا، وفقا لصحيفة "الكونفيندنثيال" الإسبانية.
وأوضحت المصادر، أنه لا يوجد حاليا أى تنبيه شرطى محدد فى إسبانيا للتهديدات المتداولة على هذه القنوات، وتحتفظ خدمات مكافحة الإرهاب، مثل مفوض المعلومات العامة للشرطة الوطنية، وكذلك دائرة صفحات الويب ومنتديات الإنترنت بتسجيلات فيديو تحمل تهديدات مباشرة لإسبانيا على قنوات التنظيمات الإرهابية، مثل يوتيوب وتليجرام وواتس آب.
في كل هذه الصفحات والمنتديات والملفات الشخصية ذات الطابع الإرهابى، تظهر تهديدات متكررة تجاه الدول الغربية، وفي بعض الحالات تدعو المتعاطفين معها في هذه الدول إلى اتخاذ خطوات لقتل "الكفار"، فى محاولة منهم لتجنيد الشباب واستغلال ظروفهم، لإقحاهم فى التنظيمات الارهابية.
وأكدت الصحيفة، أن الإشارات المباشرة إلى إسبانيا شائعة إلى حد ما، وليست كثيرة جدًا ولكنها تظهر بشكل دوري في كل تلك الدعاية الإرهابية.
لكن الحقيقة هي أنه في الأشهر والأسابيع الأخيرة تم تداول بعض مقاطع الفيديو، وأحيانًا بصور بدائية للغاية، حيث تتعرض إسبانيا لتهديد مباشر، إلى جانب فرنسا. إنها تهديدات أوضح من المعتاد لإسبانيا ومؤسساتها، وإن لم تصل إلى مستوى من الخصوصية يطلق كل الإنذارات.
ويجرى تداول الكثير من هذه الدعاية في شكل فيديو، تظهر هذه المقطوعات السمعية والبصرية بلغات مختلفة منها إسبانيا، والجزء الأكثر إثارة للقلق هو أنها تقدم أفكارًا (على الرغم من أنها أفكار شائعة بالفعل) حول نوع الهجمات التي يمكن أن يرتكبها أتباع الارهاب.
ولا يقتصر الأمر على نشر الرسائل التي تحث على أخذ سكين كبير لطعن وقطع حناجر الناس في مكان عام ومزدحم، يتم تشجيع الهجمات الجماعية أيضًا، وهي طريقة أخرى لا تتطلب سوى القليل من البنية التحتية: هذه هي الطريقة التي قتل بها إرهابى 14 شخصًا في لارامبلا في برشلونة في 17 أغسطس 2017، كما كانت هناك هجمات بالشاحنات والشاحنات الصغيرة في نيس، وبرلين.
وبالإضافة إلى هذه الخطط التي تحولت بالفعل إلى هجمات حقيقية أدت إلى وفيات في السنوات الأخيرة في أوروبا، يتم أيضًا المساهمة بأفكار أخرى للإرهابيين المحتملين في قنوات الدعاية الإرهابية: من إشعال الحرائق عند الفجر في المباني المأهولة إلى البدء حرائق في الغابات، أو حرق المصانع.
وتساءلت الصحيفة هل يمكن أن تؤدى هجمات فرنسا إلى تغيير مستوى التأهب ضد الإرهاب الذى يبقى عند 4 أو 5 بحد أقصى، فى إسبانيا؟، حيث إن وزارة الداخلية أكدت أن مستوى التأهب ضد الإرهاب يتم تقييمه أسبوعيا فى اجتماع للجنة المتخصصة يشارك فيه ممثلو قوى للأمن والأجهزة الإعلامية.
وقالت صحيفة لاراثون الإسبانية، فى تقرير لها نشرته على موقعها الإلكترونى، إن وزارة الداخلية أصدرت مؤخرا بيانا أكدت فيه أن 100 من أصل 1300 مسجد، كانت تتبع هذا النوع من التطرف، وتركز التحقيقات على بعض الأئمة أكثرها من تركيزها على المساجد نفسها، لأنها لا تتعلق بتجريم دين يكون معظم اتباعه غرباء عن التنظيمات الإرهابية.
ويزداد عدد المساجد ذات الأئمة المتطرفين فى مدريد فقط عن 14 إماما، وتم الكشف عنهم خلال عمليات من قبل الأمن الإسبانى، حتى العام الجارى 2020، وهذا الرقم من المتوقع أن يزداد فى الأسابيع المقبلة بسبب التحقيقات الجارية وتكثيف الجهود للكشف عن المتطرفين فى إسبانيا فى الوقت الحالى.
وأوضح التقريرـ أن ما يثير قلق الأمن الإسبانى حول انتشار الأئمة التطرفين هو وجود عدد من المساجد بشكل غير قانونى والتى يتم إقامتها فى أماكن مختبئة مثل المرآب أو الغرف الخلفية لبعض المنازل، والمساجد الكبيرة مثل التى تم اكتشافها خلف مسجد أم 11 الذى يوجد فى العاصمة مدريد.
وأشار التقرير، إلى أن كتالونيا أيضا من أكثر المناطق التى ينتشر بها متطرفون فى إسبانيا، وذلك بعد ان كشفت عدة تقارير أن غالبية المقاتلين الإسبان المنضمين إلى داعش فى سوريا والعراق من الإقليم.
وأوضح التقرير، أن بعض الأئمة الذين لهم دور كبير فى نشر التطرف فى أوروبا، ولذلك فإن إسبانيا تكثف جهودها لاعتقال الائمة المتطرفين كما فعلت فى عام 2018 عندما طردت 5 أئمة معتبرة أنهم يشكلون خطرا على الأمن القومى، وذلك لاستخدام المبانى غير القانونى والمراكز الثقافية للعمل على تجنيد الشباب وتحويلهم إلى إرهابيين تحت مسمى "جنود الله".
وكان الأئمة المطرودون في ذلك الوقت هم "أ. إي"، 40 سنة، الذي كان يخطب في مسجد في منطقة سان أوجستين دي إل إيجيدو "المريا"، مما يدل على أن رسائله تشكل خطراً على الأمن القومي، كان هو من انتقل إلى المزارع. بمجرد مغادرتهم التراب الوطني، تم إغلاق المسجد لأنه كان في وضع غير نظامي، كما في ذلك الوقت، كما تم فتح ملف طرد ضد إمام مسجد في جيرونا، والذى يبلغ من العمر 39 عامًا كان إمامًا للجالية الإسلامية في لا رابيتا (غرناطة) بسبب رسائله المتطرفة والعنيفة التي أطلقها مستغلًا نفوذه.
وأشار التقرير إلى أن هناك العديد من المخاوف لدى إسبانيا من نمو هذا التيار خاصة أن منهم من يحمل الأفكار المتشددة الإرهابية ويسعى جاهدا لإعلان الحرب على اسبانيا الذى يعتبرونها ملكا للكفار الآن، وبذلك فهم يستعدون لشن ما يسمونه "الحرب المقدسة" ضد المسيحيين المذنبين الأشرار.
وتتوالي تحذيرات العديد من دوائر أسبانيا الأمنية من وجود تمويلات خارجية مستمرة للأئمة والجمعيات التي تمثل ظاهريا أتباع الدين الإسلامي في إسبانيا، خاصة التمويلات القطرية، حيث قالت صحيفة "لا ثيسمو" الإسبانية إن قطر من أولى الدول التى تنشر الفكر المتطرف وتغذى وتمول الارهاب فى إسبانيا، من خلال تمويل المساجد ودور العبادة، ودفعت أكثر من 72 مليون يورو لتمويل 140 مركزا للعبادة والمدارس الإسلامية والجمعيات فى 14 دولة فى القارة العجوز.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة