قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن الوفاء لدماء الشهداء يقتضى السير على دربهم فى الحفاظ على الوطن وفِى مواجهة أهل الشر، وفِى مواصلة مسيرة البناء والتعمير، وفِى تفويت الفرصة على دعاة الفوضى وأصحاب الصفحات الوهمية المأجورة.
جاء ذلك خلال خطبة الجمعة اليوم مسجد الشهيد رقيب أول مصطفى أحمد مصطفى بمحور المحمودية بمحافظة الإسكندرية، والذى افتتحه الوزير واللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية بحضور المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ، والدكتور سامى عبد العزيز عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، والدكتور هشام عبد العزيز على أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والشيخ محمد خشبة مدير مديرية أوقاف الإسكندرية ، وأكثر من ثلاثين طالبًا وافدًا من مختلف دول العالم ولفيف من القيادات الدينية والتنفيذية بمحافظة الإسكندرية .
وأكد جمعة، أن مكانة الشهيد على مر العصور مكانة عظيمة دينيًّا وروحيًّا وإنسانيًّا ، حتى رأينا الشاعر العربى الأصيل يذكر أن أيام الشهداء هى أيام التاريخ والتاريخ الحقيقى والفخار الحقيقى، حيث يقول :
يوم الشهيد تحية وســــلامًا
بك والنضال نؤرّخ الأياما
وتابع جمعة: "أما المنزلة الدينية فيكفى أن الحق سبحانه وتعالى قرن فى كتابه العزيز بين منزلة النبيين ومنزلة الشهداء والصديقين فقال سبحانه : "وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا" ، وبين سبحانه أن الشهادة إنما هى منحة واصطفاء واجتباء ، فقال (عز وجل) : "وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ".
واستطرد وزير الأوقاف: "فالشهداء ليسوا أمواتًا إنما هم أحياء عند ربهم يرزقون، ويكفى الشهيد منزلة أن ذنوبه تكفر بأول قطرة من دمه، وأن الشهداء يتمنون لو عادوا إلى الدنيا ليستشهدوا فى سبيل الله مرة أخرى لما رأوا من عظيم منزلة الشهادة حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : " مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَىْءٍ غَيْرُ الشَّهِيدِ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ "، وعن سيدنا جابر بن عبد الله (رضى الله عنهما) قال : لما قُتل عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أُحد , قال لقينى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , فقال : يا جابر , مالى أراك منكسراً ؟ قلتُ : يا رسول الله استشهد أبى وترك عِيالًا ودَيْنًا , قال : أفلا أبشِّرك بما لقى الله به أباك ؟ قلت : بلى يا رسول الله , قال : "ما كلَّم الله أحداً قطُّ إلا من وراء حجاب , وكلّم أباك كِفاحًا , فقال : يا عبدى تمنَّ على أُعطِكَ , قال : يا رب تُحيينِى فأُقْتَل فيكَ ثانيةً , فقال الربُّ سبحانه : إنه سبق مِنِّى أنهم إليها لا يرجِعُون ، قال : يا رب , فأبلِغْ مَنْ ورائى , قال : "فأنزل الله تعالى : ولا تحسبنَّ الذين قُتِلُوا فى سبيلِ الله أمواتاً , بل أحياءٌ عند ربهم يُرزَقُونَ" .
وتابع جمعة:"ومن الناحية الوطنية والإنسانية فإن الأوطان العظيمة هى تلك التى تحتفى بتاريخ شهدائها ، وتظل تؤرخ لهم وتذكرهم بما يستحقون من الفضل والعزة والشرف ، وتعتنى بأسرهم وأبنائهم وذويهم على شاكلة ما تقوم به مصرنا العزيزة فى إكرام أسر الشهداء وأبنائهم ، فالدول العظيمة هى التى تُعنى بتاريخها وتاريخ أبنائها العظماء" .
واختتم وزير الأوقاف:"لكن علينا أن نتعلم من دروس الشهادة حب العطاء للوطن والاستعداد للتضحية فى سبيله ،فلا نتعامل مع أوطاننا بمنطق النفعية المقيتة ، على نحو ما كان من تعامل المنافقين مع أوطانهم، حيث يقول الحق سبحانه : " وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِى الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ "، ويقول سبحانه : " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ " .
التعامل مع الوطن هو لون من رد الجميل والاعتراف بالفضل له ، ولله در شوقى حيث يقول :
وللأوطان في دم كل حر
يد سلفت ودين مستحق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة