بمناسبة اليوم العالمى لمكافحة الفساد، هذه الكلمة البسيطة تختصر الكثير من التفاصيل وتقدم تفسيرا لكيفية تحول الدول الثرية إلى دول فاشلة، والعكس صحيح، فالفساد موجود فى كل العالم لكنه فى بعض الدول يبدو أحيانا أكثر توحشا، ويلتهم المال العام ويدمر الحاضر والمستقبل، من هنا تبدو أهمية تطبيق مقولة الرئيس حول توفير «إرادة سياسية لمجابهة الفساد، تحقق عدالة حقيقية، لأن الفساد يخصم من المال العام ومن قدرة الدول على التنمية».
وقد تزامن مع اليوم العالمى لمكافحة الفساد، مؤتمر هيئة الرقابة الإدارية، بالأمس، حيث تقوم الهيئة خلال السنوات الأخيرة بجهود قوية تظهر جدية وعزما على مواجهة شاملة للفساد بأنواعه، وقد عانينا طوال عقود من تغلغل الفساد فى أجهزة مختلفة، وظهرت أنواع من الفساد وقدرات للفاسدين بدت فى بعض الأحيان عصية على المواجهة، وأول خطوة للمواجهة هى عدم اعتبار أى مسؤول فوق المساءلة والمتابعة، لأن الفساد يتغلغل بدرجات وأشكال، وعلى سبيل المثال فقد سقط خلال السنوات الأخيرة عدد من كبار المسؤولين بالمحليات والأحياء بتهم الرشوة والفساد، واتضح تكرارية ظهور فاسدين فى نفس الموقع، وهو ما يستدعى إعادة النظر فى التشريعات والسلطات الممنوحة للمسؤولين والفصل بين سلطات المسؤولين حتى لا تتركز السلطة الإدارية فى يد واحدة وتعميم التعامل الإلكترونى وتقليل تدخلات البشر، وهو ما يسميه رئيس الوزراء «محور الشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية»، والذى يدخل ضمن استراتيجية الدولة لمجابهة الفساد، ويستهدف الوصول إلى «جهاز إدارى كفء وفعال، يحسن إدارة موارد الدولة، ويقدم خدمات مميزة، ويتسم بالشفافية والنزاهة والمرونة، ويخضع للمساءلة، ويُعلى من قيمة رضاء المواطن، ويتفاعل معه، وصولا للوقاية من الفساد ومكافحته وبتر أطرافه»، ونظن أن هذه الهدف يحقق أغلب مطالب الجمهور فى نظام حكومى ناجح، ومن المهم توحيد الجهود بين الجهات الرقابية المتعددة، بحيث تعمل كلها باتجاه واحد، وفى حال تحقيق هذه الأهداف التى يعلنها رئيس الحكومة تكون مصر قطعت شوطا كبيرا فى تحسين حياة الناس، وأيضا مواجهة الفساد بأحجامه الكبير والصغير، والذى يلتهم جهود التنمية ويضاعف من شعور الناس بالظلم.
وحسبما قال الوزير حسن عبدالشافى، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، فإن الطريق ما زال طويلا ويتطلب من الجميع الصبر، وقد أعلن أن الفساد موجود فى كل دول العالم، وأن هناك اختلافا فى أشكاله وأنواعه حسب كل مجتمع.. وتحدث رئيس الرقابة الإدارية عن جهود التعامل بحسم، فضلا عن المشاركة فى المشروعات القومية.
الفساد يكلف كثيرا، لأنه يلتهم حقوق الناس، وهو ما يعلى من قيمة الشفافية، لأن العدل يدعم شعور الناس بأهمية الجهد، وعدم الاعتماد على الربح العابر، لدينا إرادة سياسية لمواجهة الفساد، وإدراك بأن المفسدين يلتهمون حقوق الدولة والمجتمع.. رئيس الوزراء تحدث أيضا عن أهمية إدارك المجتمع ودعمه لجهود مكافحة الفساد، وهو أمر يمكن أن يتحقق فى حال شعور المواطن بأن هناك جدية، ومساواة أمام القانون ومواجهة شاملة للفساد، وفى هذه الحالة يظهر المجتمع تعاونا.
الفساد هو القضية الأهم التى تتطلب مواجهة دائمة، وليست مواجهة بشكل موسمى.