سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 21 نوفمبر 1919.. «الاجتماع العظيم» فى «كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس» إعلان رفض رئاسة «يوسف وهبة باشا» للحكومة

السبت، 21 نوفمبر 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 21 نوفمبر 1919.. «الاجتماع العظيم» فى «كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس» إعلان  رفض رئاسة «يوسف وهبة باشا» للحكومة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الوقت صباح 21 نوفمبر، مثل هذا اليوم، عام 1919 حين ازدحمت كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بنحو ألفين من الأقباط، للإعلان عن رفض الأقباط لأن يتولى أحدهم وهو «يوسف وهبة باشا» رئاسة الحكومة خلفا لمحمد سعيد باشا.
 
بدأ اجتماع الكاتدرائية قبل ساعات من إعلان السلطان أحمد فؤاد مرسومه بتكليف «وهبة»، وكان رفض الكنيسة فعلا وطنيا خالصا خاليا من أى شائبة طائفية، ويذكر عبدالرحمن فهمى فى الجزء الثانى من مذكراته «يوميات مصر السياسية» وقائع هذا اليوم الخالد، وجاءت على خلفية استعداد الحكومة الإنجليزية لإرسال لجنة برئاسة «اللورد ملنر» إلى مصر، لدراسة أسباب الثورة التى اندلعت يوم 9 مارس 1919، واقتراح النظام الذى تراه ملائما لمصر فى ظل الحماية البريطانية، ورأت القوى الوطنية مقاطعة اللجنة، ولما قامت «دار الحماية» يوم 15 نوفمبر 1919 بالإعلان عن قدومها من إنجلترا، تقدم محمد سعيد باشا باستقالة حكومته، استجابة للنداء للمقاطعة، فأصدر السلطان فؤاد مرسومه إلى يوسف وهبة بتشكيل حكومة جديدة، فغضب المصريون، ويؤكد فهمى: «كان الأشد استياء الأقباط أنفسهم».
 
وكان «فهمى» هو قائد التنظيم السرى للثورة، وتشمل مذكراته على المراسلات السرية بينه وبين زعيمها سعد زغلول باشا، رئيس الوفد الذى سافر إلى فرنسا لعرض قضية مصر أمام «مؤتمر الصلح» الذى بدأت أعماله فى 10 يناير 1919، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى فى 11 نوفمبر 1918.
 
وأطلق «فهمى» على ما جرى فى الكاتدرائية وصف «الاجتماع العظيم»، فى رسالته إلى سعد زغلول، وقال عنه: «رأس الاحتفال حضرة القمص باسليوس وكيل البطريركية، وافتتحه الآباء القسوس بصلاة شكر، وكان شماسة الكنيسة واقفين بملابسهم الرسمية يحملون الشموع، فشاركوا الآباء القسوس بترنيم بعض الأناشيد الدينية، ثم نهض حضرة القمص سلامة منصور رئيس المجلس الملى بالقاهرة، وبارك الحاضرين ودعا لهم بالنجاح فى مقاصدهم الوطنية، ثم دعا الخطباء فتقدمهم حضرة توفيق أفندى حبيب، محرر جريدة الأخبار، وألقى كلمته، وجاء فيها: «ليعلن هذا الجمع براءته ممن سلم مفتاح الحصن، وليعلن بلسان خطبائه أن المصريين كلهم يدا واحدة، ينشدون الحق وللحق قوة لا تصرع مهما بذل فى إخماد نوره».
 
توالى الخطباء حتى كانت الخطبة الأخيرة للقمص «مرقس سرجيوس»، وقوبلت بعاصفة تصفيق قوية، وكان اكتسب شهرة واسعة نتيجة خطبه النارية أثناء الثورة من بينها خطبه فى الأزهر.. ويقول فهمى: «كان فى الكنيسة منضدتان أعدت عليهما أدوات الكتابة وصورة بيان احتجاج عنوانه: «إلى الأمة المصرية»، فوقع الحاضرون عليه وهم خارجون كل بإمضائه، واتفق الحاضرون على إرسال تلغراف إلى «وهبة» بتوقيع رئيس الاجتماع «حضرة القمص باسيلوس» وكيل الدار البطريركية»، ونص على:
«حضرة صاحب المعالى يوسف وهبة باشا مصر - الطائفة القبطية المجتمع منها ما يربو على الألفين فى الكنيسة الكبرى تحتج بشدة على إشاعة قبولكم الوزارة، إذ هو قبول للحماية ولمناقشة لجنة ملنر، وهذا يخالف ما أجمعت عليه الأمة المصرية من طلب الاستقلال التام، ومقاطعة اللجنة، فنستحلفكم بالوطن المقدس، وبذكرى أجدادنا العظام أن تمتنعوا عن قبول هذا المنصب».
 
أما الاحتجاج الموجه إلى «الأمة المصرية» والذى وقع عليه كل الحاضرين فنص على: «علمنا أن صاحب المعالى يوسف وهبة باشا قد قبل فى الظروف القاسية العصيبة التى تجتازها الأمة أن يقوم بتشكيل الوزارة بعد البلاغ الرسمى الأخير الذى تضمن تمسك الإنجليز بالحماية على مصر، وحيث إنه لا يمكن تفسير هذا القول إلا بقبول الحماية والعمل تحت لوائها ومعاونة لجنة اللورد ملنر فى تقرير مصير البلاد، وحيث إنه يخشى أن يعتبر الإنجليز الذين يسنون جهدهم لتشويه حركتنا الوطنية، ووحدتنا القومية قبول الرجل لهذا المنصب بمثابة رضاء أقباط مصر أو فريق منهم عن وزارته، أو عن سياسة هذه الوزارة أو أى سياسة لا ترمى إلى إنالة مصر استقلالها التام»، وحيث إن «وهبة باشا» لم يمثل فى وقت من الأوقات أمانى الأقباط، ولم يشترك معهم فى شعورهم القومى أيا كان نوعه، وحيث إنه فى الوقت الذى أجمعت فيه الأمة المصرية، وتوحدت كلمتها على المطالبة بجميع حقوقها والسعى إليها يدا واحدة وقلبا واحدا، وحيث إنه لا فرق بين مسلم وقبطى بل المصريون كلهم شخص واحد، ولكن الأقباط يرون أنفسهم مضطرين إلى أن يتقدموا بصفتهم أقباطا لإظهار شعورهم حيال هذا الحادث، لذلك هم يعلنون براءتهم من كل رجل أو هيئة تقبل الحماية، أو تساعد على تعضيدها، فلكل هذه الأسباب يعلن الموقعون على هذا اشتراكهم مع سائر طبقات الأمة المصرية فى الاحتجاج على تشكيل الوزارة الجديدة». 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة