نواصل قراءة ما حدث فى موقعة أحد، وكيف بحث النبى عن صحابته الذين ضحوا بحياتهم فى سبيل الدين، فما الذي يقوله التراث الإسلامى؟
يقول كتاب البداية والنهاية "فصل سؤال النبى عليه السلام عن سعد بن الربيع أهو حى أم ميت؟"
قال ابن إسحاق: وفرغ الناس لقتلاهم فحدثنى محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى صعصعة المازنى، أخو بنى النجار: أن رسول الله ﷺ قال: "أمن رجل ينظر لى ما فعل سعد بن الربيع أفى الأحياء هو أم فى الأموات؟".
فقال رجل من الأنصار: أنا، فنظر فوجده جريحا فى القتلى وبه رمق.
قال: فقال له: إن رسول الله ﷺ أمرنى أن أنظر أفى الأحياء أنت أم فى الأموات؟
فقال: أنا فى الأموات فأبلغ رسول الله ﷺ سلامى وقل له: إن سعد بن الربيع يقول لك: جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته، وأبلغ قومك الأنصار عنى السلام وقل لهم: إن سعد بن الربيع يقول لكم: إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف.
قال: ثم لم أبرح حتى مات، وجئت النبى ﷺ فأخبرته خبره.
قلت: كان الرجل الذى التمس سعدا فى القتلى: محمد بن سلمة فيما ذكره محمد بن عمر الواقدي، وذكر أنه ناداه مرتين فلم يجبه، فلما قال: إن رسول الله أمرنى أن أنظر خبرك أجابه بصوت ضعيف وذكره.
وقال الشيخ أبو عمر فى (الاستيعاب): كان الرجل الذى التمس سعدا أبى كعب، فالله أعلم.
وكان سعد بن الربيع من النقباء ليلة العقبة رضى الله عنه، وهو الذى آخى رسول الله ﷺ بينه وبين عبد الرحمن بن عوف.
قال ابن إسحاق: وخرج رسول الله ﷺ فيما بلغنى يلتمس حمزة بن عبد المطلب، فوجده ببطن الوادى قد بقر بطنه عن كبده، ومثّل به فجدع أنفه وأذناه، فحدثنى محمد بن جعفر بن الزبير أن رسول الله ﷺ قال حين رأى ما رأى: "لولا أن تحزن صفية وتكون سنة من بعدى لتركته حتى يكون فى بطون السباع، وحواصل الطير، ولئن أظهرنى الله على قريش فى موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم".
فلما رأى المسلمون حزن رسول الله ﷺ وغيظه على من فعل بعمه ما فعل، قالوا: والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب.
قال ابن إسحاق: فحدثنى بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمى عن محمد بن كعب، وحدثنى من لا أتهم عن ابن عباس: أن الله أنزل فى ذلك: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ... } الآية [النحل: 126]
قال: فعفا رسول الله ﷺ وصبر، ونهى عن المثلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة