شكل واحد بملابس يغلبها اللون الأحمر الممزوج بلون القطن الأبيض بلحية مهذبة وشارب كثيف وتختلف الأسماء التي تطلق على هذا الرجل الطيب حامل الفرحة للأطفال من بلد إلى آخر وفى كل دولة اسمه الخاص به، ففى أمريكا وبريطانيا وأستراليا يطلقون عليه اسم سانتا كلوز وهو اسم مشتق من الشخصية الحقيقية القديس نيكولاس، اما فى دول العالم العربي عرف ببابا نويل أما في فرنسا فهو يعرف ببابا نويل Le Pére Noél وفي إيطاليا بابو ناتالي
لكل دولة الوصف الخاص بها فمثلًا فرنسا تصفه بأنه رجل الأعياد والفرحة أما بالنسبة لليابان فهو إله الهدايا وفي السويد هو الكعكة اللذيذة التي نأكلها في العيد، وحسبما نشرت صحيفة لو موند الفرنسية تقريرا عن أصل قصة بابا نويل، مؤكدة خلاله أن شخصية بابا نويل تعود لشخصية حقيقية للقديس «نيقولا دي ميرا» Nicolas De Myre، اليوناني الأصل والمولود في القرن الثالث الميلادي- كان أسقفا لبلدة رومانية صغيرة في تركيا يطلق عليها «ميرا» – والذي أطلق عليه فيما بعد «سانتا كلاوس».
حيث ورث ثروة ضخمة بعد وفاة والده، فكان يوزع من هذه الأموال أثناء الليل للفقراء والأطفال ولعائلات المحتاجين دون أن تعلم هذه العائلات من هو، وارتفع نيقولا بعد ذلك إلى مكانة بارزة بين القديسين، لأنه كان معروفًا بأنه راعٍ للأطفال ومُحضر هدايا سحرية بسبب قصتين عظيمتين من حياته، أشهرهما قصة إنقاذه ثلاث فتيات شابات من حياة البغاء بعد تعثر الديون على والدهن، ليقوم المطران نيقولا سرًا بإهداء 3 حقائب ذهبية لآبائهن المثقلين بالديون، كي يمكن استخدامها كمهر لهن، وأيضًا قصة شهيرة كانت معروفة بشكل كبير في العصور الوسطى، وحدثت أثناء دخول نيقولا نزلًا كان حارسه قد قتل ثلاثة صبية وأخفى أشلاءهم الممزقة في براميل القبو، ولم يكن الأسقف يستشعر الجريمة فحسب، بل أعاد الضحايا أيضًا، وكانت هذه واحدة من الأشياء التي جعلته قديسًا للأطفال.
بعد وفاته في 6 ديسمبر عام 343 ظلت شهرة نيقولا مستمرة لفترة طويلة بأنه حامي الأطفال، وبدأ يعرف باسم “القديس نيقولا” أو Saint Nicolas واشتهر بأنه كان حاميا للضعفاء والفقراء والأطفال في مختلف المدن والبلدان في جميع أنحاء أوروبا.
وبدأت تنسج حوله الكثير من الخرافات والفولكور والأساطير، فبعض هذه الأساطير جعلت نيقولا في قصص تجبر الأطفال على السلوك الجيد لتجنب مواجهة العقاب من سانتا نيقولا، وبدت هذه الشخصيات مغايرة تمامًا للرجل المرح في الرداء الأحمر، إلا أنها تسببت في تطور شخصية سانتا نفسه، فأصبح الاحتفال برحيله كل عام في 6 ديسمبر بأنه سيأتي قادمًا بهدايا للأطفال الطيبين.
وفي هولندا، عرف القديس نيقولا جالب الهدايا، بشخصية «سينتركلاس» – “Sinterklaas” وانتقل الاحتفال به في بريطانيا ليتطور الاسم من سينتر كلاوس إلى سانتا كلاوس والذي يعرف في يومنا هذا بـ سانتا، ثم تطور الأمر بعد ذلك في أمريكا فقاموا بتغيير تاريخ الاحتفال بذكرى موته وربطوه بعيد الميلاد للمسيح، فلم يعد الاحتفال يوم 6 ديسمبر ولكن أصبح يوم 24 ديسمبر، وفي عام 1823 كتب كليمنت كلارك مور «Clement Clarke Moore» قصيدة بعنوان «زيارة من القديس نيكولاس» – “A Visit From St. Nicholas” والمعروفة أيضًا باسم «ليلة قبل عيد الميلاد» – “The Night Before Christmas”، وكتب فيها تفاصيل زيارة القديس نيقولا ذو الهيئة البدينة المرحة مرتديا زيه الأحمر، يقود عربة تجرّها ثمانية من حيوانات الرنة قادمة من القطب الشمالي ليخرج من المدفئة حتى لا يراه الأطفال ليلا ويفاجئون بالهدايا في الصباح فيتملكهم السرور، لتنتشر هذه الصورة بسرعة هائلة، ولكنها كانت مشابهة لقصة القصيدة، وأوسعت المجال للكثير من الخيال، فشهد القرن التاسع عشر ظهورًا لشخصية سانتا في ملابس ملونة، وأحجام مختلفة مصغّرة وضخمة، ومجموعة متنوعة من أشكال مختلفة.
وصوّر الكاتب الأمريكي واشنطن إيرفينج عام 1809 في كتابه «تاريخ نيكربوكر في نيويورك» لأول مرة شخصية نيقولا وهو يرسو قرب أنبوب التدفئة فوق أسطح المنازل في عربة طيران، مقدّمًا الهدايا للفتيات والفتيان الطيبين.
وفى القرن العشرين، أصبحت صورة سانتا موحدة كشخص بالغ، يرتدي رداءً أحمر وله ذقن بيضاء ويدخن البايب، يقوم بالمغامرات من القطب الشمالي في زلّاجة تحركها حيوانات الرنة ويراقب تصرفات الأطفال، إلى أن قامت شركة كوكاكولا بإنتاج شكل لشخصية سانتا كلوز بوجه رجل عجوز بدين وضاحك ذو لحية بيضاء يرتدي ملابس حمراء مقلمة بالأبيض.
وكانت «كوكا كولا» في تلك الفترة تحاول الترويج عبر إعلاناتها بأن الاستمتاع بمشروبها ليس حكرًا على فصل الصيف والجو الحار، وإنما يصلح تناوله لجميع المواسم، وكانت الشركة تركز على فصل الشتاء تحديدًا، فقامت بإجراء تصميم لحملة إعلاناتها يأخذ شكل «بابا نويل» يجمع بين الواقع والخيال، وكان النجاح باهرا لدرجة أن الشكل الذي ابتكره سندبلوم أصبح معمما حول العالم، بل أنه الشكل الوحيد المعتمد للشخصية المحبوبة.
ورغم قبول شخصية سانتا كلاوس في أمريكا، إلا أنه في أماكن مثل جمهورية التشيك وهولندا والنمسا وأمريكا اللاتينية جميعًا يُبدون معارضة قوية جدًّا للحركات المناهضة لسانتا، لأنها شعوب تحاول الحفاظ على تقليد جلب الهدايا الخاص بعيد الميلاد، وحمايتهم من سانتا أمريكا الشمالية، فعلى سبيل المثال قامت إحدى الكنائس وقتها برفض ومحاربة شخصية سنتا كلاوس قائلين «سنحرق الأب نويل».
ليتطور بعد ذلك قبول شخصية بابا نويل في الأفلام والأغاني في أوروبا، فقام المغنى الفرنسي «تينو روسي» بغناء أغنية «بابا نويل الصغير» في 1964 والتي اكتسبت شهرة كبيرة إلى وقتنا هذا، حتى أصبحت شخصية سانتا كلوس أو بابا نويل من الشخصيات المحببة للجميع في جميع أنحاء العالم قادما بالهدايا في يوم 24 ديسمبر من كل عام.