بمجرد أن تطأ قدماك أقدم شوارع مدينة نقادة جنوب محافظة قنا وتنظر إلي محتوياته ستعرف مؤكدًا أن تراثًا ُصنع ونشأ هنا وما زال محتفظًا بأصالته، يحارب من أجل التمسك بالحرفة خوفًا عليها من الاندثار، فهنا في شارع السرايرية ستجد مئات الأسر تعمل في حرفة الجريد التراثية التي ورثوها عن الآباء.
"مهنة الستر" .. هكذا وصف العاملون في حرفة صناعة الجريد حالهم مع مهنة الستر التي تساعدهم علي توفير دخل يومي يؤمن حياة لهم، فهنا المئات من الأسر تعمل في هذه الصناعة التي ورثوها عن الآباء والتي توفر فرص عمل لهم.
واشتهرت المدينة الجنوبية نقادة بالحرف التراثية الأخري مثل الفركة وهي صناعة الحرير علي النول اليدوي، وصناعة الفخار التي يعمل بها العشرات من العائلات بقرية الشيخ علي شمال المركز، وصناعة الحصر من نبات الحلفا، وما زالت تلك الحرف تصارع من أجل البقاء في ظل قرب تلك الحرف من الاندثار.
وقال محمد حميد، حرفي جريد، إن الجريد المستخلص من النخيل يستخدم في صناعات عديدة، منها الأسِرَّة والأقفاص والكراسي، وأعتمد في حرفتي علي صناعة الأقفاص والأسرة، وورثت الصنعة عن والدي منذ الصغر حيث كنت أعمل معه في مرحلة مبكرة واعتمدت علي نفسي بعد الزواج، لافتًا إلى أن الصنعة تعتمد علي الأسرة بأكملها وتجمع الأطفال والزوجة وكل من يتواجد بالمنزل.
وأشار حميد، إلى أن هناك بعض المعوقات التي تعوق الحرفيين أثناء صناعتهم ومنها صعوبة التخلص من بقايا الجريد، مطالبًا بتوفير سيارة لنقل مخلفات الجريد التي يخلفها الصناع في نهاية يومهم بالعمل.
وأوضح محمد حميد، أن العائلات التي تعمل في صناعة الجريد بمنطقة السرايرية شمال مركز نقادة تقارب الـ 700 عائلة، ويعتمدون علي العمل في حرفة الجريد حتي الموظفين من أبناء العائلة يعملون بعد مواعيد العمل الرسمية.
واستطرد محمد علي، من أهالي الشارع، مشكلات حرفة الجريد والتي من بينها ضيق الأماكن في الشوارع والاحتياج إلي معدات للعمل باستمرار ذات تكاليف عالية.
أما عن أحمد عادل، حرفي جريد، قال إنه يعمل في صناعة الجريد منذ الصغر وإرثا عن الآباء والأجداد، حيث يعمل في جميع أنواع الأشكال التي تدخل في صناعتها الجريد، ويجلب جريد النخيل من الأراضي الزراعية وأماكن خارج مدينة نقادة، ثم يتم العمل علي مراحل بمساعدة آخرين في الورشة.
واقترح عادل، أن تقام معارض لتسويق منتجات الحرفيين من صناعة الجريد وزيارة سائحين للمركز لتنشيط الحرفة والعمل علي انتعاش التسوق بها، وكذلك جعلها بزارًا مفتوح للزائرين.
وطالب عادل، دعم الحرفيين وتخصيص قطعة أرض أو تسليمهم الأرض المخصصة بموقع الحرفيين لزيادة الانتاج والقدرة علي العمل في أماكن تناسب طبيعة الصناعة التي تحتاج إلي أماكن فسيحة، لافتًا أن توسعة المكان ستزيد من فرص العمل.
ومن جانبه قال حسين الباز، وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بقنا، إن المحافظة تهتم بالحرف التراثية ومنها حرفة الجريد والفركة والفخار في مدينة نقادة، حيث يعتبر العاملين في تلك الحرف من أصحاب الدخول الغير ثابته اللذين يعملون باليومية والغير مؤمن عليهم، وهؤلاء يدرجون تحت دعم تكافل الذي أطلقته الدولة لخدمة هؤلاء، لافتًا أن تكافل يتيح للأسر التي لديها أطفال في التعليم الحصول علي دعم لهؤلاء الأطفال في المراحل التعليمية المختلفة ويبدأ من 60 جنيهًا إلي 140 جنيهًا بالإضافة إلي دعم الأم والندوات التي تحضرها للحفاظ علي صحتها.
وأضاف الباز، أن دعم واستحقاق كرامه وهو لأصحاب الإعاقة وكبار السن الذين لا يستطيعون العمل، ومن بلغ سن الـ 65 ولا يحصل علي معاش، فيحق لهم الحصول علي معاش كرامة، مناشدًا أصحاب تلك الحرف بمدينة نقادة بالتوجه إلي مكتب الشئون الاجتماعية التابعين لها والتسجيل في المنظومة التي تخدم ما يقارب 200 ألف شخص بمحافظة قنا.
وأشار محمد عباس، مسئول معرض الأسر بقنا، إلي أن المعرض لا يمانع في عرض منتجات الجريد التراثية التي يعمل بها أسر مدينة نقادة وتهتم بها المحافظة ووزارة التضامن الاجتماعي، لافتًا أنه اقترح من قبل علي عدد من الصناع بالجريد عرض منتجاتهم بالمعرض ولكنهم قابلوه بالرفض.
وتابع عباس، علي أصحاب الحرف التواصل مع مجلس إدارة المعرض وعرض مقترحاتهم لعرض منتجاتهم من خلال المعرض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة