أرادت الملكة فريدة إطلاع السفارة البريطانية فى القاهرة على تفاصيل ما جرى معها ساعة طلاقها من الملك فاروق، وكانت الأميرة «سميحة حسين» ابنة السلطان حسين كامل «سلطان مصر من 19 ديسمبر 1914 - 9 أكتوبر 1917»، ووالدة وحيد يسرى باشا هى من قامت بهذه المهمة، حيث دعت المستشار الشرقى فى السفارة السير «والتر سمارت» لتنقل على لسان «الملكة» تفاصيل ما وقع لها، حسبما يؤكد محمد حسنين هيكل فى كتابه «سقوط نظام» عن «دار الشروق - القاهرة».
كانت الشائعات انتشرت عن قرب وقوع الطلاق بين الزوجين، بعد حياة بينهما بدأت بعقد القران فى 20 يناير 1938«كان فاروق عمره 18 عاما»، وحسب الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «فاروق وسقوط الملكية فى مصر» عن «مكتبة مدبولى - القاهرة»: «لم يأت منتصف نوفمبر 1948 إلا وانتشرت الشائعات عن قرب الطلاق، واختار فاروق الوقت الذى تموج فيه مصر بالانفعالات لحرب فلسطين ومشاركة الجيش المصرى فيها، أيضا حرص على أن يكون طلاق أخته «الأميرة فوزية من شاه إيران محمد رضا بهلوى» حتى يمتص غضب الشعب الذى يخشاه، ويؤكد هيكل: «ظهر فيما بعد أن الاختيار كان مقصودا بتصور أن الأحداث الكبيرة الجارية فى تلك الظروف كافية لتغطى على أخبار الطلاق الملكى وتحشر موضوعه فى زحام الأحداث».
فكرت «فريدة» أن تعرف السفارة البريطانية بما يتم فى موضوع طلاقها، فتمت مقابلة الأميرة سميحة حسين مع «والتر سمارت»، الذى كتب تقريرا عن هذا اللقاء رفعه إلى حكومته فى لندن، مشيرا إلى أن سموها أبلغته بالتفاصيل، نقلا مباشرا عن الملكة، وحسب هيكل، نص التقرير «484 /6/ 553» على ما يلى: «يوم 10 نوفمبر، مثل هذا اليوم عام 1948، طلب نجيب سالم «باشا» مدير الخاصة الملكية مقابلة الملكة فريدة على وجه الاستعجال، وأبلغته بأنها على استعداد لمقابلته على الفور فى جناحها الخاص، وجاء نجيب باشا ومعه ظرف سلمه للملكة، وكانت فيه ورقة طلاق، وقال لها إن جلالة الملك يعطيها مهلة شهرا لكى تجد لنفسها مكانا تقيم فيه وتخرج من القصر الملكى، وأبلغها أن الملك سوف يحتفظ بحضانة البنتين الأكبر «فريال وفوزية»، لكن الأصغر وهى «فادية» ستظل فى حضانتها هى حتى تبلغ سن التاسعة، وستتكفل الخاصة الملكية بكل نفقاتها، وهذه النفقات تشمل كل ما هو لازم لأميرة ملكية من الحضانة والتربية والتعليم والخدمة، وهذه إضافة مستقلة عن التسوية المالية مع الملكة نفسها عقب الطلاق».
ونقلت الأميرة «سميحة حسين» إلى السير «والتر سمارت» بالنص: «إن الملكة فريدة شكرت نجيب سالم على إبلاغها بهذه الأخبار، ولاحظت حرجه وهو يقوم بمهمته، ورجته هى إبلاغ الملك بأن يهتم برعاية البنات حتى لا يتحولن إلى «بغايا مثل عماتهن»، يضيف التقرير: «خرج سالم مهرولا من جناح الملكة، لكن أنتونى بوللى «بك» مدير الشؤون الخاصة للملك، ما لبث أن وصل إلى جناحها مهرولا يقول إنه يريد جلالتها لكلمة واحدة، وهى أنه يحمل رسالة ذات طابع سرى من الملك، وهى أن جلالته يريد منها أن تسلم التاج الذى كان فى عهدتها، وأن تسلم أيضا كل المجوهرات التى تلقتها منه عند الزواج أو فى مناسبة الزواج، لأن تلك كلها متعلقات ملكية».
يضيف التقرير: «ردت فريدة بأنها ستسلم التاج الآن، وأنها تريد لفت نظره إلى أن هناك ماسة ضائعة فيه، وأنها تتكفل بشراء بديلة لها توضع مكانها، ثم قالت إنه بالنسبة للهدايا التى جاءتها من الملك عند الزواج أو فى مناسبته، فتلك أشياء تملكها هى الآن»، وأبلغها «بوللى» أن جلالة الملك مصمم على طلبه، وقامت فريدة غاضبة وجاءته بكل ما كان عندها قائلة له: «إنه عندما تهدأ أعصاب فاروق فإنها تريد أن تجلس معه على انفراد لحديث طويل».
وطبقا للتقرير: ذكرت الأميرة سميحة حسين أن فاروق كان قد أطلق اسم فريدة على «تفتيش زراعى» ملكه مساحته 1700 فدان، وسماه «الفريدية»، لكنه لم يتخذ بعد «الاسم» أى إجراءات، ومن الظاهر أن هذا التفتيش سيضيع على الملكة، كذلك أشارت الأميرة «سميحة» إلى أن الملك كان قد أهدى إلى الملكة «فريدة» قصرا قدمه له ابن عمته «محمد طاهر باشا» وهو قصر الطاهرة، لكن فاروق لم ينقل «عقد الهبة» إليها، وظهر أن هدية ابن عمته موثقة، أما هديته إلى زوجته فقد كانت شفهية، وبذلك فإن الملكة ستخرج بأقل القليل بعد إتمام الطلاق.
وفى يوم 19 نوفمبر عام 1948 وفقا للطيفة سالم: «صدر بلاغ رسمى من البلاط الملكى عن طلاق فاروق لفريدة، وشاه إيران لفوزية».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة