هل تنجح صناعة الكتاب ونشر المعرفة في مواجهه جائحة كورونا التي أصابت صناعات كثيرة في العالم بالعطب والتوقف.. وهل يتوقف أصحاب القلم عن التأليف والكتابة وتتوقف آلات الطباعة عن طبع آلاف بل ملايين الكتب حول العالم...؟ وهل تنتهي صناعة معارض الكتاب في العالم والدول العربية ...؟ هل يعيش الانسان بدون كتاب...؟
أسئلة كثيرة دارت داخل معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحالية رقم 39 بعد ان فاجأ القائمون عليه بالإصرار على إقامة وتنظيم المعرض مهما بلغت التضحيات والتكاليف، فالمعرض لابد أن يستمر دون توقف في مواجهه البلاء الطارئ المسمى بفيروس الكورونا المستجد الذى أصاب العالم بالشلل منذ مارس الماضي وأصبحت الحياه شبه مجمدة بعد غلق المطارات وتوقف الطيران وتأجيل رحلات السفر والتنقل الى حين لا يعرف أحد مداه الزمنى حتى الآن.
في العالم العربي هناك حوالي 13 معرضا كبيرا للكتاب من المغرب وحتى البحرين وربما في القريب يزيد العدد مع استقرار الأوضاع الأمنية في بعض الدول العربية مثل سوريا واليمن وليبيا بما يعنى أن هناك صناعة مزدهرة للكتاب في العالم العربي وان سوق الكتاب مازال له زبائن رغم ثورة الاتصالات والتكنولوجيا والرقمنة في السنوت العشرين الأخيرة.
عقب جائحة كورونا تأجل غالبية المعارض العربية الا أن معرض الشارقة جاء كتحدي وإصرار على المواجهة بين الكتاب والمعرفة والكورونا، فالحياة يجب أن تستمر والكتاب والمعرفة هما الابقى- كما قال سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة- والذى أيد استمرار المعرض دون توقف مع اتخاذ التدابير الاحترازية للحفاظ على صحة الزوار ومنح الناشرين والعارضين بارقة أمل في استمرار الصناعة وإعلان التحدي لأية طوارئ طبيعية أو صحية.
فصناعة النشر في العالم تمتد لأكثر من 200 عام وواجهت صعوبات وتحديات كثيرة ولكنها لم تتوقف عن الدفع بملايين الكتب والمطبوعات، فالكتاب قادر على تجاوز كل التحديات التي تمر على العالم، وحاجةُ الأمم إلى الكتاب هي حاجةٌ للنهوض وصناعة مستقبل أكثر أمنا وتحضرا.
المعنى من وراء انعقاد معرض الشارقة للكتاب كبير، فصناعة العقل والابداع هي الدائمة والباقية
لكن لابد من الاستفادة من الظروف الاستثنائية والتحديات التي تواجه الصناعة، فالظروف الحالية أثبتت حاجة قطاع النشر إلى توسيع فرص التعاون والعمل المشترك بين الناشرين العرب والأجانب، وضرورة الاستجابة للمتغيرات التقنية المتسارعة، ودراسة حالة السوق وتوجهات القراء ليس على المستوى المحلي أو الإقليمي وحسب، وإنما على المستوى العالمي.
فهناك ضرورة للتكيف مع الجائحة وتوظيف وسائل التكنولوجيا الحديثة في الحفاظ على الصناعة وتعزيز التواصل بين الناشرين والقراء
فصناعة النشر بقدر ما هي صناعة إبداعية تخدم الواقع الثقافي، إلا أنها صناعة تحتاج إلى خطط ومعايير للنهوض بواقعها، وتوسيع أثرها وحجم مساهمتها في اقتصادات البلدان.
يستحق معرض الشارقة للكتاب والقائمين عليه التحية والاشادة، فقد أدركوا أن الحياة هي الأصل وان الأيدي المرتعشة والخائفة لا تستطيع القدرة على العمل والتحدي.