استمرت الازمات السياسية فى امريكا اللاتينية فى عام 2020، بعد فترة من الاحتجاجات التى هزت القارة السياسية فى 2019، وشهدت دول مثل جواتيمالا وتشيلى وكولومبيا وبيرو مظاهرات احتجاجية واسعة فى العام الجارى.
ويرى المحلل السياسى دانيال زوفاتو أن "على غرار ما حدث في نهاية عام 2019 ، فإن هذا العام 2020 غير المسبوق يغلق أيضًا الاضطرابات في العديد من دول المنطقة ، حيث سئم المواطنون ، وخاصة الشباب ، من قادتهم الذين لا يثقون بهم ، ويطالبون بالكرامة والاندماج والخدمات الاجتماعية في الشوارع. ونهاية الفساد ".
وأشارت صحيفة "لا ناثيونال" الارجنتينية إلى أن الالاف من الجواتيماليين نزلوا الى الشوارع للاحتجاج على الميزانية الجديدة ، والتى انتشرت فى تلك الاحتجاجات قمع الشرطة المفرط، ومن ناحية آخرى تصرفات المتطرفين المقنعين الذين احرقوا جزءا من الكونجرس، واستمر التوتر أمس مع احتجاجات جديدة أقل عددا إلا أن هناك دعوات لاضراب تم الدعوة إليه من خلال التواصل الاجتماعى.
ويعتبر الدافع الرئيسى للاحتجاجات هو الموافقة شبه الخفية على الميزانية الوطنية لعام 2021، والتى تعرضت منذ اليوم الأول لانتقادات بسبب ارتفاع الدين العام الذى يعود لأسباب تفشى فيروس كورونا والأزمة التى خلقها.
واتفقت منظمات وطنية ودولية مختلفة على التأكيد على تجاوزات الشرطة للتجمع السلمي لآلاف الأشخاص في وسط المدينة التاريخي ، والتي طالبت أيضًا باستقالة الرئيس بالإضافة إلى نقض الميزانيات، وطالبت لجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان (IACHR) "بفتح تحقيق في التخريب المتعمد الذي تعرض له الكونجرس ، وبعد ذلك قمع عملاء الدولة الاحتجاج بشكل عشوائي".
وقال رافائيل روخاس ، مؤرخ كوبى ، "أوقاتًا ضبابية" لمنطقة بدون مستقبل واضح. الفرضية الرئيسية للمؤلفين هي أن فيروس كورونا أوقف ربيع الحركات الاجتماعية ، لكنه في الوقت نفسه أعطى السبب وراء مطالب السياسيين ضد عدم المساواة والفقر والفساد، مضيفا أنه "نواجه استنفاد المراجع وطرق مواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في أمريكا اللاتينية".
وفى بيرو، تعانى الحياة السياسية من أزمة حقيقة ، حيث انتخب الكونجرس في بيرو البرلماني فرانسيسكو ساجاستي رئيسا مؤقتا للبلاد وسط تفاقم الأزمة السياسية على إثر عزل الرئيس السابق مارتين فيزكارا بتهم الفساد.
وحصل ساجاستي من حزب "مورادو" المحسوب على قوى الوسط، على العدد الضروري من الأصوات ليتولى رئاسة الكونجرس، ويصبح بالتالي رئيسا مؤقتا للجمهورية حتى تنصيب رئيس جديد بعد الانتخابات التي من المقرر أن تجري في أبريل المقبل.
وصوت لصالح ساجاستي 97 نائبا في الكونجرس مقابل 26 نائبا ضده، ومن المتوقع أن يبقى رئيسا مؤقتا حتى يوليو المقبل، ويأتي ذلك بعد أن فشلت اليسارية روسيو سيلفا سانتيستيبان في الحصول على مصادقة الكونجرس على تعيينها رئيسة له.
ويذكر أن ساجاستي أصبح ثالث شخصية في منصب رئيس الدولة خلال أسبوع بعد أن عزل الكونجرس مارتين فيزكارا من المنصب متهما إياه بالفساد، وتولى رئيس الكونجرس مانويل ميرينو مهام الرئاسة مؤقتا.
أثار قرار عزل فيزكارا احتجاجات واسعة تحولت إلى اشتباكات بين الشرطة والمحتجين. وبعد سقوط قتلى في الاشتباكات أعلن ميرينو عن استقالته من المنصب.
أما فى البرازيل، فيثير الرئيس البرازيلى انتقادات كثيرة ، حيث أنه على الرغم من ان بلاده تمثل أعلى ثانى دولة فى العالم من حيث الاصابات والوفيات بعد الولايات المتحدة الامريكية إلا أنه حتى الآن لم يتخذ أى اجراءات وقائية لمنع تفشى الوباء.
وجاء التحذير في رسالة أرسلها المجلس الوطني لوزراء الصحة (كوناس) ، الذي يضم السلطات الصحية في جميع الولايات ، إلى وزارة الصحة وطلبوا فيه عقد اجتماع لمناقشة الإجراءات اللازمة للتعامل مع الموجة الثانية من الجائحة، كما حذرت الحكومات الإقليمية في البلاد في اليوم السابق من "مأساة وبائية" محتملة ذات أبعاد كبيرة إذا رفضت السلطة التنفيذية الاعتراف بأن البلاد تشهد موجة ثانية من وباء كوفيد -19 وامتنعت عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهتها.
وأكدت الصحيفة فى تقريرها أن الحكومة البرازيلية برئاسة الرئيس جايير بولسونارو ، تعد من أكثر الحكومات تشككًا في العالم بشأن خطورة الوباء وانتقدت إجراءات التباعد الاجتماعي التي تفرضها الإدارات الإقليمية والبلدية لمكافحة فيروس كورونا.
ويزعم رئيس الدولة أن مثل هذه الإجراءات لن توقف العامل الممرض ولكنها يمكن أن تولد إفلاسًا عامًا للشركات وتسريحًا جماعيًا للموظفين، وأن الجوع يمكن أن يتسبب في وفيات أكثر من المرض نفسه.
وقالت صحيفة "لا اوبنينيون" إن بسبب زيادة الاصابات من المدن الكبرى فى البرازيل إلى الامازون فمن المتوقع أن تتبع البلاد خطى الولايات المتحدة، حيث تحافظ على الاعداد فى منحنى تصاعدى، ويواصل الكثيرون رفض الدعوات لاتخاذ تدابير أكثر صرامة لاحتواء انتشار الفيروس حيث يوشك البرازيليون على إجراء جولة ثانية من الانتخابات البلدية على المستوى الوطني.
أما فى تشيلى ، فشهدت احتجاجات واسعة فى نوفمبر ، حيث شارك العديد من المواطنين في تظاهرات تندد بالعنف ضد المرأة، واحتجاجا على إلغاء الحكومة مشروع قانون كان لصالح المتقاعدين.
وأعرب المحتجون عن غضبهم وأضرموا النار في مواقف الحافلات، وألقوا الحجارة على الشرطة في عاصمة تشيلي سانتياغو، وذلك احتجاجا على إلغاء الحكومة مشروع قانون يسمح للمواطنين بسحب جزء من أموالهم التقاعدية في ظل الأزمة الاقتصادية جراء الجائحة، ومطالبين باستقالة الرئيس التشيلي سيباستيان بينييرا.
وشهدت التظاهرات استخدام المياه والغاز المسيل للدموع من قبل الشرطة، لتفريق وإبعاد المحتجين.
كما تظاهر عشرات الأسخاص أمام مبنى المحكمة العليا في العاصمة التشيلية سانتياجو، للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين المحتجزين خلال الاحتجاجات الأخيرة التى شهدتها البلاد .
وفى كولومبيا ، خرج الآلاف من السكان الأصليين والمدرسين والطلاب والنقابيين والنشطاء في مسيرة في عاصمة كولومبيا، بوجوتا، نوفمبر الماضى للاحتجاج على أعمال القتل والمجازر والفقر الناجم عن الجائحة والسياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة.
وكانت اندلعت احتجاجات في سبتمبر الماضى بعد أن قتل ضابطا شرطة رجلا بتهمة انتهاك قيود فيروس كورونا، واندلعت أعمال عنف خلال احتجاجات العام الماضي وفي سبتمبر، وأودت بحياة 15 شخصا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة