نظرة سريعة على مسارات انتخابات مجلس النواب بمرحلتيها الأولى والثانية، تكشف عن عدة نقاط لافتة، أولها أن جمهور الناخبين ذهب فى الكثير من الدوائر بكثافة، ليسقط نوابا رأى أنهم لم يقدموا أى جهد فى دوائرهم خلال البرلمان الحالى، وبالفعل فقد عدد من النواب مقاعدهم، خاصة هؤلاء النواب الذين مثل وجودهم استفزازا مضاعفا بسلوكهم المتحدى والفوضوى والذى يمثل اعتداءً على القانون.
لقد سادت فى بداية الانتخابات مقولات أن هناك نوابا سوف يفوزون بالرغم من أنهم لا يحظون بتأييد، بل إن بعض هؤلاء الخاسرين روجوا أنهم سوف يفوزون رغما عن الجميع، لكن التصويت هو ما أخرجهم، ومن شهادات المعلقين الطبيعيين فإن خسارة الفاشلين هى مكسب للعملية الانتخابية.
وفى المقابل انتقل عدد آخر من النواب إلى جولة الإعادة، راهن البعض أو توقع أن يخسروا، لمجرد أنهم معارضون أو أصحاب آراء مختلفة، ومع هذا وصلوا لجولة الإعادة ومنهم من يمكنه تحقيق الفوز، فى تأكيد على أنه لا تدخل فى عملية الفرز أو التصويت، وسوف يكمل هؤلاء السباق فى الإعادة، ليفوز منهم من يمكنه مواصلة التنافس.
وفى نفس الاتجاه، فقد فاز مرشحون شباب يخوضون الانتخابات لأول مرة، على مقاعد فردية، وفى دوائر تشهد منافسات، بل وفاز هؤلاء فى مواجهة مرشحين أنفقوا كثيرا وخسروا أو وصلوا للإعادة، مع الأخذ فى الاعتبار أن المقاعد الفردية بالفعل أكثر سخونة وصعوبة.
كل هذه المؤشرات تقدم شهادة على أن أصوات الناخبين كانت هى الفيصل فى السباق الانتخابى على المقاعد الفردية، وأنه فى حالة تضاعف المشاركة يمكن أن تصبح النتائج تمثيلا لإرادة الجمهور بالفعل، وبالتالى فإن النتائج تعكس بدرجة كبيرة حركة الأصوات، وتشهد بنزاهة الانتخابات، وتشجع الناخبين على التصويت بكثافة فى جولات الإعادة لشعورهم بأن أصواتهم لها قيمة وتمثل أمرا حاسما.
وفيما يتعلق بالقوائم، فقد كان من الصعب لكل هذه الأعداد من الأحزاب أن تتقدم بقائمة لكل منها، وعليه فإن صيغة التحالف الانتخابى يمكن أن تمثل خطوة مهمة فيما يتعلق بالتنافس، وقد سمحت «الكوتة» بتمثيل أوسع للمرأة والشباب والأقباط، بصورة لم تكن ممكنة فى السابق.
من هنا فإن نظرة سريعة على سير الانتخابات، تشير إلى توفر عناصر النزاهة فى المنافسة، مع ضرورة مواجهة المرشحين الذين تجاوزوا فى الإنفاق أو خالفوا قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات، ومع هذا فقد خسر عدد كبير من المرشحين بالرغم من أنهم أنفقوا كثيرا وحاول بعضهم استخدام المال، وهى ظاهرة بالفعل يصعب مراقبتها أو ضبطها بشكل تام، لكن التصويت كثيرا ما يأتى عكس اتجاه المال، فقد فاز شباب أو نواب سابقون فى مواجهة أباطرة أنفقوا كثيرا.
هناك ضرورة لقراءة سير العملية الانتخابية، وحركة التصويت والنتائج، والتى تشير كلها إلى أهمية أن تتسع دائرة التنوع، فى حين وصلت الدولة إلى استقرار يستوعب التنوع، وأدوار أكبر للمجالس النيابية، والتى تمثل ظهيرا تشريعيا ورقابيا للدولة.