أدى السفير عبدالله بن ناصر بن مسلم الرحبي، سفير سلطنة عُمان الجديد بمصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، اليوم الثلاثاء، قسم اليمين أمام السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، بقصر البركة العامر بمسقط.
ويصل الرحبي إلى القاهرة قريباً لاستلام مهام منصبه الجديد، وذلك بعد إصدار السلطان هيثم بن طارق مرسوماً سلطانياً أوائل شهر ديسمبر الجاري بإجراء تنقلات وتعيينات في السلك الدبلوماسي، بينها تعيين الرحبي في مصر.
ويُعد الرحبي دبلوماسياً وإعلامياً من الدرجة الأولى، حيث كان سفيراً للسلطنة فوق العادة ومفوضاً لدى دولة الإمارات في شهر مارس الماضي، وشغل وظيفة مندوب عُمان الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف في يونيو 2012م، والمندوب الدائم للسلطنة لدى منظمة التجارة العالمية، كما كان يشغل من قبل منصب المُلحق الثقافي بسفارة السلطنة في الأردن.
كما شغل منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة عُمان للصحافة والأنباء والنشر والإعلان في مارس 2005م، ورئيساً تنفيذياً لمؤسسة عُمان للصحافة والنشر والإعلان في يوليو 2006م، ورئيس تحرير صحيفة عُمان اليومية، كما منحه الدكتور تيدروس مدير عام منظمة الصحة العالمية شهادة المنظمة تقديراً لدوره في تعزيز العلاقة والتعاون مع المنظمة.
وقد حضر بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير الخارجية العُماني مراسم أداء السفراء قسم اليمين.
العلاقات المصرية العمانية تاريخية متجذرة ممتدة منذ 3500 سنة
ويواصل سفير السلطة الجديد مسيرة العلاقات المصرية العمانية المتميزة والضاربة فى عمق التاريخ، منذ نحو 3500 سنة، وتنوعت بين العلاقات الاقتصادية والتجارية الواسعة، تطورت مع الوقت وبعد قيام سلطنة عمان الحديثة، إلى علاقات سياسية واستراتيجية وروابط اجتماعية وثقافية واسعة.
وتعد العلاقات الثنائية بين البلدين محور ارتكاز هام علي الساحة السياسية العربية، حيث يسعى البلدان دائما إلى سياسة حل كل الخلافات بالحوار والتفاوض، كما تدعو إلي إحلال السلام والاستقرار إقليميا ودوليا ولكن مع تحفظ مهم أساسه عدم التخلي عن أي من الحقوق العربية عامة والفلسطينية خاصة لذلك فإن للدولتين رؤية واحدة تستهدف تقديم أقصي دعم ممكن لنضال الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة.
كما يشار إلى موقف العمانيين من الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، حيث أعلن سلطان بن أحمد آنذاك (1792-1804)، استياءه من هذه الحملة، وأوقف المفاوضات الفرنسية العمانية التى تمهد لعقد معاهدة بين الدولتين، وأعلن احتجاجه الرسمى على اعتداء فرنسا على دولة عربية مسلمة.
كما توطدت العلاقات بين البلدين فى زمن سعيد بن سلطان، ووالى مصر محمد على باشا، وعبرت الرسائل التى بعث بها سعيد بإعجابه بالبناء الحديث للدولة التى أقامها محمد على فى مصر، كما عبرت عن وجود رغبة لدى سعيد فى إقامة علاقات أوثق مع والى مصر.
وفي 13 يناير1944 قام السلطان سعيد بن تيمور بزيارة مصر للمرة الأولى، لإجراء فحوصات طبية، والنظر في امكانية دراسة ابنه قابوس في مصر. كما زار السلطان سعيد القدس الشريف، وقد احتـفت الصحف المصرية والفلسطينية الصادرة آنذاك بهذه الزيارة النادرة لسلطان مسقط وعُمان، وأجرت مجلة «المصور» المصرية حوارًا مع السلطان سعيد بن تيمور، نشر في عددها رقم (1019) بتاريخ 21 أبريل 1944م.
كما أعلنت عمان تأييدها لمصر خلال العدوان الثلاثى فى عام 1956، فحين عرف العمانيون بأمر العدوان الثلاثى على مصر انفجرت مشاعر الغضب فى كل أنحاء عمان، وعبر المئات من العمانيين عن استعدادهم للمشاركة فى نضال مصر الوطنى ضد المعتدين.
ووطد السلطان قابوس الراحل، تلك العلاقات بموقفه التاريخى الرافض لمقاطعة الدول العربية لمصر بسبب توقيعها اتفاقية كامب ديفيد، بل ودعا الأشقاء العرب إلى الوقوف إلى جانب مصر فى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضى حتى عادت الدول العربية جميعا للعمل المشترك تحت مظلة الجامعة العربية من جديد بالقاهرة بعد أن كانت فى تونس.
ودشن خطاب قابوس عام 1984 بمناسبة العيد الوطنى الرابع عشر للسلطنة، مرحلة أخرى مهمة فى التفاعل المثمر للعلاقات المصرية العُمانية، إذ أكد عمق العلاقات ورسوخها قائلاً "لقد ثبت عبر مراحل التاريخ المعاصر أن مصر كانت عنصر الأساس فى بناء الكيان والصف العربى، وهى لم تتوان يوما فى التضحية من أجله والدفاع عن قضايا العرب والإسلام، وأنها لجديرة بكل تقدير".
وانتهجت سلطنة عُمان المواقف الداعمة لمصر، ففى خضم ثورات الربيع العربى عام 2011، حافظت البلدان على الأسس الراسخة لتلك العلاقات، بفضل السياسة الحكيمة التى اتبعتها السلطنة، وهى عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، ورأت أن الشعب المصرى هو من يقرر مستقبله، ثم أخذت العلاقات جرعات إضافية تمثلت فى الزيارات الرسمية العُمانية لمصر، لتؤكد على ثبات مواقفها، وفى هذا الإطار جاءت زيارة يوسف بن علوى بن عبد الله، الوزير المسئول عـن الشئون الخارجية، إلى مصر عام 2013، وكان قد استقبله المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية – آنذاك - ليوجه رسالة إلى العالم بمواصلة دعم الأمن والاستقرار فى مصر.
وتعكس العلاقات المصرية ـ العمانية قدرا غير مسبوق من التفاهم والتنسيق السياسي المشترك والتعاون إزاء مختلف القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، وتستمد هذه العلاقات قوتها من تعدد جوانب التعاون بين البلدين الشقيقين وتشعبها وعدم اقتصارها علي جانب واحد.
ولعل الزيارة الأخيرة التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي فى فبراير 2018 إلى السلطنة، جسدت خصوصية العلاقات الثنائية والتعاون المثمر بين البلدين، التقى حينها بالراحل السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه- فتحت هذه الويارة آفاقاً واسعة للعلاقات العُمانية المصرية فى شتى المجالات، وبالأخص فى الجوانب الاقتصادية والمشروعات الاستثمارية المشتركة.
وسبق الزيارة جولة مباحثات بين مصر وسلطنة عمان فى مايو 2017، بشأن التعاون فى مجالات الخدمة المدنية والتطوير الإدارى، ومع مطلع عام 2018، فازت شركة المقاولات المصرية "مختار إبراهيم"، بعقد تنفيذ مشروع مرافق فى سلطنة عمان بقيمة نحو 8 مليارات جنيه، تشارك فيه شركة بتروجيت بنسبة تنفيذ 30%، والمشروع عبارة عن تصميم وتوصيل خط مياه فى منطقة صحار العمانية بطول 225 كيلو متر مواسير، ويضم 7 خزانات و4 محطات ضخ، تستغرق مدة تنفيذه 30 شهرا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة