بالرغم من مرور عقود على تقسيم فلسطين، والتطورات الهائلة التى شهدتها المنطقة العربية والعالم، تظل قضية فلسطين هى الأهم، والتى تبقى شاهدا على تواطؤ العالم بكل مؤسساته، هناك مئات القضايا والصراعات وجدت حلا، لكن بقيت فلسطين شاهدا على مأساة، لم ترتبط بالفلسطينيين وحدهم، لكنها بقيت عاملا مشتركا فى كل تحولات وصراعات المنطقة.
قبل 73 عاما، كانت بداية حقبة، ونهاية حقبة فى تاريخ الشرق الأوسط والعالم، فى 29 نوفمبر 1947 صوتت الأمم المتحدة بأغلبية 33 صوتا على مشروع قرار تقسيم فلسطين، إلى ثلاثة كيانات جديدة، هى، دولة عربية، وأخرى يهودية، وأن تكون القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية، الأمم المتحدة احتفظت باعتبار 29 نوفمبر «اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى»، وطوال هذه العقود شهدت القضية الفلسطينية تحولات وتقلبات هائلة، حروب 48 و56 و67 و73، وعلى هامش القضية وقعت أحداث أيلول الأسود فى الأردن، 1970، أو اجتياح بيروت 1982، وحتى حرب تحرير الكويت عام 1991، كانت القضية الفلسطينية حاضرة، حيث تبعها مؤتمر مدريد، وما تمخض عنه من نتائج.
فى 8 ديسمبر 1987، بعد تشييع الفلسطينيين 4 عمال من بلدة جباليا شمال غزة، دهسوا عمدا، اندلعت الانتفاضة الفلسطينية، التى عرفت بانتفاضة الحجارة، والتى كانت أكثر فعاليات المواجهة مع الاحتلال قوة، واستمرت طوال خمس سنوات، وأثمرت التوصل إلى مفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطينية، توجت عام 1993 بتوقيع اتفاقية أوسلو، والتى شكلت بموجبها السلطة الفلسطينية، وفى 1 يوليو1994، عاد الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات، إلى قطاع غزة رئيسا للسلطة الفلسطينية ضمن اتفاق غزة أريحا، وانتخب رئيسا عام 1996، حتى رحيله فى 11 نوفمبر 2004.
لكنها بعد رحيل الزعيم الفلسطينى، ياسر عرفات، لم تعد هى نفسها أثناء وجوده، فقد حافظ «عرفات» على وحدة الفلسطينيين، بالرغم من اختلافاتهم، وللمرة الأولى يخرج الانقسام بين الفلسطينيين للعلن عام 2006، لتنقسم الدولة الناقصة، وينكر الخط الأحمر الذى بقى رابطا بين الفلسطينيين.
وبقيت القضية الفلسطينية أيضا أحد عناصر الدعاية والتلاعب السياسى والمتاجرة، من داخل الفلسطينيين، وضمن الأنظمة العالمية والإقليمية، وكان الرئيس الراحل ياسر عرفات دائما ما يؤكد أن كل دول العالم كان لها مجموعات تابعة من بين الفلسطينيين، باستثناء مصر التى بقيت تدعم القضية ووحدة الفلسطينيين.
قطعت القضية الفلسطينية، طريقا طويلا خلال أكثر من سبعة عقود، وشهدت تدخلات من كل الأطراف والجهات، التى سعى بعضها، وما زال، للمتاجرة بالقضية، لكن مصر بقيت دائما حريصة على وحدة الفلسطينيين، تدعم المصالحة وتدفع نحو وحدة الصف.
وتؤكد مصر دائما موقفها الداعم لوحدة الفلسطينيين، وهو ما أكدته المباحثات التى جرت بين الرئيس عبدالفتاح السيسى، والرئيس الفلسطينى محمود عباس، والتى أكدت فيها مصر استمرارها فى جهود إتمام المصالحة وتحقيق توافق سياسى فى إطار رؤية موحدة بين جميع القوى والفصائل الفلسطينية، بما يُحقق وحدة الصف ومصالح الشعب الفلسطينى.
وظل الموقف المصرى من القضية ثابتا، يستند إلى دعم المواقف والخيارات الفلسطينية تجاه التسوية السياسية، حتى استعادة الشعب الفلسطينى لحقوقه وفق مرجعيات الشرعية الدولية.
بالطبع، فإن الوضع الإقليمى والدولى الآن يشهد تحولات وتشابكات معقدة، تجعل القضية الفلسطينية أقرب للتجميد، لكن يبقى أن وحدة الفلسطينيين تمثل أولوية، حيث لا يمكن أن تتحرك عملية سلام حقيقية، من دون أن يذهب الفلسطينيون، معا، إلى أى خيار، وهو ما تؤكد عليه مصر دائما، بعيدا عن أطراف اعتادت المتاجرة بالقضية.