- علاقات القاهرة وباريس «استثنائية».. مصر ضمن أكثر دول البحر المتوسط تحقيقا للنمو رغم «كورونا».. أمام الشركات الفرنسية فرص واعدة للاستثمار.. الرسوم المسيئة لا تعكس الموقف الرسمى من الدولة.. هناك أكثر من 160 شركة فرنسية يعمل بها 50 ألف مصرى.. وإدراج الإخوان على قوائم الإرهاب قرار يجب اتخاذه بعد مراجعات على المستوى الأوروبى بالكامل
- الرئيس التركى يرتكب أفعالا غير لائقة وليست على مستوى شعبه.. وما تقوم به أنقرة يبعدها عن حلم «الاتحاد الأوروبى»
«لأنها مصر، ولأنه الرئيس السيسى، كان يجب أن يكون الاستقبال على هذا النحو»، بهذه العبارة، علق السفير الفرنسى لدى القاهرة ستيفان روماتيه، على الزيارة الأخيرة التى أجراها الرئيس إلى العاصمة الفرنسية باريس، مشيرا فى أول حوار يجريه بعد الزيارة إلى أن ما يجمع مصر وفرنسا على مستوى الدولة «علاقة استثنائية»، وما يجمع عبدالفتاح السيسى وإيمانويل ماكرون، صداقة حقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معان، وفى حديث مطول لـ«اليوم السابع»، تطرق السفير إلى ملفات التعاون بين القاهرة وباريس، وما تم إنجازه خلال زيارة الرئيس السيسى إلى فرنسا، مشيرا إلى أن مصر من بين أكثر دول البحر المتوسط تحقيقا للنمو، رغم أزمة كورونا، وهو ما يجعلها سوقا واعدا ومليئا بالفرص للشركات الفرنسية فى الوقت الراهن، وإلى نص الحوار:
اختتم الرئيس السيسى زيارة مهمة لبلادكم.. كيف تقيمون تلك الزيارة فى دعم علاقات البلدين؟
بروتوكوليا، كانت زيارة الرئيس السيسى «زيارة دولة»، وهى أعلى مستوى على الإطلاق من الاستقبالات الرسمية لأى ضيف أجنبى فى بلادنا، وأردنا من ذلك أن نكرم الرئيس المصرى، فنحن منذ انتشار وباء كورونا لم نستقبل أى رئيس دولة، تحديدا منذ بداية 2020، لكن لأنها مصر، ولأنه الرئيس السيسى، أراد الرئيس إيمانويل ماكرون استقباله على هذا النحو، ما يجسد قوة العلاقات الفرنسية المصرية الاستثنائية، والصداقة القوية التى تجمع الرئيسين.
رسائل سياسية عدة، حملتها الزيارة، لكنها شهدت أيضا تعزيزا للتعاون الاقتصادى.. حدثنا عن هذا الجانب!
الرئيس السيسى أكد خلال زيارته الأخيرة على البعد الاقتصادى، وهذه الشراكة الاستراتيجية التى يتمتع بها البلدان، وعلى أهمية التعاون بينهما، وقد تناول أيضا خلال زيارته المشروعات القومية التى يتم إنجازها حاليا فى مصر، لا سيما فى البنية التحتية، ومجالات إنشاء المدن الجديدة.
وأود أن أؤكد أن مصر من بين أكثر دول البحر المتوسط تحقيقا للنمو رغم أزمة كورونا، وهو ما يمنح الشركات الفرنسية فرصا ثمينة، لتكيف وجودها داخل مصر، خاصة أن السوق المصرى يتمتع بامتيازات عدة، ما يجعله جاذبا للاستثمارات.
ما القطاعات المرشحة لزيادة الاستثمارات الفرنسية داخل مصر؟
قطاعات عدة مرشحة للزيادة، فى مقدمتها الصحة والنقل وقطاع البناء والتشييد، فضلا عن قطاع الطاقة، والمشاركة بشكل موسع فى بناء المدن الجديدة، وغير ذلك.
سيادة السفير، حدثتنا عن التعاون فى قطاع الصحة.. هل هناك تعاون على وجه التحديد فى جهود مكافحة كورونا؟
ملف مكافحة كورونا كان حاضرا بقوة، ونحن نعمل على تعزيز التعاون مع القاهرة فى هذا الشأن، وتم على هامش زيارة الرئيس التوقيع على اتفاقية بـ50 مليون يورو لتعزيز التغطية الصحية الشاملة التى تقدمها الدولة المصرية لمواطنيها، فهناك العديد من الجوانب التى يجب إنجازها فى هذا الاتجاه.
ما تقييمكم لإجراءات الحكومة المصرية فى مواجهة فيروس كورونا؟
مصر اختارت التحدى، حيث اتخذت قرارا لصالح التعايش مع إجراءات مواجهة كورونا، وعدم اتخاذ قرارات بالغلق التام لمختلف الأنشطة، حفاظا على الاقتصاد، وهو ما لم نفعله فى فرنسا، بسبب أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية فى البلدين مختلفة.
ننتقل إلى ملف شائك.. وهو الرسوم المسيئة التى أثارت جدلا واسعا أعقبته حملة شرسة ضد فرنسا.. كيف واجهت باريس تلك العاصفة؟
طرحت جريدتكم هذا السؤال على الرئيس الفرنسى خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس السيسى، ولقد شرح ماكرون بأن كل فرد فى فرنسا، سواء لقى هذا الأمر قبولا أو لا، يمكن أن يعبر عن رأيه فى الصحافة أو ينشر رسوما كاريكاتورية وهذه هى حرية التعبير فى فرنسا.
لكن دعنا نؤكد على عدة رسائل، عندما يتم نشر رسم ما، فهذا لا يعبر عن موقف رسمى من قبل الدولة الفرنسية أو من رئيس الجمهورية، أو من قبل الحكومة، هذا الرسم يعبر فقط عن صاحبه، أو الرسام الذى رسمه بصفته الشخصية ولا يعبر عن أحد سواه.
نحن نتفهم أن مثل هذه الرسوم يمكن أن تكون صادمة للعديد من المسلمين، لكنها سلوك شخصى وليست مبادرة رسمية فرنسية، الأمر المهم هو وجوب أن يعرف الجميع أن فرنسا تحترم الإسلام، وكل الأديان، فى سياق العلمانية الفرنسية، وأننا نتخذ كل الإجراءات التى تمكن المسلمين فى فرنسا من ممارسة شعائرهم فى أفضل الظروف الممكنة.
هل أثرت دعوة مقاطعة المنتجات الفرنسية التى انطلقت فى بعض الدول على الاقتصاد الفرنسى؟
دعنى أؤكد، فى مصر هناك شركات فرنسية كثيرة، ويزيد عددها على 160 شركة، وهى تخدم مصريين وتوفر العمل لآلاف من الأسر، ويعمل بها ما يزيد على 50 ألف مصرى، وتقدم خدمات البيع للمجتمع المصرى، والمقاطعة سوف تعود على المصريين بالطبع بالضرر والنتائج السلبية.
تقود فرنسا حملة شرسة ضد التنظيمات المتطرفة والإرهاب.. هل يمكن أن يؤدى ذلك لصدور تشريعات تضع جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب؟
هذا قرار يجب اتخاذه على المستوى الأوروبى بالكامل، وهناك جدل أوروبى مفتوح حول التنظيمات التى يجب أن يتم إدراجها على قوائم الإرهاب، لكن فيما يخص بلادنا، فنحن نواجه جماعة ترفض الانضمام والخضوع لقيم ومعايير الجمهورية مستخدمة الدين ستارا لها، فهذه هى الحرب الأشرس، وهو ما تعمل عليه الحكومة حاليا من خلال سن قانون مواجهة «الانفصالية باسم الدين».
لدينا بعض العائلات ترفض الاندماج فى قيم المجتمع بحجة تطبيق الإسلام، ولا بد من التصدى لمثل هذه الظواهر، ومواجهة التطرف تحت ستار الدين، ومحاولة فرض نمط سياسى واجتماعى مناف لقيم الجمهورية، والتى تصل أحيانا لاستخدام العنف.
مصر لديها تجربة طويلة فى مكافحة الإرهاب والتطرف.. كيف تقيمون تلك التجربة؟
معركتنا مشتركة، مصر وفرنسا تواجهان التهديدات ذاتها والتحديات الأمنية بعينها، مع اختلاف التفاصيل، والدولتان دفعتا ثمنا غاليا فى مجال مكافحة الإرهاب، وعملية مكافحة الإرهاب يجب أن يتم إنجازها معا.
حاولت بعض الدول استغلال أزمة الرسوم ومواجهتكم للتنظيمات المتطرفة.. ومن بينها تركيا.. كيف واجهت باريس تلك الإساءات؟
تركيا تسىء التصرف، وهناك تحد شديد وسباب أطلقه الرئيس التركى بحق رئيس الجمهورية الفرنسية، وأعتقد أن هذه تصرفات غير لائقة، وليست على مستوى دولة وشعب مثل الشعب التركى، وهناك سيناريوهان فى تلك الأزمة، الأول هو عدول الرئيس التركى استراتيجيته المعادية والاستفزازية، ونستعيد معا التعاون من جديد وإقامة العلاقات القائمة على التهدئة، وهذا أمر حسن وجيد، والخيار الثانى هو أن يستمر فى مضايقاته وتحرشاته، وفى هذا السياق سيتعين اتخاذ إجراءات فى مواجهة الرئيس التركى ويمكن أن تصل تلك الإجراءات إلى حد العقوبات.
كيف ترى باريس طموحات النظام التركى فى الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبى؟
ليست وليدة اليوم، هم يسعون إلى ذلك منذ عام 1963، واليوم ما نراه من تركيا سلوكيات بعيدة كل البعد عن أوروبا، وقيمها وما تقوم به أنقرة يبعدها كل البعد عن الاتحاد الأوروبى، نحن نرى أن التحرشات الحالية لتركيا فى منطقة شرق المتوسط وسوريا وليبيا، تبعدها عن التكتل الأوروبى، لكن فى النهاية هى خيارات اتخذها الرئيس التركى وسياسته، وليس لنا فيها من الأمر شىء، وعلينا أن نذكر هنا أن الاتحاد الأوروبى ليس فقط حيزا اقتصاديا أو سوقا تجارية، إنما مجموعة قيم أصيلة لا بد من الحفاظ عليها.
بعد المواجهة التى قادتها الحكومة الفرنسية مع الجماعات المتطرفة.. تحدثت بعض وسائل الإعلام الفرنسية عن «الأئمة الأتراك»، ودورهم فى نشر التطرف.. ما تعليقك؟
بخصوص الأئمة الذين يخطبون فى فرنسا، علينا أن نؤكد أن فرنسا بها مسلمون، وعليهم التردد بطبيعة الحال على المساجد، ونحن نستهدف أن يكون جميع الأئمة الذين يعتلون المنابر خريجى جامعات وهيئات فرنسية، وأن يتم تدريبهم فى فرنسا، ولا يجب علينا الاعتماد على حكومات أجنبية فى هذا الشأن، وبالأخص تركيا.
لماذا لم تلجأ باريس للأزهر فيما يتعلق بتدريب الأئمة؟
لدينا بالفعل علاقة مبنية على الثقة ومنتهى الاحترام مع مؤسسة الأزهر، وخير دليل على ذلك هو اللقاء الذى حرص وزير الخارجية الفرنسى على إجرائه مع الإمام الأكبر للأزهر، الدكتور أحمد الطيب، خلال زيارته مؤخرا إلى مصر منذ أسبوعين تقريبا، وهناك بين فرنسا ومؤسسة الأزهر مبادلات منتظمة، والكثير من برامج التعاون، لا سيما فى مجال تعليم اللغة الفرنسية.
وأريد أيضا أن أؤكد أننا نثنى ونثمن موقف الإمام أحمد الطيب الذى يدافع عن الإسلام الوسطى.
ننتقل لملف آخر يمثل أهمية لكل من مصر وفرنسا، وهو الملف الليبى.. فى رأيك، ما الذى يحول دون الوصول لتسوية نهائية؟
لدينا نفس الرؤى والأهداف ذاتها فيما يتعلق بالأزمة الليبية، ونحن نعمل مع شركائنا المصريين على 3 محاور، أولا: العمل على احترام وقف إطلاق النار وإجلاء القوات الأجنبية سواء تركية أو غيرها، تنفيذا للاتفاق الذى أطلق فى 23 أكتوبر من أجل وقف إطلاق النار، وثانيا: العمل من أجل التوصل لحل سياسى وتشكيل سلطة تنفيذية جديدة لإجراء انتخابات بحلول عام 2021، وثالث ملف نعمل عليه مع أصدقائنا المصريين، يتعلق بالاقتصاد، حيث نعمل من أجل ضمان أن تصل عائدات البترول إلى الشعب الليبى ويتم توجيهها لهم، وألا تذهب إلى تمويل الميليشيات المزعزعة للاستقرار.
هل هناك موقف أوروبى مشترك لآليات حل الأزمة ومواجهة أطماع تركيا فى هذا الشأن؟
هناك ضرورة ملحة لتوحيد موقف أوروبا، لكن هناك قدرا من التباين فى مواقف الدول الأوروبية حول آلية حل الأزمة الليبية، وهذا التباين قد ينعكس فيما يتعلق بالدور التركى على الساحة الليبية، لكن بالنسبة لفرنسا فموقفها واضح، وترفض أى وجود عسكرى تركى فى ليبيا.
ما الرد على أن القضية الفلسطينية لم تعد مدرجة على أجندة باريس الخارجية؟ و هل هناك مبادرات مرتقبة لإعادة فتح ملف التفاوض بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية؟
ستظل القضية الفلسطينية على رأس أولويات باريس والدبلوماسية الفرنسية، ونحن نعمل مع مصر فى هذا الملف، ونرى أنه لن يكون هناك استقرار فى منطقة الشرق الأوسط، دون إطلاق عملية سياسية تصل إلى تنفيذ خطة إقامة الدولتين، ومصر نشطة للغاية فى هذا الملف، ونحن نتحدث فى هذا الأمر كثيرا مع أصدقائنا المصريين، ونتحدث أيضا مع أصدقائنا الأردنيين وشركائنا فى ألمانيا، وهناك رباعى مكون من فرنسا، مصر، والأردن، وألمانيا، يعمل فى هذا الاتجاه وهناك مشاورات مشتركة بيننا لإعادة إطلاق المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، ونرى أنه لا يجب علينا ترك الشعب الفلسطينى دون حل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة