محمد عبد الرحمن يكتب : أحزان "نعيمة" فى الذكرى الأولى لـ رحيل آخر فيل فى حديقة الحيوان

الأربعاء، 07 أكتوبر 2020 04:30 م
محمد عبد الرحمن يكتب : أحزان "نعيمة" فى الذكرى الأولى لـ رحيل آخر فيل فى حديقة الحيوان نعيمة آخر فيل فى حديقة الحيوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ عام مضى، وبينما كنت أتابع الأخبار على المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، وجدت خبرا بعنوان "وفاة الفيلة نعمة"، وعندما دققت في الخبر وجدته عن رحيل آخر أفيال حديقة الحيوانات بالجيزة.
 
قرأت الأخبار، واندهشت كون حديقة الحيوان لم يكن بها إلا فيل واحد فقط، وإنها الآن بدون أفيال، وبدأت اتصور كيف كان شعور "نعيمة" الفيلة الأخيرة، وكيف كانت حياتها وحيدة، كيف واجهت العالم وسط معاناة الوحدة ومرارة العزلة. 
 
الفيلة نعمة
الفيلة نعمة
 
كل ما كنت أعرفه عن الأفيال، إنها كائنات رقيقة المشاعر، عزيزة النفس، تقدس الحياة في مجموعات، ترى الحياة في وجود صحبة شكلا مثاليا، يواجهون معا صعوبتها ومأساتها، وحين تشعر بأن أجلها قد حان، تأخذ نفسها بعيدا عن القطيع، كي لا يراها أحد وقت الرحيل، وكأنها تستحي أن يرى أحد ضعفها ووهنها وانهيار قوتها وجبروتها أمام الموت، وعندما تذكرت ذلك علمت كم عانت "نعمة".
 
عاشت "نعمة" 30 عاما في الحديقة، جاءت إليها أول مرة في عمر 10 سنوات، وظلت فيها عمرها كله تعانى الأمرين، مرارة العزلة بين أقران ليسوا من طبيعتها، ومرارة الوحدة، وفى هذا المكان المحدود ظلت وحيدة، ونفقت بعد إصابتها بجلطة في القلب، وكأن قلبها الرقيق لم يتحمل مزيدا من الوحدة، ولم تصل لعمر الفيلة الطبيعي في الـ 60 أو70 عاما، ربما لأن ما رأته ليس طبيعيا، فقد أخذت من بين عائلتها، ووضعت في إقامة جبرية وسط أقفاص حديدية، وعاشت عمرها كله وسط عالم لا تعرفه، وفى بيئة هي أبعد ما تكون عن بيئتها الأصلية.
 
أتصورها كيف كانت تدخل إلى بيتها تبكي منفردة، تصيح بغضب من مرارة الأيام، اتخيلها الآن وهي ترى نفسها الكائن الوحيد المتبقي من سلالتها في هذا العالم، على الأقل في مخيلتها، تتذكر فراق الأفيال والأحبة واحدا تلو الآخر، وتتساءل دائما، كيف يكون مصيرها؟، وأتساءل أنا هل خافت من الموت، هل تصورت الخلود!
 
بالتأكيد كرهت هذا التصور، وكانت في داخلها، ترى الخلود جنون، بل وكانت تساءل في إلحاح متى تحين ساعة الرحيل؟، ولماذا هي هنا الآن وحيدة، وتخيلت كيف رأت الوحدة رغم ما كان حولها، لأنها في النهاية رأت إنها كائن وحيد لا تستطيع أن ترى أحد مثلها، أحدا تشكوا له هموم وقسوة هذا العالم.
 
في النهاية نفقت "نعيمة"، استسلمت روحها للخلود، ونجت بنفسها من هذ العالم المجنون، رحلت وهي لا تعلم طبيعة هذا العالم، ولا أحكامه القاسية التي عانت منها.. أتمنى أن تكون شعرت بالرضا وعرفت أنها لم تكن الوحيدة التي عانت، ولن تكون الأخيرة، وأن وجودها بيننا رغم قسوته عليها كان سلوان وغيابها فراغ، وهذا وحده خلود ونجاة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة