عادل السنهورى

رهانات الإخوان الفاشلة على جو بايدن

الإثنين، 16 نوفمبر 2020 07:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التاريخ دائما كاشف لرهانات جماعة الإخوان السياسية، ويبرز دائما فشل تلك الرهانات منذ نشأة الجماعة فى عشرينيات القرن الماضى وحتى الآن، سواء مع أطراف سياسية داخلية أو أنظمة دول خارجية.
 
واستكمالا لسلسلة الرهانات الفاشلة –وقبل استعراضها تاريخيا- فاجأتنا جماعة الإخوان وبصورة ساخرة وهزلية بإصدار بيان بشأن فوز المرشح الديمقراطى جو بايدن على الرئيس الجمهورى دونالد ترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية. واعتبرت فوزه برهانا على أن الشعب الأمريكى ما زال قادرا على فرض إرادته، وتمنت الجماعة المحظورة والإرهابية لبايدن والشعب الأمريكى وشعوب العام أجمع "دوام العيش الكريم فى ظل مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان"، وتوجهت إلى الإدارة الأمريكية المنتظرة فى 19 يناير المقبل بنداء ينص على أن "الأوان قد آن لمراجعة سياسات دعم ومساندة الدكتاتوريات، وما ترتكبه الأنظمة المستبدة حول العالم من جرائم وانتهاكات فى حق الشعوب".
 
البيان يرسخ مرض "الغباء السياسى" المزمن للجماعة -كما وصفها ذات يوم الأديب والمفكر محمود عباس العقاد- ويؤكد حالة اللاتوازن التى تعانى منها الإخوان فى الفترة الأخيرة بعد انكشاف دورها المتآمر على الأنظمة الوطنية العربى فيما سمى بثورات "الربيع العربى"، والذى كشفت وثائق هيلارى كلينتون أنه كان محاولة لتنفيذ مخطط نظرية "الفوضى الخلاقة" بتوظيف تلك الجماعة الإرهابية كورقة سياسية ضد أنظمتها الوطنية فى تونس ومصر وسوريا والعراق واليمن والسودان.
 
البيان الهزلى للإخوان يكشف بعض الحقائق أولها ان الجماعة التى تلقت هزائم متتالية فى مصر والمنطقة العربية ما زالت تتعلق بأهداب أمل واهٍ وبقشة تنقذها من الغرق والارتباك وحالة الانهيار السياسى التى تعيشها وتراهن على الإدارة الديمقراطية الجديدة للولايات المتحدة بوهم أن الديمقراطيين هم أنصار الجماعة فى البيت الأبيض كما حدث فى عهد أوباما ووزير خارجيته هيلارى كلينتون. من منطلق ألا شىء تغير وأن مياه كثيرة لم تجر فى نهر السياسة الأمريكية طوال الأربع سنوات الماضية فى الداخل والخارج.
 
ثانيا جماعة الإخوان تتوهم أن السيناتور بايدن هو نفسه الرئيس بايدن سوف تصدر إليه الجماعة الأوامر فيجيب ويطيع، وهذا امتياز هذه الجماعة فى الغباء السياسى المفرط منذ نشأتها فى مصر عام 1928.
 
ثالثا جماعة الإخوان ما زالت ترفع شعارها الأثير من نهايات عشرينيات القرن الماضى بأنها جماعة "تحت الطلب" دون أية اعتبارات وطنية وقومية، فهى التى تحالفت مع الإنجليز أثناء الاحتلال البريطانى لمصر بعد أن ساهم فى نشأتها ماليا وسياسيا، ثم تحالفت مع الملك ضد حزب الوفد الذى كان يمثل الإرادة الشعبية فى الحرية والاستقلال قبل ثورة يوليو، ثم حاولت سرقة الثورة فاصطدمت بالضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر، ودخلت مرحلة العنف والإرهاب ضد الدولة فى 65 وما بعدها وحتى الآن حتى لفظها الشعب المصرى والشعوب العربية عقب خديعة "الربيع العربى".
 
رابعا البيان يؤكد أن تلك الجماعة لا يهمها سوى مصالحها فى العودة من جديد للحياة السياسية فى المنطقة العربية بالاستقواء بالخارج، حتى لوجاء ذلك على حساب السيادة الوطنية.
 
فرحة جماعة الإخوان وابتهاجها ربما يبددها ترتيب الأولويات للإدارة الأمريكية الجديدة فى السياسة الداخلية والخارجية، ويبددها أيضا التصريحات التى صدرت خلال الأيام الماضية من الدوائر السياسية القريبة جدا من الرئيس الأمريكى المنتظر جو بايدن، والتى تؤكد أن بايدن ليس أوباما، وأن مشروع استخدام الإخوان قد ذهب مع أوباما بلا رجعة. وهؤلاء يؤكدون أنه من الصعب أن يحصل الإخوان ومن وراءهم على المزايا التى تمتعوا بها فى فترة أوباما لوجود تغييرات كبيرة فى المنطقة، منها أن مصر السيسى الذى يريدون التضييق عليه الآن ليست هى مصر التى تعايشت رغم ظروفها الأمنية والاقتصادية المتدهورة ثلاث سنوات مع إدارة باراك أوباما ولم تستطع تلك الإدارة فرض سياستها بعودة الإخوان للمشهد السياسى فى مصر. فالدولة المصرية الآن قوية ومستقرة أمنيا واقتصاديا وأصبحت عنصرا فاعلاً وقويا فى ترتيبات الأوضاع بملفات المنطقة، مثل الملف الليبى أو الفلسطينى أو السودانى، وفى مسار السلام الجديد فى المنطقة، وبالتأكيد الإدارة الأمريكية الجديدة تدرك ذلك ولديها مصالح مشتركة مع مصر فى ملفات كثيرة.
 
الأمر الآخر أن جو بايدن لم يتحدث بصفة رسمية حتى اللحظة لمعرفة استراتيجيته فى الشرق الأوسط، والتى ستراعى مصالح الولايات المتحدة -كما يؤكد المقربون منه- ولن تتعارض مع التغييرات فى المنطقة إرضاء للإخوان أو لداعميها، علاوة –وهذا هو الأكيد-عن أنن أولويات بايدن ستكون باتجاه الداخل الأمريكى وترتيب الأوضاع على ضوء التوازنات الناشئة فى مجلسى النواب والشيوخ، وطمأنة الشارع الأمريكى بشأن جدية الإصلاحات الاجتماعية والاصلاحات الاقتصادية التى ينوى تنفيذها. وإضافة الى مواجهه وباء كورونا والأزمات العنصرية التى هزت المجتمع الأميركى مؤخرا.
 
بناء على ذلك فإن بايدن سيعمل على استعادة الثقة داخل المجتمع الأمريكى قبل أن يبحر فى مياه الشرق الأوسط التى أبحرت فيها قوى كثيرة وتغيرت خريطة العلاقات السياسية والعسكرية فيها. بل أن هناك من يرى ان الشرق الاوسط ربما يأتى فى ترتيب متأخر لأولويات السياسة الخارجية الأمريكية المقبلة التى يهمها فى المستقبل القريب إعادة دورها المنسحب فى أوروبا وهيكلة علاقاتها فى آسيا.
 
بالتالى فالمراقبون يكادون أن يجزموا أنه لن يكون هناك تأثيرات مفصلية على السياسة الخارجية الأمريكية. فالعلاقات بين الولايات المتحدة ودول المنطقة فى الإدارة السابقة وغيرها من الإدارات الأخرى تبنى على المصالح المشتركة وبالتأكيد سوف يجد بايدن نفسه أمام مصالح ضخمة لن يستطيع أن تجاهلها والتضحية بها من أجل عيون ما يسمى بـ"بالإخوان!".
 
 
 
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة