بدأ فى شمال سيناء موسم صناعة العجوة، وهو أشهر منتج من بلح النخيل يتوارثه أهالى شمال سيناء بمناطق زراعات النخيل صناعته فى هذا الوقت من كل عام، ويسجل النخيل أنه يزرع على مياه طبيعية ولايروى بأى مصادر رى أخرى ويعطي إنتاج طبيعى، وتنتشر فى شمال سيناء زراعات النخيل على امتداد مناطق المحافظة الساحلية القريبة من البحر المتوسط، وتزداد الكثافة فى أعداد أشجار النخيل بمناطق غرب العريش وبئر العبد التى تتواجد فيها بساتين نخيل على مساحات شاسعة.
وقال "طه فريج أبوعيطة"، من منطقة المساعيد غرب العريش، وهى أشهر مناطق إنتاج وزراعة النخيل حتى وقت قريب قبل انتشار البنيان، إن هذا الموسم بالنسبة لمزارعي النخيل هو خير ينتظرونه كل عام، فالكل يستفيد من مزارع وعامل ومن ينقل الإنتاج.
وأضاف أبو عيطة، أن أبرز مظاهر الإستفادة من موسم البلح فى مناطقهم هو إنتاج العجوة التى يعد لها إعداد مسبق بطرق متوارثة لم تتغير منذ القدم، لافتا إلى أن صناعة العجوة يسبقها كل مزارع بإعداد مكان لإستقبال إنتاج النخيل اليومى الذى يقوم إما بهزه ليتساقط الرطب إو بقطع " القنو"، وتنقل لهذا المكان ويسمى "مشره" وهى عبارة عن متسع بمساحات من 10 إلى 12 متر مربع محاطة بسور من جريد النخيل بطول نحو متر ونصف غير مسقوف، وداخل هذا المكان المحكم ببوابة يتم فرش الأرضية بجريد النخيل الأخضر.
وأشار طه، إلى أنه يتم تجميع البلح فى مكان بأحد أركانه حتى يتحول لرطب، بينما الرطب يدخل مرحلة الإنتاج للعجوة بغسله أولا ثم عجنه، وبعد أن يتحول لعجين يتم عمل أقراص منه بأوزان مختلفة ما بين كيلو حتى 3 كيلو وترص على الأرضية فى مواجهة الشمس حتى لمدة من أسبوع إلى 10 أيام وقد تزيد، وبعد هذه الفترة يتم تجميع كل قرص فى عبوة ورص الإنتاج .
وتابع الحديث " نافع الشوربجى"، أحد أبناء عائلات مدينة العريش المعروفة بإنتاجها للعجوة من النخيل بقوله، أن الموسم فى الماضى كان للأهالى بمثابة فرصة للخروج والجميع فى مزارع النخيل يلتقى فتجد ابن البادية القادم من مناطق بعيدة وابن المدينة الذى تفرغ من كل مشاغله وفى كل مزرعة تنتشر "المشرات" وهى بمثابة مصانع سنوية لإنتاج كل خيرات النخيل من العجوة و "الشقيق" و "الفديغ"، وهو الرطب المجفف الذى يتم شقه لنصفين ثم تنشيفه تحت أشعة الشمس.
وتابع الشوربجى، قائلا إن موسم النخيل تراجع الإحتفاء به وكثير من "المشرات" اختفت وأصبح المزارعون يقومون بمهام إنتاج النخيل على أسطح المنازل بعد أن زحف العمران واستولى على مساحات الفضاء بين أشجار النخيل.
وقال حسين محسن، من مزارعى النخيل بمنطقة بئر العبد، إن النخيل أشجار مباركة وعطاء إنتاجها متنوع بالنسبة لكل أسرة من أسر المزارعين، موضحا أن النخلة الواحدة إنتاجها قد يقارب على 50 كيلو وأكثر ويتفنن الأهالى فى الإكثار من زراعته فى المناطق المنخفضة لوصول الجذر للمياه الجوفية القريبة من وجه الأرض بالمناطق الساحلية.
وأشار حسن سلامة، الباحث فى التراث السيناوى، إلى أن تميز أهل شمال سيناء فى إنتاج العجوة والرطب المجفف والتمور واستغلالهم لكل مكونات النخلة هو ما أفادهم فى سنوات كثيرة، لافتا إلى أنه فى الماضى كانت كل أسرة تخزن حاجتها من هذا الإنتاج ليكفيها طوال العام، حيث يتم تناول العجوة مبكرا كأحد مشتقات وجبة الإفطار الطبيعية، بينما يستفاد من مستخرجات البلح وهو "النوى" كعلف لماشيتهم.
وقال سلامة، إنه من الملاحظ أن هذا الإنتاج أصبح كثير من المنتجين له خلال السنوات الأخيرة يعانون من صعوبة تسويقه، رغم أن نخيل سيناء له ميزة أنه يزرع وينتج على مياه الأمطار والمياه الجوفية، ولايتم له أى أعمال رش بمواد كيماوية وغيرها، كما أنه لا يروى على أى مصادر مياه أخرى غير الطبيعية، وبالتالى إنتاجه ذو قيمة صحية تجعله فى المقدمة، ومطلوب من كل شركات ومنافذ التسويق المهتمة بمثل هذا النوع من الإنتاج الطبيعى الإلتفات إليه ومساعدة الأهالى فى تسويقه خصوصا أنه لكثير من الأسر يمثل مصدر الرزق السنوى، وهذا كله سيصب فى صالح الجميع ويوسع دائرة التشغيل للأسر والشباب ويجعل المزارعين يتوسعون فى زراعات النخيل وإضافة إصناف أخرى غير تقليدية، فضلا عن الالتفات لأهم مطالبهم فى مجال الرعاية الزراعية للنخيل ومقاومة آفات تظهر به وتفعيل دور الإدارات الزراعية للاهتمام بهذا الزراعات بشكل أكثر جدية.
مراحل قطف البلح من على النخيل (4)
مراحل قطف البلح من على النخيل (5)
مراحل قطف البلح من على النخيل (6)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة