فى كل مرة كنت أزور فيها دولة عربية أو اجنبية في آسيا أو أوروبا، أحزن على حال ميادين مصر وبخاصة ميادين القاهرة التاريخية.
كواحدة من أقدم ميادين العالم وربما هي الأقدم على الاطلاق منذ خططها وأنشأها الخديوي إسماعيل (1963-1879) فيما عرفت بالقاهرة الخديوية التي امتدت من ميدان التحرير وجاردن سيتى وحتى الأزبكية. وامتدادا لحى الضاهر.
القاهرة عانت كثيرا من الإهمال والتسيب والعشوائية رغم أنها وحتى الستينات كانت تأتى بعد التعليم والصحة والجيش في ميزانية الدولة وتغسل شوارعها يوميا بالماء واعتلت وسيطر العجز والبؤس واجهات مبانيها.
أعود من كل زيارة وأتساءل " كيف لا يكون لدينا عاصمة حضارية متطورة" ماذا ينقصنا ولدينا شوارع ومباني وميادين عمرها أكثر من دول كثيرة في العالم وكانت مضرب المثل في الرقى والتحضر والنظام والنظافة لزوار أجانب من أوروبا.
في السنوات الأخيرة ومع الثورة العمرانية في مصر في كل مكان والتوجه لإنشاء العاصمة الإدارية، تسرب الشك في نفوس البعض بان الحكومة حكمت أمرها باهمال القاهرة والتركيز على العاصمة الجديدة. فكانت المفاجأة بمخطط شامل لتطوير العاصمة الأم . القاهرة حاضرة الدنيا. في القضاء على العشوائيات حتى تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة حاليا وتطوير مناطق القاهرة القديمة في سور مجرى العيون والفساط وعين الصيرة وفى القاهرة الفاطمية والمملوكية.
المفاجآة السارة كانت في اعلان مخطط تطوير وسط البلد في العاصمة الخديوية وتطوير ميادين التحرير وطلعت حرب ومصطفى كامل ومحمد نجيب.
ومنذ عدة أيام شاهد زوار ميدان التحرير وكأنه ميدان من عالم آخر . عالم الأساطير والأحلام ، فقد اصبح واحد من اجمل ميادين العالم ، بإعادة الرونق والجمال الى عماراته وواجهات المحلات التي كانت تشكل نوعا من العبث والتلوث البصرى وتدنى الذوق العام. والعمل يمتد الآن الى ميدان مصطفى كامل وباقى الميادين.
هنا لا بد من توجيه التحية للحكومة وهيئة التخطيط العمراني وجهاز التنسيق الحضارى ومحافظة القاهرة على تنفيذ هذا المخطط الضخم بوسط البلد ومربع الوزارات.
وصباح اول أمس اتصلت بالمهندس محمد أبو سعدة رئيس جهاز التنسيق الحضارى وهنأته على المجهود الكبير لتطوير وسط البلد وميادينها وخاصة القضاء على فوضى وعشوائية وجهات المحلات والمقاهي والشركات والبنوك وغيرها وإزالة كل المخالفات على واجهات العقارات من إعلانات ولافتات تشوه المظهر الحضارى، وتوحيد اللافتات لتتناسب مع الوجه الحضارى للقاهرة الخديوية.بحيث تبدو متناسقة مع تطوير المباني ولونها الأصلي.. وبدت الصورة العامة مدهشة ومبهرة ورائعة الجمال تشعرك بالفخر والاعتزاز بالإنجاز.. بصراحة " شيء يفرح".
قال المهندس أبو سعدة " القادم أفضل والمشروع بمثابة عودة الروح لوسط البلد ونحن نعمل على تطوير تلك المنطقة منذ عامين، وجرى الانتهاء من تطوير 300 عمارة بواسطة المحافظة والجهاز القومي للتنسيق الحضارى.
تطوير وتوثيق وإعادة الروح للمباني بوسط القاهرة هو جزء من عدة خطوات جار اتخاذها للارتقاء بالشكل العمراني في قلب المدينة، حيث يوجد مشروع موازي يسمى بـ"حكاية شارع"، والتي تحكي عن حكاية الشارع المرتبط بشخصيات وسط البلد ومصر الجديدة وقريبا في الإسكندرية وتباعا في باقي المحافظات، مثل شوارع طلعت حرب وعبد الخالق ثروت وعماد الدين، حيث يتم وضع لوحات لتعريف تلك الشخصيات لتكريمهم، وسيتم إطلاق موقع إلكتروني عقب العيد لتعريق المواطنين بتلك الشخصيات.
تطوير القاهرة هو مشروع حضارى للارتقاء الذوق العام الغائب عن مصر منذ فترة طويلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة