عندما ترد كلمة "أمريكا" على ذهنك، ما الذى تفكر فيه؟ هل تفعل مثلما أفعل وتفكر فى أمور متناقضة؟ لو كنت كذلك فعلا فلا تنزعج، فمعظم الناس فى العالم يفكرون مثلنا، وأعتقد أن ذلك لا يعود لعيب فينا، لكنه جاءنا من طبيعة الشخصية الأمريكية.
كل الذى يخطر على ذهنك ستجده فى أمريكا، فيها التطرف والاعتدال، فيها العنصرية والمؤاخاة، فيها الجنون والعقل، ويمكن مراقبة كل ذلك وأنت تشاهد انتخابات الرئاسة الأمريكية والصراع المستمر بين ترامب وبايدن حتى هذه اللحظة.
منذ قديم، تتحدث الكتب والأبحاث عن الشخصية الأمريكية وتنوعاتها، ويسعى الباحثون لمحاولة فهم "طبيعة" الناس الذين جاءوا إلى الأرض الجديدة، من كل حدب وصوب، ساعين خلف اكتشاف كريستوفر كولومبوس، لقد كانوا مجموعة من المقامرين على حياتهم، مجموعة من المتعصبين دينيًا، عندما وصلوا أراقوا الدماء وقضوا على الإنسان صاحب الأرض، ولكن بعدها بدأوا فى بناء دولة استطاعت أن تصبح قوة عظمى فى العالم، فى سنوات تعد قياسية فى أعمار الدول.
التناقض الأمريكى قديم، فهذه الدولة هى التى كرست لاستعباد الإنسان فى العصر الحديث واختطفت من أفريقيا الآلاف عذبتهم وأهانتهم ودفنتهم فى أرضها مجهولين نسيًا منسيًا، وهى نفسها التى تتبنى مبادئ حقوق الإنسان فى العالم وتدافع عنها، هى التى تقف فى وجه الحروب وفى الوقت نفسه تشن حروبًا على العراق فتدمرها بسبب رئيس فقد عقله، هى التى تساعد الجماعات الإرهابية والمتطرفة فى العالم كله ثم تعود لتحاربها وتعمل للقضاء عليها.
هذا التناقض هو جوهر الشخصية الأمريكية، التى نتعجب منها طوال الوقت، نغضب عليها ثم نبدى إعجابنا بها، ونجلس أمام الشاشات لنتابع الانتخابات الرئاسية.