أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

"كل الشهور يوليو".. كل شىء مشتعل

السبت، 28 نوفمبر 2020 01:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما تقرأ جملة "كل الشهور يوليو" على الغلاف الأمامى لـ رواية إبراهيم عيسى الجديدة، والصادرة مؤخرا عن دار الكرمة، سوف ينتابك شعور بأن الرواية تدور حول ثورة يوليو 1952، وهذا الشعور صحيح تماما، وإن انتابك إحساس بأنك ستلاقى عالمًا مختلفًا كأنك تقرأ عنه للمرة الأولى فإن إحساسك سليم أيضا.
 بالطبع نعرف إبراهيم عيسى، نعرفه كاتبا صحفيا، وروائيا، وإعلاميا، ومثقفا نشيطا، والأهم أننا نعرفه مغرما بالأمور الشائكة، مغرما بالأحداث المتوترة، فى التاريخين العربى والإسلامى، لذا كان اختياره لـ ثورة يوليو يتفق تماما مع مزاجه فى الكتابة، وبرغبته الملحة على إثارة الجدل.
 
 وللعلم، هو، لم يتجاوز الـ 6 أشهر الأولى من تاريخ الثورة فى روايته، ولكنها 6 أشهر حاشدة تستحق رواية من 700 صفحة تقريبا، فقد استطاع إبراهيم عيسى أن ينقلنا عبر آلة زمن كى نجد أنفسنا فى ليلة 23 يوليو1952، نشاهد جنودا يتحركون بقيادة الصاغ يوسف صديق، واللواء محمد نجيب فى بيته يجلس بجانب التليفون فى انتظار مكالمة سوف تقلب العالم، والملك فاروق يقضى مصيفه فى الإسكندرية، والبرلمان تم حله، والنحاس باشا زعيم حزب الوفد خارج مصر ومعه "نجم الوفد" فؤاد سراج الدين، ورئيس الحكومة "نجيب الهلالى" يصرخ "أنا قرفان" والإخوان متربصون ومنتشرون داخل المؤسسات المهمة، كل ذلك يؤكد أن ليلة 23 يوليو كنت ساخنة بالفعل.
وقد جاء على الغلاف الأخير للرواية "أن إبراهيم عيسى ينقذ التاريخ من العواطف" هذه جملة مهمة وعلينا أن نضع تحتها خطًا، لكن لا نصدقها تماما، ولا نكذبها تماما، لا نصدقها تماما، لأنه بعد الانتهاء من الرواية ستجد صوت "إبراهيم عيسى" واضحا تماما، ستجد نبرته واضحة، وحسه الإعلامى واضح، وتعليقاته على ما حدث واضحة، ولا نكذب ذلك لأن "عيسى" اعتمد على مراجع وقصص وحكايات.
 
من ناحية أخرى نسأل: هل على الأديب أن ينقذ التاريخ من العواطف؟ أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال صعبة، بل أظن أننا لا يجب أن نوجه مثل هذه الأسئلة إلى الكاتب الأدبى من الأساس، لأن فن الرواية فى أصله عمل قائم على "الحكاية" التى تنطلق فى الأساس من وجهة النظر والخيال.
ولو توقفنا عند بعض الشخصيات فى الرواية سنجد الملك فاروق راغبا فى الفرار دائما، يتأرجح بين العدمية والصوفية، ولكن إبراهيم عيسى قدمه عالما بالمستقبل ومتوقعا للأحداث، ومبصرا لما بين السطور، أما محمد نجيب فهو رجل طيب وطنى مخلص ومع الوقت راحت الأضواء والهتافات تمثل له معنى وتسيطر على قلبه وروحه، أما جمال عبد الناصر فكان الرجل الأكثر ذكاء فى الرواية كلها، يمسك بكل الخيوط، ويفاجأ الجميع بعلاقاته المتعددة.
فى الرواية سوف نلتقى بالعديد من الشخصيات التى لم تأخذ حقها من الشهرة الشعبية يأتى على رأس هؤلاء كل من سليمان حافظ والسنهورى باشا وكيف صاغ هذان الرجلان الكثير من القوانين، وكيف شكلا كل شيء، سنجد حضورا طاغيا لـ مصطفى أمين وجريدته التي أشعلت كل شيء، وفى الرواية سنجد قصصا كثيرة وكواليس عديدة وبوتريهات مميزة لكل رجال هذه الفترة، وسنشعر بالفعل أن العالم مشتعل.
لقد بذل إبراهيم عيسى جهدا كبيرا فى هذه الرواية، فقد سعى خلف ثغرات ليملأها، وعرض المسكوت عنه، واستنطق الصامتين، ومنح فرصة للمختفين بعيدا عن كتب التاريخ كى يدلون بأصواتهم ويقدمون رأيهم فى مرحلة مهمة من تاريخ مصر.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة