يعكُف متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية، عن الإعداد لمعرض حصرى وغير مسبوق لأعمال "لوران مارسيل ساليناس" والتى اختفت فى ظروف غامضة، ولا يعرف مكانها أى شخص حسب الكثير من المواقع المهتمة بالفنون التشكيلية، حصُل المتحف عليها مؤخراً عن طريق الصدفة ضمن مجموعة خاصة لفنان مصرى سكندرى راحل، وينتظر المتحف تعاونا مصريا فرنسيا إيطاليا يثرى الاحتفاء بفنان عظيم، تعاون يتناسب مع هذا الكشف بالغ الأهمية.
لوران مارسيل ساليناس
ولد فى الإسكندرية عام 1913 لأم فرنسية وأب إيطالى، وسافر على نطاق واسع ودرس القانون فى Aix-en-Provence. وبالرغم من دراسته للقانون إلا أن الفن كان شغفه الحقيقي، كان محظوظاً لأن الإسكندرية كانت فى أوائل القرن العشرين تحوى عدداً كبيراً من استوديوهات تعليم الفن لعدد كبير من الفنانين الأوروبيين، والتى ساعدت على تنمية موهبته بشكل ملحوظ.
وأمضى ساليناس سنواته المبكرة بين فرنسا ومصر، ودرس فى فرنسا على يد المصور الشهير "أندريه لوت"، وعُرضت أعماله بشكل متكرر فى أتيليه الإسكندرية إلى جانب الرواد الأوائل محمود سعيد ومحمد ناجى، بعد ثورة 1952 تغير الحال وخاصة بعد العدوان الثلاثى على مصر، حيث أصبحت الحياة صعبة بشكل متزايد للأجانب المقيمين فى مصر، غادرت عائلة ساليناس البلاد مثل كثيرين من الأجانب.
الذين عاصروا ساليناس يتذكرونه جيداً باعتباره ناقدًا فذّاً بجانب كونه فناناً بارعاً، وكان دائماً مستعدًا للتوقف طويلاً أمام الأعمال الفنية للمناقشة والتحليل. حيث تطلب ذلك منه عملاً شاقاً وبحثاً جاداً.
فى أواخر الخمسينيات من القرن الماضى سافر إلى باريس للبحث عن عمل، وفى عام 1969 أصبح صديقاً لبابلو بيكاسو حتى وفاة الأخير عام 1973، عندما طلب بيكاسو من ساليناس تنفيذ بعضاً من أعماله تحت عنوان "صور خيالية" بطريقة الطباعة الحجرية، إلى أن وصل عدد الأعمال المشتركة إلى ٢٩ عمل ما بين التصوير والطباعة، حيث كان بيكاسو يبحث عن بعداً آخر لأعماله وليس لمجرد نسخاً لها، ولذلك لجأ لساليناس لبراعته وشهرته فى هذا المجال ولكونه فناناً مستقلاً من الأساس. حازت أعمال الطباعة إعجاب بيكاسوا بشكل كبير وأصر على وضع توقيع ساليناس بجانب توقيعه، ليصبح بذلك "ساليناس" هو الفنان الوحيد فى العالم الذى وضع توقيعه بجانب توقيع بيكاسوا على نفس العمل.
انتقل ساليناس إلى "سانت لويس" عام 1995 وأقيم له معرضاً استيعاديا ضخماً لمجمل أعماله، واستمر ساليناس فى الرسم طوال العقود الأخيرة من حياته، حيث قضى بين باريس ونيويورك، وبين بروكسل وسانت لويس آخر أيامه، طوال حياته تنوع إنتاجه بين: الموديل العارى، المناظر الطبيعية، والطبيعة الصامتة. بينما تطرق فى أوقات مختلفة من حياته لأنماط مختلفة من الأساليب الفنية، بما فى ذلك التكعيبية والوحشية.فى نهاية المطاف عكف على استخدام الشاعرية فى الضوء والرسم واللون وأضفاها على كل شئ، على الناس والأماكن والأشياء. عُرضت أعماله فى الإسكندرية ونيويورك وباريس وكوبنهاجن وغيرها.
فُقدت مجموعة من أهم أعماله من مراحل حياته الأولى ولم يُستدل عليها حتى الآن، توفى ساليناس فى عام 2010 تاركاً وراءه كنزاً من الأعمال الفريدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة