أكرم القصاص - علا الشافعي

هند أبو سليم

إلى من عضتهم الغيمة

الإثنين، 16 نوفمبر 2020 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اشتكى طلاب أستاذ زياد خداش له طريقته في التعليم، إذ كيف له ان يشحذ خيالهم ويفرد لهم سجادة الاساطير والخيالات ليسافروا عليها في كل حصة لهم معه؟!!!
اشتكوه وأخبروه أن أهلهم سيقدمون فيه شكوى في الوزارة.. فهم لا يستطيعون أن يعودوا لطرق التعلم قبله، فلا حفظ يحفظون، ولا تكرار يكررون، ولا موافقة عمياء يوافقون.
 
إذ كيف له أن يعلمهم أن يمدوا يدهم أو يرفعوا وجوههم للغيمة لتعضها وتأخذ همومهم..؟!!
 
كيف له أن يعلمهم أن يحضروا صخورا كبيرة ليحتضنوها و يشموها ويرتبطوا معها في يوم الأرض..؟!!!
 
كيف له أن يقف معهم على مكاتب دراستهم و ان يرفع ذراعيه معهم محاولة للوصول الى السماء؟!!!
 
كيف له أن يحدثهم بلغة عربية فصحى سليمة يتغناها كموسيقى في آذانهم؟!!!
 
كيف له أن يعلمهم أن الاعتراض حق وثقافة في عالم يعترض الاعتراض؟!!!
 
كيف له أن يرتدي ثوب المقاومة كل يوم مع قهوة الصباح، يقاوم نظرات زملائه وتعليقاتهم المستهجنة، يقاوم مؤسسة التعليم التي تطالب بأسلوب تعليم موحد لكل التلاميذ، يقاوم الاهالي الذين يرونه مجنونًا.. والأهم يقاوم الأيادي السوداء التي تسحب طلابه الصغار للقاع..؟!!!
 
كيف له أن يكون من المصطافين الذين اكتشفوا أن العقل ليس وعاء يجب ملؤه.. ولكنه نار ينبغي إيقادها؟!!!
 
كيف سمح لنفسه بأن يرفض القديم البالي الذي كان يوما ما مستحدثا. وأن يبحث عن مستحدث يحمل شمعة جديدة كل يوم، وأن ينير درباً جديداً كل يوم؟!!!
 
كيف يفعل بهم كل هذا، ثم يعود ويرميهم في قعر ضحل واقع الفصول المزدحمة وعقول المدرسين المعتمة، وهذا المجتمع الذي يبحث عن مواطنين بلا ملامح، فالمطلوب ان يشبه الكل..... الكل؟!!!
 
سيادتي سادتي:
 
أستاذ خداش لم يعلم في مدرسة ذات لغة أجنبية ومصاريف جهنمية.. بل مدرسة عادية من آلاف المدارس المنتشرة في وطننا العربي.
 
استاذ خداش لم يحتج ألواح رقمية لرسم صور المستقبل في خيالات طلابه.. بل هو استخدم مصدر الألواح الرقمية وهي عقولهم ليشحذ سبب اختراع الألواح الرقمية إلا وهو خيالهم.
 
أستاذ خداش لم يستسلم للقيود التي تكبل أقدامه لكي يشبه من سبقوه ومن يحضروه.
 
أستاذنا الكريم اعتبر مهنة التعليم نبوة وأمومة..
نبيٌ لا يريد لرسالته أن تنتهي برحيله، فيغرسها في قلوب ووجدان طلابه كل لحظة.. كل يوم.
 
وأمٍ لا تنتظر من أبنائها مردودا.. فجل سعادته في رؤية طلابه يكبرون بتلك الشعلة من الجنون والحماس والحب والرغبة.
 
أعزائي وزراء التربية والتعليم في مختلف بقاع وطننا العربي:
لا يهم شكل مبنى المدرسة، وتكاليفه الباهظة، طالما أربع جدران وسقف.. فخيال التلاميذ سيرسم رحلاً صيفية للمريخ، ومصانع نظيفة لإنتاج غيوم ملونة.. وأشياء أخرى لا أدركها أنا أو أنتم.
لا يهم كم الأدوات الإلكترونية المستحدثة.. فالتلاميذ يستطيعون أن يصنعوا كائنات أسطورية ما بين طائر عنقاء والرجل الحديدي فقط بخيالهم ومواد أولية..
لا يهم جنسية المدرسة ونوعية شهادتها... فكما قال أحمد نعمان: تعليم اللغات الأجنبية واجب، والتعليم باللغات الأجنبية جريمة حضارية وقومية.
 
ما يهم فعلا: 
هو ذلك الفلاح الذي يزرع في أطفالنا كل يوم بذرة...
هو ذلك الراعي الذي يرعى صغارنا كل يوم تحت شمس أفكاره وظلال مبادئه.
هو ذلك الطبيب الذي يعالج متاعبهم الصغيرة يومياً
هو ذلك المهندس الذي يهندس معهم دروب مستقبلهم
هو ذلك القاضي العادل الذي يؤكد بعدله كل يوم على ان الحق ابلج و الباطل لجلج.
هو ذلك المعلم 
وعلى مر الحضارات السابقة التي انارت العالم كان لقب المعلم  من اعلى الالقاب..... 
 
إذن:
على المعلم ان يكون العامل الاول بفارق مراحل كثيرة عن العوامل الأخرى في الاستثمار في التعليم.. فوجود معلم جيد شيء مكلف، ولكن وجود معلم سيئ أكثر تكلفة.
 
شكراً
 
ملحوظة: فيروس كورونا أثبت لنا أهمية المعلم في حياة أطفالنا، وعدم قدرتنا الواضحة الجلية على القيام بما يقومون به من سحر يومي.
 
آخر الكلام:
"بعض الناس يرون الأشياء كما هى ويتساءلون لماذا، وآخرون يحلمون بأشياء لم تكن أبداً ويتساءلون لم لا!"
جورج برنارد شو
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة