يوما بعد يوم، يثبت الاقتصاد المصري قدرته على كسب الثقة الدولية، في قدرته على تجاوز الصدمات ورجاحة القرارات الحكومية الصائبة لتحقيق الأهداف بأقل الخسائر وخاصة في الأزمات مثل ما شهدته الشهور الماضية بظهور فيروس "كوفيد-19"، حيث أعلن صندوق النقد الدولي قرب صرف الشريحة الثانية من قرض الصندوق، وذلك في إطار اتفاق الاستعداد الائتماني البالغة قيمته الإجمالية 5.2 مليار دولار لمدة 12 شهرا.
وجاء إعلان صندوق النقد بعد توصل فريق مراجعة الأداء الأولى إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع السلطات المصرية بشأن صرف الشريحة الثانية، على أن يتم صرف التمويل من الصندوق بمجرد موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي خلال الأسابيع المقبلة.
وأكد أوما راماكريشنان رئيس بعثة صندوق النقد إلى مصر في بيانه، أن الاقتصاد المصري شهد تحقيق أداء أفضل من المتوقع في ظل الجائحة، بالنظر إلى الإجراءات الاحتوائية التي اتخذتها السلطات وإدارتها الرشيدة للازمة والتنفيذ المتقن للبرنامج الإصلاحي المصري قد ساهموا في الحد من آثار الأزمة، كما أن هناك بعض الدلائل المبكرة على تعافي النشاط المحلي واستقرار الأسواق المالية.
وبعد صرف الشريحة الثانية من تمويل الصندوق يصبح إجمالي التمويل الذي تلقته مصر من الصندوق بموجب اتفاق الاستعداد الائتماني 3.6 مليار دولار، بعد صرف ملياري دولار الصيف الماضي، بالإضافة إلى 2.8 دولار في مايو ضمن أداة التمويل السريع مخصصة لتلبية احتياجات التمويل العاجلة لميزان المدفوعات التي نتجت عن جائحة "كوفيد-19".
واعتبرت لجنة صندوق النقد الدولي أن الحكومة المصرية أوفت بجميع أهداف البرنامج حتى نهاية سبتمبر، بل تجاوز الرصيد الأولي والاحتياطيات الدولية الأهداف، حيث شهدت احتياطيات النقد الأجنبي انتعاشا مطردا من 36 مليار دولار في مايو الماضي إلى 39.22 مليار دولار في أكتوبر، وذلك بفضل إصدار الحكومة لسندات اليورو والسندات الخضراء خلال العام الجاري، كما استطاعت مصر تحقيق فائضا أوليا محدودا بلغ 100 مليون جنيه خلال الربع الأول من 2020، ومن المستهدف تحقيق فائض أولى لا يقل عن 0.5% من الناتج خلال العام الحالي، وهو أعلى بنسبة طفيفة من النسبة التي توقعها الصندوق في تقرير الراصد المالي لشهر أكتوبر 2020.
يذكر أن تمويل صندوق النقد يهدف إلى دعم التعافي الاقتصادي من فيروس "كوفيد-19"، حيث لا تزال القطاعات الاقتصادية الرئيسية مثل السياحة تعاني من الانكماش بسبب تأثير الوباء على السفر الدولي، ويساعد التمويل الحكومة على تقليص عجز ميزانيتها وزيادة الإنفاق الاجتماعي لحماية الفئات الأكثر ضعفا، بالإضافة إلى زيادة الإنفاق على الصحة وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية.
وأشاد الصندوق أيضا بالإصلاحات الهيكلية في مصر، ومنها إقرار الحكومة قانون الجمارك قبل الموعد المحدد، والذي من المتوقع أن يعمل على تسريع عملية الإفراج الجمركي وتغليظ عقوبات التهرب.
وفي نفس السياق، تناول الدكتور محمد معيط وزير المالية عدة إحصائيات تظهر مدى قوة الاقتصاد المصري وتمكنه من تجاوز الصعوبات التي تسبب فيها الوباء العالمي، حيث جاءت مصر بين الـ 15% من دول العالم التي تجنبت الانكماش الاقتصادي خلال هذا العام، وهي الوحيدة التي سجلت معدل نمو إيجابي بأكثر من 2% في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيرا إلى أن كل نقطة مئوية يكتسبها معدل النمو توفر أكثر من 100 ألف فرصة عمل، وأن السوق المحلية استقبلت ما بين 300 إلى 400 ألف وظيفة جديدة بالرغم من تداعيات جائحة "كوفيد-19".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة