تاريخ ممتد من العنصرية والانتهاكات تجاه الأقليات أو كل من يمتد عرقه للأتراك، تشهده أنقرة، يُحاول أن يتغاضى عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي تُشير سياساته جميعها إلى رعايته لعنصرية والتمييز العرقي، إضافة إلى غض النظر عن ملف حقوق الإنسان. أردوغان انتقد ما تعرض له مساعد مدرب فريق إسطنبول باشاك شهير، الكاميروني بيبو ويبو، خلال مباراته مساء الثلاثاء أمام فريق باريس سان جيرمان، بعد أن قام الحكم الرابع - سباستيان كولتسيكو - بالمباراة بوصفه بـ"الرجل الأسود"، ما تسبب في اعتراض لاعبي الفريق وتوقُف المباراة، ومغادرة الملعب. وقد أوضح "كولتسيكو" في تصريحاته بعد ذلك أنه لم يقصُد الإساءة مبررًا أن كلمة "نيجرو" التي استخدمها بأنها تعني الأسود باللغة الرومانية. وقال الرئيس التركي عبر حسابه على تويتر: "أدين بشدة العبارات العنصرية التي تعرض لها الجهاز التدريبي في فريق باساك شهير، مُضيفًا أن الإتحاد الأوروبي لكرة القدم سيتخذ الخطوات الازمة، مؤكدًا وقوف بلاده في مواجهة كافة أشكال العنصرية والتمييز في الرياضة وجميع مجالات الحياة دون قيد أو شرط.
لعل أردوغان تناسى سجل إدارته وتاريخها السئ في التعامل مع ملفين الأكراد والأرمن، إضافة إلى قمع المعارضة بالداخل التركي وفي أحيان أخرى العنصرية ضد المرأة؛ فلماذا لم تنتفض تركيا لعنصرية مُعلقها الرياضي، ميليه شينديل أثناء تعليقه على مباراة بين مانشتر سيتي وريال مدريد كانت في أغسطس الماصي، حيث انتقد "التي شيرت" الوردي الذي ارتداه لاعبو ريال مدريد، قائلًا أنه يعتقد أن كرة القدم ليست للنساء، لافتًا إلى رؤيته بأنها لعبة للرجال منها للنساء، الذي ربما تناسبهن لعبة الكرة الطائرة أكثر، فيما لا يناسبهن أيضًا لعبة كرة السلة، على حد قوله. وهو الأمر الذي لاقى غضب واسع على السوشيال ميديا، مُعتبرين أن هذه التعليق عنصرية صريحة ضد المرأة.
أما عن ملف الأكراد، فهناك تصريحات عنصرية شهيره له ضدهم برر تسبب عمليته العسكرية في شمال شرق سوريا بنزوح عشرات الآلاف من المواطنين الأكراد بعائلاتهم وأطفالهم، قائلًا: "أن هذه المناطق صحراوية تلائم عيش المواطنين العرب ولا تلائم أسلوب حياة المواطنين الأكراد"، بحسب "العربية.نت". وقد أججت سياسات أردوغان الكراهية لدى قطاع من شعبه تجاه السوريين وملف اللاجئين، إلى حد تصدرهاشتاج بعنوان "ليغرب السوريون عنا" موقع تويتر في يونيو من العام الماضي بالوسط التركي، مطالبين فيه أكرم إمام أغلو بإخراج السوريين من إسطنبول. وفي أغسطس الماضي تعرض أحد الجنود بالجيش التركي يُدعى دوغان تشاتين لاعتداء وحشي على يد زملاءه كذاد أن يودي بحياته بسبب حديثه باللغة الكردية، وقد التقى بمسوؤلين من وزارة العدل ورئاسة أركان الجيش التركي، وعلى الرغم من ذلك لم يتم التحقيق في الواقعة. ولم تكُن هذه الواقعة الأولى ولا الأخيرة ضد الأكراد بتركيا؛ فحتى الفن لم يسلم من عنصرية أردوغان؛ ففي أكتوبر من العام الجري تم منع عرض مسرحية باللغة الكردية - بيرو - في إسطنبول من قبل السلطات التركية؛ قبل عرضها بدقائق، بزعم ترويج دعاية إرهابية، وهو ما أثار ردود فعل مُستنكرة.
هذا وهناك تاريخ ممتد من العنصرية التركية تجاه الأرمن؛ دون الاعتراف بشكل صريح عما حدث لهم من إبادة ببلادهم، ليأتي أردوغان الآن لإثارة الفتن والمشاركة في إشعال الخلافات بتدخله على خط الأزمة بين أرمينيا وأذربيجان، وتأجيج الصراع بينهما، دون وجه حق. وهو ما لا يختلف عن سياسات أردوغان في الأزمة الليبية وتأجيج الصراعات بين أبناء الشعب الليبي. وفي يونيو الماضي وصف عدد من النشطاء الأمريكيين، وخاصة ضمن مجموعة "الاشتراكيون السود؛ الرئيس التركي بـ"أحمق وفاشي"، وذلك حيث غرد مُتدخلًا في "مظاهرات جوروج فلويد"، مع الإشارة إلى تناسيه سياساته وما يرتكبه ومليشياته في ليبيا وسوريا، وأيضًا ضد المعارضين الأتراك.
ربما يُحاول أردوغان التقرُب من الاتحاد الأوروبي من خلال تغريدته، وخاصة بعد مناقشة وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على تركيا على خلفية أحداث "شرق المتوسط" وانتهاك نظامه لسيادة هذه المنطقة. بينما تعلم أوروبا جيدًا أساليب وسياسات أردوغان المُراوغة ولا تختلط الأوراق لديها بين السياسة والرياضة مثلما يُحاول أردوغان أن يفعل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة