الرياضة وتحديدا كرة القدم المصرية كانت في قلب المعركة وجزءا من خطة الخداع الشاملة للعدو الإسرائيلي قبل ومع بداية الحرب يوم 6 أكتوبر 73
لم يكن الاستعداد المعركة واستعادة الأرض قاصرة على ميادين القتال فقط. فقد خاضت مصر أشرف معاركها، في كافة الميادين بما فيها ميدان الرياضة الذى كان له دور في أكبر خطة خداع استراتيجي عرفها التاريخ وقام بها شعب بأكمله لكافة طوائفه وشرائحه
في لحظة عبور أبطال مصر مانع قناة السويس المائى واقتحام خط بارليف ورفع العلم المصرى عاليا شامخا على الضفة الأخرى للقناة، كان لاعبو غزل المحلة والطيران يتبارون أيضا على أرض الملعب للحصول على نقاط الفوز في بطولة الدوري الممتاز.. واستمرت المباراه حتى الرابعة والنصف عصر يوم 6 أكتوبر رغم صدور حوالى أربعة بيانات عسكرية عن بدء المعركة وعبور الرجال
انتهت المباراة وكانت الأخيرة في مسابقة هذا الموسم. فقد قرر الاتحاد المصري لكرة القدم بعد ذلك إلغاء الدوري والتفرغ للمشاركة في معركة الوطن، ففتحت الأندية أبوابها أمام "الفدائيين" للتدرب والمشاركة في الحرب.
لكن في اليوم السابق للمباراة وللعبور في الخامس من أكتوبر، كانت الصحف المصرية تطبق خطة الخداع بحذافيرها. صدرت التعليمات باعطاء مساحات أكبر لصفحات الرياضة ومباريات كرة القدم والكتابة بتوسع عن النجم الجديد العائد من كاظمة الكويتى حسن شحاتة، واهتمت الصحف أيضا برغبة النادى المصري في استقدام مدرب إنجليزي.
لم يكن اتحاد الكرة والأندية، وربما أيضا رؤساء الصحف على علم بخطة مصر للعبور، لكنها بالتأكيد كانوا جزء منها وإن لم يكونوا على دراية بذلك.
في أرشيف الرياضة المصرية ستبقى مباراة المحلة والطيران أشهر مباراة في كرة القدم وسيظل التاريخ والشعب يتذكرها ليس لأهميتها وانما لارتباطها بتاريخ أعظم أيام مصر.
في الساعة الثانية والنصف يوم السادس من أكتوبر امتلأت مدرجات نادى الترسانة بالجماهير لمشاهدة مباراة كرة القدم بين غزل المحلة في الدورى الممتاز . وكان المحلة يضم بين صفوفه وقتها مجموعة من كبار نجوم الكرة المصرية مثل عمر عبد الله وعماشة وعبد الدايم وحنفى هليل والسعيد عبد الجواد وسيد محرز وغيرهم والذين فازوا ببطولة الدورى في موسم 72-73 بفارق نقطة واحدة عن الزمالك
انطلقت المباراه في الساعة الثانية والنصف ظهرا، أي بعد موعد عبور القوات المصرية لخط القناة بنصف ساعة فقط.كان اللقاء يسير بشكل طبيعي حتى لاحظ لاعبو المحلة أن جماهيرهم تهتف لفريق الطيران ولاعبيه دون سبب يذكر خلال الشوط الأول.
الأمر لفت أنظار جميع من في أرض الملعب ودفعهم للسؤال عن السبب بين شوطي اللقاء، فالفريق لا يلعب بشكل سيء والنتيجة مازالت تشير للتعادل السلبي.. والإجابة كانت صادمة..!
جمهور المحلة سمع في "الراديو" بيان الإذاعة بصوت الاعلامى القدير حلمى البلك والاعلامى الراحل يحيي عبد العليم عن بداية المعركة وعبور الجنود المصريين خط القناة فهتفوا بالنصر ولنادى الطيران ، تحية لدور الطيران الحربي في المعركة والضربة الجوية الأولى.
لم يتحدث لاعبو الفريقين عما سيفعلونه في الشوط الثاني إنما تفرغوا فقط للدعاء للجنود في المعركة، واتفق حكم المباراة إبراهيم الجويني مع لاعبي الفريقين على استكمال المباراة احتراما للحضور من الجماهير.
أدى الفريقان الشوط الثاني بطابع ودي وانتهى اللقاء بالتعادل الايجابى، لتهتف الجماهير الحاضرة في المدرجات للفريقين.
ذكريات تلك المباراة مازالت تسكن ذاكرة لا عبى المحلة والطيران كأن احداثها أقيمت بالأمس.. فالمباراة أقيمت في ظروف طبيعية جدا فى ظروف طبيعية جدا ولم يكن لدى أى شخص داخل أرض الملعب علم بأن هناك حرب فى سيناء، حيث تقدم نادى الطيران بالهدف الأول وتعادل عمر عبد الله للمحلة بعدها بخمس دقائق، مشيرا إلى أن المباراة كانت تسير بشكل طبيعى حتى فوجئ الجميع بفرحة عارمة بمدرجات استاد الترسانة على عكس سير أحداث اللقاء.
حنفى هليل نجم المحلة وقتها يتذكر هتاف "الله أكبر" الذى رددته جماهير غزل المحلة، عكس أحداث سير اللقاء، لكن اللاعبين دخلوا فى وصلة رقص هيستيرية فرحا بعبور الجيش المصرى لقناة السويس واسترداد الأرض.
في مساء هذا اليوم اجتمع اتحاد الكرة وقرر إلغاء المسابقة ووقف النشاط الكروي في مصر للتفرغ للمعركة، ولم يستأنف الدوري المصري إلا في الموسم التالي.
هكذا كانت الرياضة المصرية وكرة القدم حاضرة في المعركة وجزء من خطة الخداع الكبرى للعدو الإسرائيلي بمباراة في كرة القدم بين المحلة والطيران لن تنساها الذاكرة المصرية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة