العلاقة بين الإخوان المسلمين والولايات المتحدة لا يمكن اختزالها في جاء فى رسائل البريد الإلكتروني لهيلارى كلينتون، أو الوصول منها لنتيجة أن وصول جو بايدن للبيت الأبيض يعنى بالضرورة العودة لسيناريوهات عام 2011 ، حين راهنت إدارة الرئيس السابق أوباما على تيار الإخوان وساندت وصولهم للحكم، قصة الإخوان وأمريكا لها فصول كثيرة، وبدأت قبل عقود من وصول أوباما للحكم، ومع بدء تصاعد المد الشيوعى، ومنذ 70 عاماً تقريباً، تشكّلت علاقة استثنائية بين أمريكا والإخوان، فقد اعتبر رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبون منذ خمسينيات القرن الماضي أن الجماعة يمكن أن تكون مفيدة لسياساتهم الخارجية، خاصة في منطقتي الشرق الأوسط وشرق أوروبا.
فعندما بدأ الصراع والتنافس الأمريكيين السوفيييت، شرعت واشنطن تستكشف إمكانية استخدام القوى الدينية لمهاجمة الإلحاد الذي تروج له الشيوعية، ولمواجهة التيار القومي العربى بزعامة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.
جذور تعاون الاستخبارات الأمريكية مع مؤسس الإرهابية.. واختيار واشنطن للمرشد الثانى للجماعة
ووفقا لتقارير إعلامية، بدأت الاتصالات بمسؤولين أمريكيين والإخوان المسلمين في مصر، خلال حياة مؤسسها حسن البنا في الأربعينيات من القرن الماضي، وكان المدخل المشترك للحوار بينهم هو مقالات البنا التي تهاجم الشيوعية، أمريكا عرضت التعاون من أجل محاربة "العدو المشترك"، مقترحة آلية للتعاون على البنا "برجالكم ومعلوماتكم ونحن بمعلوماتنا وأموالنا"، وهو أمر رحب به البنا.
وكانت الخطة تقوم على إيجاد شخصية دينية مؤثرة في الشارع وكان الاختيار هو قادة الإخوان وزرع بذور علاقة سرية بين وكالة الاستخبارات المركزية والجماعة، لكن لن يتم الكشف عن تفاصيل الشخصيات الإخوانية التي تم الاتفاق معها.
وكان حسن الهضيبي المرشد الثاني لجماعة الإخوان بالفعل كان على تواصل دائم مع السفير الأمريكى في القاهرة، وتمت عملية اختيار الهضيبي مرشداً للجماعة أساساً بالتوافق بين الاستخبارات الأمريكية والإخوان.
العلاقات السرية بين "الإخوان" الإرهابية والولايات المتحدة
وفي عام 1953، راسل أحد الدبلوماسيين في السفارة الأمريكية في القاهرة وزارة خارجية بلاده ليخبرها أن الإخوان يقترحون مشاركة سعيد رمضان - صهر حسن البنا- في مؤتمر يجرى في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن التنظيم سيتولى نفقات رحلته وكان يعرف في ذلك الوقت بأنه "وزير خارجية" الجماعة.
وكان هدف الاجتماع الحقيقي الترويج لأجندة معادية للشيوعية في الدول المستقلة حديثاً، والتي تجمعها صفة مشتركة وهي أنها بلدان ذات أغلبية مسلمة.وكانت تحليلات وكالة الاستخبارات المركزية تشير إلى أن سعيد رمضان "فظ"، ووصفته بـ"المليشاوي" وبأنه "فاشي مهتم بحشد الناس من أجل السلطة."
وفى عام 1953 ، ظهر القيادي الإخوانى سعيد رمضان، صهر حسن البنا، في صورة يلتف فيها قادة إسلاميون حول الرئيس الأمريكي دوايت آيزنهاور في المكتب البيضاوي.
وفى رواية أخرى، مولت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، بالتعاون مع استخبارات ألمانيا الغربية، بناء مسجد في مدينة ميونخ الألمانية من أجل محاربة الشيوعية ثم ساعدت الإخوانى سعيد رمضان على تولي إدارته.
وكان هدف أجهزة الاستخبارات الأمريكية والألمانية الغربية البحث عن مسلمين يمكن أن يذهبوا إلى دول العالم الثالث، من خلال المركز، كي يتحدثوا ضد الدعاية السوفيتية.
وصار المسجد أهم مقر للإخوان في ألمانيا، بل وفي أوروبا. وفي سنوات لاحقة، دعم الثورة الإيرانية، وساعد في هروب ناشط إيرانيين قتل أحد دبلوماسي الشاه في واشنطن.
ومولت الولايات المتحدة الجماعة الإرهابية، حيث تشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة صنعت قضية مشتركة مع الإخوان واستخدمتهم للقيام بعملها القذر في اليمن وأفغانستان والكثير من الأماكن الأخرى.
وفى أواخر السبعينيات طلب الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، عن الحزب "الديمقراطي" مساعدة الإخوان في حل أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران وكانت أبرز محطات تلك العلاقة في الثلاثين سنة الأخيرة هي ملف الرهائن الأمريكيين في طهران في نهاية عهد كارتر الذي أوفد مبعوثاً إلى مرشد الإخوان آنذاك عمر التلمسانى ليتدخل لدى القيادة الثورية الإيرانية للإفراج عن الرهائن".
وظل الدبلوماسيون الأمريكيون في السفارة في القاهرة يترددون على مقر الإخوان لاستطلاع رأيهم في التحولات السياسية في مصر والمنطقة والأحوال العامة في مصر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
وكان للقيادي الإخواني الإرهابي عصام العريان نصيب كبير من هذه اللقاءات حتى تمت دعوته من جانب فرانسيس ريتشاردوي السكرتير آنذاك، السفير لدى مصر بعد ذلك لزيارة خاصة لمدة شهراً في إطار برنامج تعده وتنظمه وزارة الخارجية الأمريكية.
الاختراق من بوابة "الدراسة"
بدأت الولايات المتحدة تسمح للعناصر الإخوانية بالتواجد بكثافة على أراضيها، وكانت الدراسة هي المدخل الطبيعي لوصول مئات الإخوان إلى أمريكا، وأسس هؤلاء الطلاب ما سمي بعد ذلك بـ«رابطة الشباب المسلم عام 1963 ، وقبل نهاية النصف الأول من ستينات القرن الماضي تأسس أول فرع لتنظيم الإخوان في الولايات المتحدة تحت اسم « الرابطة الإسلامية لأمريكا الشمالية» المعروفة اختصاراً باسم.ISNA
وسيطرت «إيسنا» على أكثر من 75 %من المساجد والجمعيات والمراكز في الولايات المتحدة، وكشفت وثائق نشرتها المخابرات الأمريكية عام 1999 أن غالبية الأعضاء الإخوان الذين أسسوا «إيسنا» كانوا ينتمون للإخوان في بلادهم قبل الوصول للولايات المتحدة ثم انضم لهم الطلاب الإخوان في الجامعات الأمريكية، وأطلق على هذه المرحلة من الخمسينات حتى منتصف الستينات مرحلة «التعبئة والتحشيد» بينما اعتبرت الأوساط الأمريكية أن تأسيس «إيسنا» هو بداية العمل التنظيمي الإخوانى في الولايات المتحدة.
وطوال أكثر من 30 عاماً حتى نهاية التسعينات كان الإخوان ينظمون مؤتمراً في مدينة أمريكية كبيرة كل عام في شهر سبتمبر كما أصدروا مجلة باسم « أفق»، وكان أحمد القاضي أول مراقب عام للإخوان في الولايات المتحدة.
رهان الاخوان على "بايدن" خاسر
ورغم التعاون الواسع بين الطرفين لكن أصبح اليوم هناك صعوبة تكرار رهان الجماعة الإرهابية على إدارة المرشح جو بايدن حال فوزه بالانتخابات الرئاسية، ولكن التغير الأهم فى السنوات الأخيرة هو أن غالبية الشعب، المصرى قد ترسخ لديه رؤية سلبية عن فترة حكم الإخوان، وعنهم كفصيل سياسى، وهو ما سيجعل أى رهانات أمريكية بخصوص الإخوان مجرد أفكار نظرية ومنغصات سياسية، فى حالة وصول بايدن للبيت الأبيض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة