خسائر متتالية وتراجع في الشعبية وإنحصار للنفوذ . هكذا حال جماعة الإخوان في المملكة الأردنية، بعد هزيمتهم في انتخابات مجلس النواب الأردنى التى جرت قبل أيام، وخسارتهم 5 مقاعد بالبرلمان القادم. رغم أمتلاكها الأذرع الاقتصادية والاجتماعية.
وأدلى مليون و387 ألفا و673 ناخبا، الثلاثاء الماضي، بأصواتهم في انتخابات شاركت فيها الحركة الإسلامية ومرشحون يمثلون عشائر أردنية كبرى ومستقلون وعدد من اليساريين، إضافة إلى عدد كبير من رجال الأعمال.
وشهدت هذه الانتخابات إقبالا ضعيفا على التصويت، بنسبة 29,9%، بينما بلغت في الانتخابات السابقة 36%.
وتنافس 1674 مرشحا بينهم 360 سيدة على مقاعد مجلس النواب الـ130 والتي يخصص 15 مقعدا منها للنساء.
خسارة فادحة للإخوان
من جهته، قال الدكتور حسن المومني ، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأردنية ، أنه لا شك أن الانتخابات النيابية الأردنية جرت هذه الدورة على خلفية مجموعة من التطورات والمؤثرات أهمها موضوع تفشى فيروس كورونا والذى بطبيعة الحال اثر اقتصاديا واجتماعيا وصحيا على الأردن
وأوضح الدكتور المومني فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن هذه الانتخابات جرت في ظروف صعبة ما أدى إلى انخفاض نسبة المشاركة، حيث كانت نسبة المشاركة (30%) في المدن الكبيرة مثل عمان والزرقاء ، أما المحافظات كانت مشاركة واسعة تفاوتت بين 50% و 60% .
وأشار إلى أن نتيجة هذه الانتخابات، إلى أن المرشحين المستقلين والقواعد العشائرية والقبلية هى التى فازت بمعظم مقاعد البرلمان الأردنى. غير أنه كان هناك مشاركة كبيرة من الأحزاب السياسية بما فيها جبهة العمل الإسلامى والتي تعتبر قاعدتها الانتخابية جماعة الإخوان، والتى دخلت فى قائمة الإصلاح، وكانت المفاجأة أنهم فازوا بـ 10 مقاعد فقط رغم أنهم كانوا يحتفظون بـ15 مقعدا فى البرلمان السابق، وهذا مؤشر واضح على تراجع شعبية جماعة الإخوان فى الأردن وعدم قدرتهم على تحقيق مكاسب من حيث المقاعد النيابية.
وأوضح الدكتور المومني أن المدن الكبرى كعمان والزرقاء واللذان من المفترض أن لجبهة العمل الإسلامى وجماعة الإخوان حضور كبير بهما، إلا أنهما لم يستطيعا تحريك الشارع للذهاب للانتخاب وهذا واحد من المؤشرات الرئيسية على إنحسار نفوذهم رغم امتلاكهما للأذرع الاقتصادية والاجتماعية.
أسباب أخرى لخسارة الأخوان
من جهته يرى، الأستاذ الدكتور هانى أخوارشيدة، عميد معهد بيت الحكمة جامعة آل البيت بالأردن، أن هناك عدة اسباب لخسارة جماعة الإخوان في الانتخابات النيابية، أهمها ظهور نخبة من الجماعة ليست على تماس مع هموم الشارع اليومية حتى الاستثمارات بمليارات فى تركيا، وأيضا كونهم لم يخرجوا عن خطابهم التقليدى الذى يخلط السياسة في الدين، فضلا عن سياسة الأقصاء لمن هو ليس من جماعة الإخوان.
ويرى الدكتور أخوارشيدة، أن من أسباب سقوط جماعة الاخوان فى الانتخابات النيابية، بث خطاب كراهية مموه تجاه الديانات الأخرى، فضلا عن ظهور شخصيات وسطية وتحمل خطابا اسلاميا تنويريا حلت محلهم.
ويرى أيضا أن جماعة الإخوان وضعت الحكومة الأردنية في أحراجات في العلاقات مع الدول الأخرى مثلما يجري في سورية وليبيا وأرمينيا وأذربيجان ،بمعنى ارتباطهم في المشروع الدولي لجماعة الاخوان وبعدهم عن الشأن المحلي
خسارة الإخوان العنوان الأبرز للإنتخابات النيابية
من جهته، قال عمر رداد، محلل سياسى أردنى ، أنه بالرغم من تدني نسبة الاقتراع التي اسهمت بها ظروف كورونا والظروف الاقتصادية الصعبة بالدرجة اولى" نسبة الاقتراع بلغت 30%" إلى جانب أسباب أخرى مرتبطة بتراجع الثقة بالمجالس النيابية، ونوعية المرشحين وفقدانهم لبرامج شعبية تحظى بقبول لدى الناخبين، ألا أنها تعتبر نسبة مقبولة بالحدود الدنيا.
وأوضح فى تصريحات لـ"اليوم السابع" أن الانتخابات النيابية أفرزت متغيرات ذات دلالة بتركيبة المجلس حيث نجح حولي 100 عضو يدخلون المجلس لأول مرة، من أصل 130 عضوا يشكلون مجموع أعضاء مجلس النواب، الأعضاء الجدد الذين دخلوا المجلس غالبيتهم من العناصر الشبابية، فيما كان واضحا غياب الأحزاب السياسية باستثناء حالات فردية لم تخض الانتخابات على أساس حزبي ، بل على أسس عشائرية وهي التي شكلت السمة العامة لهذه الانتخابات .
وأوضح أن العنوان الأبرز في هذه الانتخابات كان الفشل الذريع الذي منيت به جماعة الاخوان المسلمين، والذي شكل صدمة للإخوان وللمتابعين للشؤون الانتخابية، بفقدانها 7 مقاعد اذ حصدت فقط 9 مقاعد بعد أن كانت حصتها في المجلس السابق 16 مقعدا، فيما كان عدد مرشحي الجماعة 84 مرشحا بين اعضاء وحلفاء للجماعة.
ولفت إلى أن هذه الخسارة الإخوانية رغم أنها فاجأت قيادة الإخوان ، إلا أن هذه القيادة سارعت لتصدير خطاب يتضمن مفردات من قاموس قديم متجدد، يعتمد حشد تبريرات غير موضوعية تتضمن مفردات معلبة، حول ملاحظات نقدية للقانون الانتخابي، وهو نفسه القانون التي خاضت الجماعة الانتخابات على اساسه عام 2016، وظروف كورونا وتداعيات الازمة الاقتصادية في الاردن، والتضييق على مرشحي الجماعة من قبل الحكومة خلال الحملات الانتخابية.
وأوضح أنه لم تعترف قيادة بالأسباب الحقيقية لهذا الفشل الذي جاء لأسباب من بينها: الانشقاقات التي تشهدها الجماعة منذ سنوات بحكم سيطرة تيار التشدد عليها، الإصرار على خوض الانتخابات بوجوه تقليدية يخوض بعضها الانتخابات منذ عام 1989، فضلا عن أن لفشل بهذه الانتخابات جاء محطة في مسلسل فشل متواصل للإخوان في النقابات المهنية والاتحادات الطلابية، ثم الأخطاء القاتلة لدى مسؤولي الحملات الإنتخابية حول تقدير شعبية مرشحيهم دون الأخذ بالمتغيرات التي عصفت بالأردن، والفشل الذي كان عنوانا لكتلة الاصلاح الإخوانية في المجلس السابق ،حيث مررت الكتلة قرارات غير شعبية مرتبطة بالضرائب وتخفيض الأجور والرواتب.
وأشار إلى أن السنوات الأربع الماضية ، شهدت غيابا للجماعة في الشارع بما في ذلك الغياب عن الحراكات الشعبية، التي شهدتها المحافظات ومناصبتها العداء ومحاولة الالتفاف عليها، ويشار بهذا الخصوص الى موقف الاخوان المسلمين من اعتصامات المعلمين، التي تقودها نقابة للاخوان حضور فاعل فيها، وما تردد حول صفقة ابرمت مع الحكومة للاطاحة بحراكات المعلمين.ان خسارة الاخوان المسلمين جاءت ضمن خسارة قوى تقليدية اخرى للانتخابات وخاصة تلك التي تنتمي للاحزاب السياسية بيسارها ويمينها.