لم يكن يتخيل يوما الشاب "باسم. أ. و" 28 سنة، يعمل سائق بشركة لتوصيل المواطنين، أن يصل به الحال إلى الانتحار من خلال إلقاء نفسه من الطابق الرابع بمنطقة الساحل فى القاهرة، وتبين إحداث إصابة بجرح قطعى باليد والقدم قبل إلقاء نفسه، وذكر أفراد أسرته أنه انتحر لخسارته مبلغ 50 ألف جنيه، فى لعبة مراهنات إلكترونية، مما أدى لإصابته بأزمة نفسية انتحر على إثرها.
وللأسف الشديد فإن الألعاب الإلكترونية وعلى رأسها الحوت الأزرق وغيرها من الألعاب تجتاح منذ سنوات معظم دول العالم مما تخلف عنه ذعر نتيجة هذه الألعاب الخبيثة التى دفع الشباب والأطفال للانتحار، حيث يخرج المراقبون للمطالبة باتخاذ إجراءات حاسمة بهذا الشأن، خاصة بعد واقعة انتحار ابن النائب برلمانى شهير شنقًا داخل منزل عائلته بمدينة المحلة، بعدما أشارت شقيقتا المتوفى إلى إقدام الشاب الذى لم يتجاوز عمره الـ18 على الانتحار نتيجة إحدى تطبيقات الهواتف الذكية والمعروف بلعبة "الحوت الأزرق"، والذين اكتشفوا مؤخرًا أن شقيقهما كان من أحد ممارسى تلك اللعبة.
الألعاب الإلكترونية تواصل حصد الضحايا من الأطفال والشباب
وبسبب هذه الوقائع المتكررة تفتح الجهات المعنية، تحقيقات موسعة حول ظهور ألعاب عبر وسائل الإنترنت والسوشيال ميديا، مثل لعبة تسمى "الحوت الأزرق" وتنسب إلى مخترعها "فيليب بوديكين" تقوم بغسل ومسح عقول الشباب المصرى لمدة تصل إلى 50 يوما، وأمرهم بعمل مهمات معينة، مثل مشاهدة أفلام رعب، والاستيقاظ من النوم فى ساعات غريبة من الليل، وإيذاء النفس، وبعد أن يتم استنفاذ قواهم فى النهاية يتم أمرهم بالانتحار عن طريق قطع عروقهم "الشرايين"، أو الوقوف على حافة مبانى عالية، أو قتل حيوان، ونشر الفيديو والتصوير لإثبات ذلك، أو المساومة لفضح الشباب عن طريق البيانات الشخصية، أو الأفلام المسجلة لدى مالك اللعبة، فيقوم الشاب بالانتحار، واستهداف مصر، والشباب المصرى، والأسرة المصرية، بصفة خاصة، وحفاظا على شباب مصر، يتقدم ببلاغه للنائب العام.
الطب النفسى والألعاب الإلكترونية
وفى هذا السياق، قال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى، إنه بعدما أصبحت الألعاب الإلكترونية وأبرزها لعبة "الحوت الأزرق" حديث وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى، صار الربط بينها وحالات الانتحار عمومًا، ترجمة تلقائية للأذهان.
وبحسب "فرويز" لـ"اليوم السابع" - أن كثرة الحديث عن الألعاب الإلكترونية وأضرارها فى الإعلام، ومناقشتها أيضًا على المستوى الرسمى، جعلها أول ما يقفز فى أذهان الناس فى حالة وقوع أى حالة انتحار، حتى وإن كانت ليست هى السبب.
وقوع حالات انتحار حقيقية بسبب لعبة الحوت الأزرق، هو السبب الأهم، من وجهة نظر الاستشارى النفسى، فالأمر ليس وهميًا، حسبما يرى، موضحًا أن اللعبة تسببت بالفعل فى انتحار العديد من المراهقين والأطفال الذين أدمنوها واتبعوا قواعدها، لذلك فالآباء أصبحوا فى حالة تأهب دائم لمراقبة أطفالهم، والاعتقاد أن اللعبة هى السبب الأول للانتحار، حيث أن الواقعة المنظورة أمامنا لشاب يبلغ من العمر "28" سنة يؤكد أنه وصل خلال اللعبة لضغط عصبى شديد هو ما جعله فكر فى الانتحار ونفذ مخططه.
الرأى القانونى فى الألعاب الإلكترونية
وعن الدور القانونى، قالت الخبير القانونى والمحامية، هيام محمد، علقت على الأزمة بقولها: "أنه على الرغم من القصور الذى تعانيه التشريعات المصرية فى تجريم هذه الطائفة من الجرائم المستحدثة إلا انه قد تبين للمشرع المصرى خطورة استخدام وسائل تقنية المعلومات ومنها الإنترنت فى استدراج الضحايا خاصة الأطفال والشباب من سن 12 وحتى 18 سنة والتغرير بهم لاستغلالهم فى جرائم جنسية وجرائم مخلة بالعرض".
وأضافت "هيام" فى تصريح خاص أن المشرع استصدر نص المادة 116 مكررا ( أ) من قانون الطفل رقم12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم126 لسنة 2008 والذى ينص على استخدام الحاسب الآلى أو الإنترنت أو شبكات المعلومات أو غيرها من الوسائل الإلكترونية فى نشر أو ترويج أنشطة أو أعمال إباحية تتعلق بتحريض الأطفال أو استغلالهم فى الدعارة والأعمال الإباحية أو التشهير بهم أو بيعهم، أو لتعريضهم للانحراف أو لتعريضهم إلى الأذى لنفسهم أو للغير أو تسخيرهم فى ارتكاب الجرائم أو على القيام بأنشطة أو أعمال غير مشروعة أو منافية للآداب، ولو لم تقع الجريمة فعلا، على خلاف القواعد العامة المتعلقة بالاشتراك فى الجرائم والتى تستلزم لإيقاع العقاب وقوع الجريمة والعقوبة المقررة للأفعال المتقدمة هى الحبس مدة لا تقل عن سنتين والغرامة التى لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه.
وأوضحت الخبير القانونى أنه بالنظر إلى ما يترتب على الأفعال المتقدمة من نتائج وخيمة على الضحايا التى قد تودى بحياتهم أو تقضى على مستقبلهم فإنه من اللازم تغليظ العقاب على هذه الطائفة من الجرائم الإلكترونية، خاصة إذا تسبب الجانى فى إلحاق أى جرم جسيم بالضحية وبالنظر لما تعانيه الآن هذه الطائفة من الشباب والأطفال من ضغط نفسى توقعه هذه الألعاب على اللاعب فهذه الألعاب والقائمين عليها يرتكبون جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ولابد من حث المشرع على تغليظ عقوبة القائمين على تلك الألعاب وإدراج هذه الجرائم على قائمة جرائم القتل وإدراج عقوبة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لحماية شبابنا وأطفالنا.
رأى دار الإفتاء فى الحوت الأزرق
هذا وقد ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية حول طبيعة اللعبة الإلكترونية المسمّاة بـ"الحوت الأزرق Blue Whale" وما تهدف أو تؤدى إليه؛ حيث أكدت أنه يحرم شرعًا المشاركة فيها، وعلى من استُدرِج للمشاركة فيها أن يُسارِعَ بالخروج منها. وتهيب دار الإفتاء المصرية بالجهات المعنية تجريمَ هذه اللعبة، ومَنْعَها بكل الوسائل الممكنة.
كما قررت الشريعةُ الإسلامية أن الأصلَ فى الدماء الحرمة، وسنَّت من الأحكام والحدود ما يكفل الحفاظ على نفوس الآدميين، ويحافظ على حماية الأفراد واستقرار المجتمعات، وسدَّت من الذرائع ما يمكن أن يمثل خطرًا على ذلك فى الحال والمآل – وفقا لـ"الفتوى".
كما أن النقش على الجسد بآلةٍ حادةٍ - كسكّين أو نحوها - يدخل تحت الوشم المحرم شرعًا، والوشم عبارةٌ عن غرز إبرةٍ أو مسلةٍ أو نحوهما فى الجلد للنقش عليه؛ قال الإمام النووى فى "شرح صحيح مسلم": [الوشم: أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما فى ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيل الدم، ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النَّوْرة فيَخْضَرّ، وقد يفعل ذلك بِدَاراتٍ ونقوش]، ومِن عِظَم شأن الدم فإنه أول ما يقضى فيه بين الخلائق يوم القيامة؛ فعن عبد الله بن مسعودٍ رضى الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: "أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِى الدِّمَاءِ" رواه البخاري.
واقعة شاب الساحل
يشار إلى أن مديرية أمن القاهرة، تلقت بلاغا يفيد انتحار أحد الأشخاص بمنطقة الساحل، انتقل رجال المباحث إلى محل الواقعة، وتبين من خلال التحريات، أن شابا يدعى "باسم.ا.و" 28 سنة، يعمل سائق بشركة لتوصيل المواطنين، ألقى نفسه من نافذة شقته بالطابق الرابع، مما أسفر عن إصابته بكسر بعظام الجمجمة، نتيجة سقوطه على سيارة رقم ى ر ق 184 ماركة لوجان.
بمناظرة الجثة تبين وجود جرح قطعى باليد اليسرى، والقدم اليسرى، وأسفل الذقن، وتبين قيام الشاب بإحداثها بنفسه مستخدما شفرتى موس عثر عليهما بداخل غرفة نومه، قبل إلقاء نفسه، وعثر على رسالة نصية مفادها انه قام بالانتحار.
بسؤال والده "مدير فندق"، وشقيقه "طالب" مقيمان بذات العقار، ذكرا أنه انتحر بسبب قيامه بلعب لعبة مراهنات إلكترونية من خلال الكمبيوتر، وقد خسر من خلالها مبلغ مالى 50 ألف جنيه، مما أدى إلى مروره بأزمة نفسية واكتئاب، وأقدم على أثرها بالانتحار، تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وباشرت النيابة التحقيق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة