تبدو العلاقة متوترة تماما الآن بين العالم الإسلامى وفرنسا، لكن العلاقات التاريخية بين الجانبين كانت دائما فى صعود وهبوط، تسببت الرسومات المسيئة التى نشرتها مجلة "شارل إيبدو" الساخرة فى موجة غضب واسعة تجاه الدولة الفرنسية، خاصة بعد تصريحات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، والتى فسرها البعض على أنها تتهم الإسلام بالإرهاب وتدافع عن الرسومات المسيئة للنبى محمد صلى الله عليه وسلم.
وشهدت العاصمة الفرنسية باريس، أحداثا متصاعدة على خلفية الرسوم المسيئة للنبى محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قام طالب بقتل مدرس قام بتداول تلك الرسومات، وتصاعدت موجات الغضب بين الجانبين.
وبعيدا عن الأحداث الأخيرة، فأن باريس كان إحدى المدن التى حاول المسلمون فتحها، لكنها استعصت عليهم، فبعدما فتح المسلمون الاندلس، توغلت جيوش المسلمين فى بلاد الغال، فتساقطت أمامهم الحُصُون والقلاع والمُدن الواحدة تلو الأُخرى.
الفتح الاسلامى للغال
ولما تبين للإفرنج أن بلادهم ستسقط بيد المسلمين تمامًا بعد أن وصل هؤلاء أسوار مدينة بريش (باريس) عاصمة المملكة، اتحد الأمراء تحت راية الدوق الأكبر فيهم، والذى كان يتولى نظارة البلاط الإفرنجى، المدعو قارلة مارتل (شارل مارتل)، وحاربوا المسلمين وتمكنوا من هزيمتهم عند مدينة طُرش (تور) فى معركة عرفت فى المصادر العربية والإسلامية باسم "معركة بلاط الشهداء" لكثرة ما خسره المسلمين من رجال.
وبحسب موسوعة "قصة الإسلام" أكمل هذا الفتح السمح بن مالك الخَوْلاني، ذلك القائد الربانى المشهور فى التاريخ الإسلامي- وقد اختاره الخليفة الراشد عمر بن العزيز- الذى انطلق إلى بلاد فرنسا مجاهدًا، وكانت بفرنسا مدينة إسلامية واحدة هى مدينة أربونة، تلك التى فتحها موسى بن نصير بسرية من السرايا.
وقد أعاد فتح أربونة، ثم مضى فى تقدمه حتى فتح طولوشة أو تولوز، واستولى على ولاية سبتمانية كلها، وأقام بها حكومة مسلمة فى هذا الوقت المبكر، وقد اتخذ من أربونة قاعدة للجهاد وراء جبال ألبرتات، وتوغل فى إقليم أكيتانية، غير أنه استشهد فى موقعة بالقرب من طولوشة/ تولوز انهزم فيها المسلمون، وقتل منهم عدد كبير يوم عرفة سنة 102هـ=9 من يونيه 721م.
الفتح الاسلامى لبلاد الغال
تم تابع حركة الفتوحات فى فرنسا القائد المجاهد عنبسة بن سحيم الكلبى، حيث اتجه شرقا حتى بلغ نهر الرون ثم صعد مع النهر شمالا حتى بلغ مدينة ليون، ثم وصل إلى مدينة سانس الفرنسية، وهى تبعد عن باريس بنحو ثلاثين كيلو مترًا، وهى أبعد نقطة وصل إليها المسلمون شمالا وهذا يعنى أن عنبسة بن سحيم - رحمه الله- قد وصل إلى ما يقرب من70٪ من أراضى فرنسا.
وفى طريق عودته تصدت له جموع كبيرة من الفرنجة، فاستشهد فى إحدى المعارك وذلك فى (ديسمبر 725م)، وقد أثارت حملة عنبسة مخاوف أوروبا كلها؛ حيث إنه اقتحمها اقتحاما، وأوغل بجيشه فى داخل بلادها دون أن يستطيع أحد مقاومته.