تأثرت أنقرة بالعقوبات الأمريكية التى أتت عليها بالتزامن مع الصفعة الأوروبية التى وجهها الاتحاد الأوروبى، لتجتمع المصائب على رأس الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وتزيد الطين بلة، فيرتفع التضخم، وتتدهور الليرة، وينهار الاقتصاد التركى.
فبعد أن فرض الاتحاد الأوروبى عقوبات طالت الشركات والكيانات المشاركة فى أعمال التنقيب الجائر عن الغاز فى شرق البحر الأبيض المتوسط، كان صبر واشنطن أيضًا قد نفذ من الممارسات التركية فى الشرق الأوسط، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية مايك بومبيو فى اجتماع الناتو الأخير من هجوم حاد على نظيره التركى.
واتفق الكونجرس أخيرًا مع الرئيس دونالد ترامب، فى فرض عقوبات قبل رحيله على النظام التركى، ردًا على شراء تركيا منظومة الدفاع الجوى الروسية "أس 400"، حيث وافق مجلس الشيوخ الأمريكى على مشروع قانون الموازنة الدفاعية المعدل، والذى تضمن عقوبات على كلًا من روسيا وتركيا، مع السماح لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" بتحويل طائرات "إف 35"، التى كانت مخصصة لتركيا إلى "مشترين آخرين".
وبحسب بلومبرج، قاد قرار تركيا شراء منظمة S-400 تكلفة بالغة على انقرة، حيث تم استبعادها بشكل أساسى من برنامج F-35 الذى تقوده الولايات المتحدة بعدما كانت قد خططت لشراء حوالى 100 من مقاتلات الجيل التالى، التى بنتها شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، وبينما تواصل تركيا تصنيع بعض المكونات الرئيسية للطائرة المقاتلة من المتوقع أن ينتهى هذا فى عام 2022.
ويتمثل أحد مخاوف الولايات المتحدة الرئيسية فى إمكانية استخدام S-400 لجمع معلومات استخبارتية حول قدرات التخفى لطائرة F-35.
وكانت العلاقة بين واشنطن وأنقرة مشحونة بعدد من المشاكل التى تتجاوز قرار تركيا شراء معدات عسكرية متطورة من روسيا، ويختلف البلدان أيضًا حول دعم الولايات المتحدة للمسلحين الأكراد السوريين الذين تعتبرهم تركيا إرهابيين، كما اشتبكت تركيا أيضًا مع الولايات المتحدة فى صراعها مع قبرص واليونان حول الحدود البحرية فى شرق البحر المتوسط.
وتمثلت الإجراءات التى فرضها الكونجرس الأمريكى موجهة ضد مديرية الدفاع التركية المسؤولة عن التطوير الاستراتيجى لقطاع التسلح، كنوع من وزارة الدولة، فهى تتبع مباشرة لرئيس الدولة رجب طيب أردوغان.
وتأثر رئيس المديرية إسماعيل دمير وثلاثة من موظفيه بالعقوبات، والتى تشمل حظر دخول لممثلى المديريات الأربعة، وتجميد الأصول المحتملة فى الولايات المتحدة، وحظر تسليم المكونات الأمريكية للأسلحة.
و كانت أنقرة واثقة من أنها ستكون قادرة على الاستمرار فى مسارها الخاص فى تطوير سياسة الأسلحة، بما فى ذلك الاكتفاء الذاتى الوطنى، على الرغم من الإجراءات العقابية الأمريكية، حيث كانت تعمل المديرية على تعزيز تطوير صناعة الأسلحة بسرعة، وتريد تركيا أن تصبح مستقلة فى الإنتاج وتبيع أسلحتها الرخيصة نسبيًا إلى الدول الأقل ثراءً حول العالم.
وأدى الخلاف حول شراء صواريخ إس -400 الروسية، التى تعتبر حاليًا أفضل نظام دفاع جوى فى العالم، إلى انقسام الشريكين فى الناتو لسنوات، حيث حصلت أنقرة على الأسلحة فى منتصف عام 2019 على الرغم من كل الانتقادات الأمريكية ثم قامت بتنشيطها لاحقًا لإجراء طلقات تجريبية على الرغم من كل التحذيرات، وتخشى الولايات المتحدة من أن بطاريات S-400 التى يتم التحكم فيها بواسطة الكمبيوتر يمكنها قراءة حركة البيانات الخاصة بالطائرة المقاتلة الأمريكية الجديدة F-35 إذا تم ربطها بأسلحة الناتو الأخرى: F-35 كأهم طائرة جديدة للقوات الجوية الأمريكية وحلف شمال الأطلسى ستكون الدول ضعيفة.
على صعيد آخر يتزايد عدد مصانع الأسلحة بشكل مطرد، وبعد الحروب فى سوريا وليبيا وناجورنو كاراباخ، حيث يتم تداول الطائرات بدون طيار التركية كأسلحة معجزة، أن لم تكن حاسمة، وقائمة المشترين المحتملين تطول أكثر فأكثر: أوكرانيا وصربيا وكازاخستان، على سبيل المثال، تريد شراء طائرات بدون طيار من تركيا، وقد طلبت باكستان سفنًا حربية.
ومن المرجح أن يؤدى حظر تصدير التكنولوجيا العسكرية الأمريكية إلى تعطيل هذه الطموحات لأنقرة. ولا يزال يتعين استيراد مكونات مهمة من الأسلحة التركية حيث لا يمكن تصنيعها فى البلاد بعد، يعد تطوير محركات الدبابات والطائرات والطائرات بدون طيار أمرًا صعبًا بشكل خاص، ويجب أيضًا إدخال مكونات ضوئية مهمة للطائرات بدون طيار.
ويمكن للعقوبات الأمريكية، التى تحظر تصدير المعدات والمكونات العسكرية، أن تجعل التعاون مع الموردين الأوروبيين أكثر صعوبة، وغالبًا ما تحتوى الأسلحة الألمانية والإيطالية والبلجيكية على مكونات تأتى من مجموعة المعدات الأمريكية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة