قرار جرئ أقدمت عليه السودان، بالانسحاب من مفاوضات سد النهضة في ظل التعنت الإثيوبي والمراوغات المستمرة في الملف الذي يؤثر بشكل مباشر على مصالح القاهرة والخرطوم، وحقوقهما المائية. الانسحاب السوداني، جاء ليؤكد وحدة المصير الذي يجمع القاهرة والخرطوم، ويقدم بما لا يدع مجالاً للشك صورة واقعية لحجم وطبيعة العلاقات التاريخية التي ربطت البلدين، حكومة وشعباً، وليكشف في الوقت نفسه حجم التلاعب الذي تمارسه أديس أبابا في مفاوضات السد، متجاهلة في ذلك كافة القوانين والأعراف الدولية.
وجاء إعلان الخرطوم تعليق المشاركة في مفاوضات سد النهضة التي بدأت الخميس الماضي، مستندا إلى أسباب عدة بمقدمتها عدم التزام إثيوبيا بالقانون الدولي المتعلق بالمياه وحقوق الدول في الأنهار المشتركة، حيث تلزم اتفاقية الأنهار أديس أبابا بضرورة الإخطار المسبق قبل أن تقوم بأي عمل بحق الأنهار المشتركة مع دول أخرى، كما أنها لم تلتزم باتفاقية العام 1902 التي وقعتها مع السودان، والتي تعهدت بموجبها بعدم التعدي على أي من البحيرات والأنهار المشتركة إلا بعد موافقة الأطراف الأخرى.
وأعلن السودان، بداية الأسبوع عدم المشاركة جولة جديدة حول مشروع سد النهضة الإثيوبي تأكيدا لاعتراضه السابق على طريقة سير المفاوضات بين الدول الثلاث.
وبحسب وكالة الأنباء السودانية، قالت وزارة الري السودانية في بيان أن "السودان قرر عدم المشاركة في الاجتماع الوزاري حول سد النهضة الذي تمت الدعوة لعقده بعد ظهر السبت".
وأكد وزير الري السوداني ياسر عباس، في رسالة بعث بها إلى بيكلي سليشي، نظيره الإثيوبي، "على موقف السودان الداعي لمنح دور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي لتسهيل التفاوض وتقريب الشقة بين الأطراف الثلاثة، وأن الطريقة التي اتبعت في التفاوض خلال الجولات الماضية أثبتت أنها غير مجدية".
وجددت الرسالة التأكيد على تمسك السودان بالعملية التفاوضية برعاية الاتحاد الأفريقي للتوصل لاتفاق قانوني ملزم ومرضي للأطراف الثلاثة، إعمالا لمبدأ الحلول الأفريقية للمشاكل الإفريقية.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، وثقت الحكومتين المصرية والسودانية تعاونهما في مجالات عدة، من بينها ملف الدفاع المشترك ومراقبة الحدود ، حيث أجري الجيشين المصري والسوداني تدريبات خاضتها قوات خاصة وجوية في أول مناورة قتالية مشتركة منذ الإطاحة بنظام الرئيس السوداني عمر البشير.
وحضر اختتام المناورات التي أقيمت خلال الفترة من 11 نوفمبر الجارى وحتى 19 من ذات الشهر في قاعدة الفريق طيار عوض خلف الله الجوية بمروي شمالي السودان، رئيس أركان الجيش الفريق محمد حجازى، ورئيس هيئة الأركان السوداني الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، وعدد من المسؤولين.
ومؤخراً، اتفقت القاهرة والخرطوم على تفعيل اللجنة الفنية الدائمة المصرية السودانية المشتركة، وزيادة قدرات مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، وإعادة هيكلة هيئة وادي النيل للملاحة البحرية، ووضع خطة لتعزيز التبادل التجاري والاستثمار، فضلا عن مشروع ربط السكك الحديدية بين البلدين، وعلاج 250 ألف سوداني من فيروس سي في إطار مبادرة الرئيس السيسي لعلاج مليون أفريقي.
وتسعى القاهرة والخرطوم لتعزيز العلاقات الإقتصادية بينهما عبر إنشاء مشروعات حيوية اقتصادية مشتركة فى كافة القطاعات والتى كان آخرها التشغيل الفعلى للربط الكهربائى بين مصر والسودان وانطلاق المرحلة الأولى للربط الكهربائى بين البلدين والتى تهدف إلى إمداد الجانب السودانى بما تحتاجه من كهرباء وصولا للتكامل الذى يعود نفعه على الدولتين، وسيُسهم ذلك بالتأكيد فى إعادة تشكيل مستقبل العلاقات بين البلدين.