كانت الساعة الحادية عشرة مساء يوم 13 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1967، حين بدأت مهمة الأبطال الثلاثة، نقيب بحرى محمد عالى نصر، ونقيب بحرى إسلام توفيق قاسم، ورقيب بحرى محمد غلوش، كان الثلاثة ضمن مجموعة يقودها المقدم إبراهيم الرفاعى، كونتها المخابرات الحربية، بقيادة اللواء محمد أحمد صادق، بعد نكسة 5 يونيو 1967، بهدف تنفيذ عمليات نوعية ضد العدو وخلف خطوطه، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد الشافعى فى كتابه «حكاية المجموعة 39»، مضيفا: «بدأ تشكيل هذه المجموعة بانضمام النقيب طبيب بحرى محمد عالى نصر، من لواء الوحدات الخاصة بالقوات البحرية، وذلك فى سبتمبر 1967 إلى إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع للعمل مع المقدم إبراهيم الرفاعى»، يضيف «الشافعى»: «فى إبريل 1968 انضم الرائد عصام الدالى، من مجموعة الصاعقة، إلى مجموعة الرفاعى، ثم توالى انضمام الضباط وضباط الصف، سواء من القوات البحرية أو من قوات الصاعقة، حيث انضم إلى الرفاعى النقيب بحرى إسلام توفيق قاسم، والملازم أول حسنى صلاح الدين».
يؤكد «الشافعى»، أن أعمال هذه المجموعة توسعت عندما أمر اللواء صادق بتكوين «فرع العمليات الخاصة» فى إدارة المخابرات الحربية بقيادة الرفاعى أيضا، والذى قاد فيما بعد «المجموعة 39 قتال» وتأسست يوم 24 يوليو 1969، واستمر دورها البطولى حتى 25 إبريل 1974.
جاءت عملية «13 نوفمبر 1967» بعد خمسة شهور وأيام من نكسة 5 يونيو 1967، وذلك بعد معلومات لإحدى نقاط دوريات الاستطلاع التى تعمل خلف خطوط العدو، وفقا لمذكرات الفريق صادق، ويكشف فيها: «لاحظتْ نقطة المراقبة أن العدو قام بتجميع عدد من المواسير، يحيطها بأكياس رمل، بعد أن نشرها على طول خط المواجهة بمنطقة شرق القناة، ورغم المراقبة الشديدة لم تستطع أن تميز ماهية هذه المواسير، وأسباب نشرها على امتداد خطوط المواجهة، وكنا استنتجنا أنها قد تكون قواذف صواريخ، ولكننا كنا نريد تأكيد هذا الاستنتاج، فتقرر إرسال دورية لاكتشاف حقيقة هذا السلاح ومحاولة إحضار بعضها لفحصها».
يذكر «الشافعى»، أن اللواء صادق كلف المقدم إبراهيم الرفاعى قائد فرع العمليات الخاصة بالمهمة، وبعد دراسة الموقف اختار الرفاعى ثلاثة من الأبطال للقيام بها، وهم، نقيب طبيب بحرى محمد على نصر، ونقيب بحرى إسلام توفيق قاسم، ورقيب بحرى محمد غلوش، يضيف: «قبل تنفيذ المهمة، تمت عملية استطلاع دقيقة للجبهة، لتحديد أفضل الأماكن التى يمكن عبور القناة منها، والوصول إلى هذه الصواريخ، وتم اختيار جنوب البحيرات كأفضل مكان للعبور».
فى مساء 13 نوفمبر 1967، تحرك الأبطال الثلاثة فى الساعة الحادية عشرة تماما، ونزلوا إلى مياه القناة، يؤكد «الشافعى»: «حاولوا العبور غطسا، لكن سرعة التيار حالت دون ذلك، فعبروا سباحة رغم خطوة ذلك عليهم، ورغم برودة المياه فى ذلك الوقت، وبعد وصولهم إلى الضفة الشرقية للقناة، تحركوا بهدوء وحذر حتى وصلوا إلى تلك الصواريخ المنصوبة على طول القناة».
كانت المفاجأة لهم أن هذه الصواريخ موصولة بأسلاك كهربائية، وأن أى قطع فى الدائرة الكهربائية سيعمل فورا على إطلاقها، يؤكد الشافعى: «بعد دراسة الموقف، تمكنوا من عمل توصيلة إضافية من السلك حتى لا تنقطع الدائرة وتنطلق الصواريخ، فيكتشف العدو أمرهم، وعندما نجحوا فى فك أول صاروخ، انفتحت شهيتهم، وقرروا فك صاروخين آخرين، ليعود كل واحد منهم بصاروخ، وبالفعل عادوا بالصواريخ الثلاثة، وقام خبراء السلاح فى القوات المسلحة بفحصها، واكتشفوا أنها صواريخ كهربائية، تزرع بطريقة خاصة فى اتجاه قواتنا، حيث يتم إطلاقها بشكل فورى عند حدوث أى عبور إلى الضفة الشرقية، كما اكتشف خبراء السلاح أن هذه النوعية من الصواريخ مضادة للدبابات والعربات المدرعة».
يؤكد الفريق صادق: «أبلغنا جميع قواتنا بماهية هذا السلاح، ما مكننا من معرفة خواصه لتجنبه، أما إدارة المخابرات الحربية، فاستثمرت هذه الفكرة وعملت على تصنيع هذه القواذف الصاروخية وتطويرها واستخدامها فى تسليح مجموعة العمليات خلف خطوط العدو، كما أنها سلحت الفدائيين الفلسطينيين به، وواصلنا تطويره حيث كان العدو يستخدم عيار 81 ملليمترا، فوصلنا بها إلى 130 ملليمترا».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة