"أهل مصر فى رباط إلى يوم الدين"، بتلك الكلمات جسد أبناء محافظة الأقصر، قصة خيرية تمثلت فى إنشاء مطابخ الخير لدعم المستحقين والأسر الأكثر فقراً بالقرى والنجوع بصورة يومية، حيث أنه لا يزال أبناء الصعيد يرسمون التاريخ وملحمة المحبة والترابط والتعاون ليثبتوا للجميع وحدتهم فى مواجهة الظروف دوماً بتوفير "وجبات ساخنة وباردة" بالمجان تماماً تقدم لكل المحتاجين.
أبرز تلك المطابخ فى الخير "مطبخ سفينة الخير" بقرية المريس، والتى يقوم فيها كبار وشباب وصغار قرية المريس بمحافظة الأقصر، بعمل ملحمة عظيمة لخدمة أهاليهم بتوفير الوجبات اليومية لكافة المستحقين من سكان النجوع والحواجر الجبلية المحيطة والقريبة من القرية.
يقول على عمار، ابن قرية المريس والمتخصص فى الطبخ، أن فكرة "مطبخ سفينة الخير" بدأت بالقرية منذ انتشار أزمة فيروس كورونا عبر تشكيل لجنة من كافة شباب القرية وكبارها لحماية الجميع وتأمين كافة متطلباتهم خلال تلك الأزمة، من تعقيم وتطهير ورفع مخلفات يومياً، وتوزيع وجبات ومأكولات للجميع، موضحاً أنه من أبرز الخطوات التى أقدم عليها أهالى القرية هى تشكيل فريق والذى يوفر الوجبات والمأكولات والفاكهة والحلوى فى 3 وجبات يومية لجميع الحالات المعزولة منزلياً للتخفيف عنهم خلال فترة عزلهم داخل منازلهم وتوفير الغذاء الصحى واللازم لهم حتى الوصول لمرحلة الشفاء، والتى بدأت من تجهيز 20 وجبة يومياً داخل منازل المتطوعين، حتى وصلت حالياً إلى 100 وجبة يومياً لحالات العزل المنزلى.
ويضيف على عمار فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه تجمع عدد كبير من شباب القرية وكبارها للقيام بدورهم فى تلك الفترة الراهنة، حيث تم تشكيل فرق مختلفة للقيام بأعمال الرش والتطهير، وفرق تقوم بالتجوال بالقرية على مدار الساعة لقياس درجات الحرارة لكافة الأهالى لتقديم الدعم لهم أولاً بأول، وعقب البدء فى العزل المنزلى تم تدشين المطبخ الخيري داخل القرية ليشارك فيه كافة أبناء القرية من الكبار والشباب، لتجهيز الوجبات طوال اليوم لتوزيعها على الأسر من حالات العزل المنزلى لخدمتهم وتوفير الطعام الصحى لهم، وذلك حتى الشفاء من الفيروس.
ويؤكد إبن قرية المريس على عمار، أنه عقب زوال الأزمة وإنخفاض معدلات الإصابة بكورونا، قرر الأهالى إستكمال بوابة الخير ومواصلةعمل "مطبخ سفينة الخير" بقرية المريس ليوفر الوجبات الساخنة والبادرة يومياً لتقديمها وتوزيعها على الأسرالأكثر فقراً والمستحقين والمتعففين فى النجوع والحواجر القريبة من قرية المريس، للمساهمة فى فتح بوابة خير يشارك فيها الجميع بالتبرع بأموال أو لحوم أو ذبح جدي أو خروف أو عجل لصالح المطبخ لتوفير وجبات بصورة يومية لجميع المحتاجين لستر أهاليهم كل يوم.
فيما يقول نوح محمد عبد الرحيم، أحد المشاركين بالمطبخ لتوفير الوجبات المنزلية يومياً بقرية المريس، أنهم منذ تشكيل لجنة لإدارة الأزمة مع بدء ظهور الفيروس بالقرية، ومع بدء عزل الحالات منزلياً قرروا دعمهم بطريقة مختلفة، وهو ما أنتج العمل الخيري وجهزوا مندرة بأحد الدواوين الكبيرة بالقرية لتجهيز كافة المأكولات اللازمة بصورة يومية داخلها، مؤكداً على أن تلك المبادرة ساهمت بصورة كبيرة فى دعم الروح الإيجابية لمرضى كورونا ومنع التنمر عليهم، وكانوا يقومون بكتابة عبارات على العبوات المغلفة مثل "انت مش مريض" و"انت أقوى من الكورونا" وغيرها من الكلمات والعبارات على علب الأكل لبث الروح الإيجابية فيهم ومساعدتهم على محاربة المرض وتوزيعها بفرق متخصصة فى التوزيع ومجهزة لمنع العدوى بين باقى أبناء القرية.
ويؤكد نوح عبد الرحيم لـ"اليوم السابع"، أن المبادرة تقرر إستمرارها عقب أزمة كورونا لتستمر فى مسيرتها لصالح الأهالى بقرية المريس والقرى المجاورة لها، حيث يتم توزيع الوجبات الخاصة بالمطبخ والتى يشرف عليها فريق متطوع من كبار وشباب وصغار القرية يومياً، ويشارك بالمطبخ لخدمة المستحقين والمتعففين بالقرية كل من (عاطف على إبراهيم - صالح صلاح السعدى - كمال أحمد موسى - احمد السعدى على - النوبى عبد الجواد - محمود عبده مختار - مدحت عبد الستار عادل - عبد الله عبد الجواد توفيق - محمد حميده حسن - محمد النوبى السيد - على عبد الجواد توفيق - على يونس موسي)، مؤكداً على أنهم تجمعون بصورة يومية صباحاً ويوفرون كافة الأموال اللازمة لشراء كل المستلزمات من مأكولات وفاكهة وحلوى وغيرها، وذلك عبر التبرعات بين أهالى القرية بأنفسهم لأهاليهم فيحققون الإكتفاء الذاتى لأنفسهم دون الحاجة لأحد من خارج القرية، موضحاً أن كافة المتواجدين والمشاركين معه متطوعين بالكامل بوقتهم لخدمة المحتاجين والمتعففين، كما تساعدهم سيداتهم بالقرية فى تجهيز الوجبات يومياً منذ الصباح الباكر.
ويقول عاطف على إبراهيم، إبن قرية المريس وأحد أعضاء الفريق، أنهم فى البداية كانوا يجهزون 20 وجبة فى منازلهم يومياً بالجهود الذاتية وبعد إنتشار الفكرة وصيتها بالقرية، تقرر توفير مكان كبير ليصلح لزيادة الوجبات ودعم كافة الحالات بالقرية حتى وصلوا حالياً لـ100 وجبة يومياً توزع فى الإفطار والغداء والعشاء، لدعم أكبر للحالات بالنجوع والحواجر بالمناطق الجبلية، ويتم تخصيص فريق مجهز بكافة الإجراءات الوقائية خلال التوزيع على الحالات بمنازلهم.
أما فى مدينة إسنا فظهرت فكرة "مطبخ الخير" بقيادة فتاة تدعى "زينب كعابيش" وشاب يدعى "محمود حسن" وعدد من الأهالى والأطفال والمتخصصون فى تجهيز الوجبات من أبناء مدينة إسنا، والذين قاموا بتجهيز مقراً لمطبخ الخير كفكرة خلال شهر رمضان المبارك لتوفير وجبات إفطار للمحتاجين والأكثر فقراً وغيرهم من المتعففين والمستحقين بقرى ونجوع المدينة، وإستمر الأمر حتى الآن فى خدمة الجميع بتواصل المطبخ فى عمله مجاناً وبدعم كبير من أهل الخير بالمدينة.
وفى هذا الصدد تقول زينب كعابيش مؤسسة فكرة مطبخ الخير بمدينة إسنا، أنها بدأت الفكرة لتجهيز وجبات متنوعة للإفطار لتقديمها للأهالى بالمجان تماماً من الأسر الفقيرة والمستحقين من الضيوف وزوار المدينة خلال الشهر الكريم، وبعد نجاح الفكرة وإقبال الداعمين والمتبرعين عليها قرروا إستمرارها بعد الشهر الكريم، لتقدم داخل المطبخ للخير وجبات فراخ ولحوم وكفتة وبانية وغيرها كتنويع لدعم الأهالى الغلابة والفقراء والمستحقين الذين بالكاد يجدون الأكل لأبناؤهم يومياً.
وتضيف زينب كعابيش فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنهم كانوا يعدون الوجبات فى مكان صغير وبدعم أهل الخير تم تكبير المطبخ فى مكان مخصص له، وقرر شريكها فى فكرة مطبخ الخير بالمدينة محمود حسن والمشرف الرئيسي على المطبخ أن يتم تنويع الوجبات وإستقدام شيفات متخصصون فى ذلك للعمل لوجه الله لتوفير الوجبات يومياً لدعم الأهالى المحتاجين وتوفير اللازم لهم.