أخبوط من الفساد تمتد أذرعة لتنخر عظام الدولة التركية، هكذا شكلت نفقات المؤسسة العسكرية التركية أحد أوجه الفساد داخل النظام، بسبب اقتصاد موازى ونفقات ضخمة وأصبحت المؤسسة العسكرية التركية دولة داخل الدولة، فضلا عن استنزافها خزانة النظام فى مغامراتها العسكرية الخارجية وانتهاكاته فى سوريا والعراق، فى وقت ينهار فيه القطاع الاقتصادى وتتهاوى قمة الليرة وترتفع نسبة البطالة والفقر.
وبحسب تقارير تشكل ميزانية الدفاع التركية أكبر بند في الميزانية مقارنة مع غيرها من القطاعات، إذ تبلغ 145 مليار ليرة (19.7 مليار دولار) في ميزانية عام 2020، وهو ما يمثل حوالي 13% من إجمالي ومع إضافة العلاوات الممنوحة لشركات الدفاع الممولة من القطاع العام مثل "أصيلسان" و"روكيتسان" و"توساش" و"هافيلسان" و"تاي" والأموال الممنوحة لرئاسة الصناعات الدفاعية التركية يرتفع الإنفاق إلى 273 مليار ليرة أى ما يعادل أكثر من 25% من الميزانية الوطنية.
وتستحوذ القوات المسلحة التركية على جزء كبير من الاقتصاد حيث دخلت فى علاقات وثيقة مع الشركات الرائدة في عالم الأعمال وعائلاتهم وأسماء مقربة منهم.
وفى عام 1961 أسس الجيش التركى مجموعته الاقتصادية "أوياك" وكانت فى البداية من اقتطاع نسبة 10% من رواتب الضباط العاملين فى الجيش، لكن اصبحت بمثابة دولة داخل الدولة، أجرت اتفاقا مبدئيا في أغسطس الماضي لشراء شركة «بريتيش ستيل» عملاق الصلب البريطاني ولا تزال المفاوضات جارية.
ويمتلك الجيش التركي أسهم فى 60 شركة تعمل بكافة المجالات من السيارات إلى إنتاج الشيكولاتة.
ويمتلك الجيش التركي العديد من الأراضي القيمة والمنشآت السياحية في العديد من الأماكن في تركيا، بجانب أنشطته التجارية، وفي السنوات الأخيرة، استولت إدارة أردوغان على بعض الأراضي التي يملكها الجيش في مراكز المدن واستخدمتها في مشاريع عقارية بقيمة مليار.
ويشكل الإنفاق العسكري المتزايد في السنوات الأخيرة عبئا ثقيلا على خزينة الدولة في تركيا، الأمر الذي فاقم من المشكلات الاقتصادية التي تعيشها البلاد أصلا في ظل انهيار العملة المحلية وتفشي فيروس كورونا.
ويتجاهل البرلمان الإنفاق العسكري التركي فضلا عن ذلك فإن الإنفاق العسكري المتزايد للدولة يشهد تعتيما غير مسبوق من سائل الإعلام المحلية.
وتتدخل تركيا عسكريا في العديد من دول المنطقة، من بينها سوريا والعراق، كما أنها تورطت مؤخرا في ليبيا من خلال دعم ميليشيات طرابلس، فضلا عن مناوراتها المتواصلة شرقي المتوسط.
وتكلف هذه الممارسات التركية العسكرية وغيرها خزينة الدولة مليارات الدولارات، في وقت تلقي قضية تمويل هذه الحروب والتدخل في نزاعات عدة بثقلها على اقتصاد تركيا المتعثر.
وتقول صحيفة "أحوال" التركية، إن ميزانية الدفاع لأنقرة تشكل أكبر بند في الميزانية مقارنة مع غيرها من القطاعات.
وتشير الصحيفة إلى أنه عندما يضاف إلى ذلك العلاوات الممنوحة لشركات الدفاع الممولة من القطاع العام، والأموال الممنوحة لرئاسة الصناعات الدفاعية التركية، يرتفع الإنفاق إلى 273 مليار ليرة، أي ما يعادل أكثر من 25 بالمئة من ميزانية الدولة.
ويعد الإنفاق الدفاعي المحفز الرئيسي وراء الزيادة الهائلة في نفقات الميزانية التركية وعجزها الذي تجاوز الهدف السنوي في غضون 7 أشهر.
وقد أدت الزيادة غير المخطط لها في الإنفاق العام في موازنة 2020، والتي تحظى نفقات الدفاع بنصيب الأسد منها، إلى تجاوز هدف عجز الموازنة البالغ 138.9 مليار ليرة -الذي كان مقررا حتى نهاية العام- خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، مما دفع العجز في الفترة من يناير إلى يوليو إلى 139.2 مليار ليرة.
وبينما ينتشر الآلاف من أفراد القوات المسلحة التركية في ساحات القتال في سوريا والعراق وليبيا، فإن الصراع مع اليونان في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط يستلزم نشر العديد من السفن الحربية في هذه المياه، وهذا يعني إنفاقا أكثر.
وقد أدى عجز الميزانية المتزايد، وتراجع قيمة الليرة، وزيادة أسعار الفائدة، إلى خنق مالية البنوك العامة في البلاد، الأمر الذي تسبب في توقفت حملات القروض منخفضة الفائدة بشكل كبير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة