أكرم القصاص - علا الشافعي

ناهد صلاح

قبل أن تذهب إلى النوم.. اثقب ذاكرتك وارتاح

الجمعة، 25 ديسمبر 2020 09:19 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمر هذه الأيام العصيبة ببطء، كأنها تمنحنا الفرصة كى نميز الكثير من الفروقات بين حياة كانت هادرة بالناس، وحياة باتت ساكنة بالتوجس، بين حاضر لا يشبه الأمس، راهن مكسور عند الخط الفاصل بين الأمل الزائغ والمتاهة المفتوحة على التشوش، لا يسعنى فى هذه اللحظة المخيفة، غير المحتملة التى يتجمد فيها الكون بسبب وباء كورونا العاصف، سوى أن أتذكر الفيلم الأمريكى "قبل أن أذهب إلى النوم" “BEFORE I GO TO SLEEP” (2014) إخراج روان جوفي، بينما العالم كله، تتأرجح فيه الاحتمالات كبندول الساعة، إذ ترحل السنة الكبيسة وتلتقى النهايات بالبدايات فى ظل أمنيات بأن يعوضنا القادم كثيرًا أو قليلًا ويعطينا الفرصة لترميم حكاياتنا التى اخترقتها ثتائية الموت والاغتراب، تطالعنى نيكول كيدمان أو كريستين لوكاس التى تستيقظ كل صباح وقد فقدت الذاكرة.

 

 تتطلع المرأة الأربعينية حولها فى ذهول ودهشة وحين تصطدم عيناها بالرجل الذى ينام بجوارها تسأله فى فزع: من أنت؟ فيحافظ على إجابته اليومية: أنا زوجك، ثم ترتد تحت ثقل المفاجأة دون أن تعرف ماضيها المجهول أو تستعيد منه سوى ما يخبره به زوجها بن لوكاس (كولن فيرث) أو ما يحاول أن يرشدها إليه معالجها د. ناش (مارك سترونج) ثم تفتح كاميرا التصوير وتبدأ فى تسجيل ذاكرة بصرية كل صباح حيث يتكرر نفس المشهد فى الفيلم المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للروائى البريطانى ستيفن. ج. واتسون، نشرت فى ربيع 2011، وتصدرت المبيعات فى عدة بلدان بعد أن ترجمت إلى 40 لغة.

 

 بصرف النظر عن الغموض والغرابة التى تجتاح الأحداث أو تحول الحكاية من دراما نفسية إلى قصة من قصص الجريمة المثيرة بما تحتويه من رعب يجعلك فى بعض المشاهد تتشبث بمقعدك وأنت تشاهد البطلة تواجه مصيرها بمفردها أو اللهاث معها فى معرفة اللغز وراء الحادث الذى تعرضت له وتسبب فى فقدانها الذاكرة، وبغض الطرف أيضاً عن الأداء المتوسط لنيكول كيدمان الذى لم يسعد الجمهور الأمريكى قبل نقاده، فإنه يصبح من المشروع أن نسأل أنفسنا ما نشاء: ماذا لو كنا مثل هذه المرأة، نصحو فلا نتذكر شيئاً من واقع اكتفينا من مهارته فى القسوة وصنع الإحباط؟ أليس ثقب واحد فى الذاكرة يكفى كى نتنعم بنعمة النسيان؟.

 إنه السؤال الأكثر ملائمة فى هذه اللحظة، عام ينتهى وعام يبدأ، حين نحاول أن نتخفف من وطأة وشقاء أيام مضت ونعزل أنفسنا ولو قليلاً عن التعب، ولأن النفس أمارة فإن الإجابة ليست مهمة لأنها فى الغالب لن تكون شافية أصلاً، وربما تحتمل تأويلات تأخذنا إلى أسئلة أخرى وتدخلنا فى دائرة مفرغة، ونحن لا نحتاج سوى بعض الفرح عندما نستقبل العام الجديد، فرح يشبه تلك البهجة التى تتسلل إلى القلب من أفلام أعياد الميلاد المتفائلة، شجرة عيد الميلاد المضيئة وزينة الميلاد وهداياه وجواربه الملونة تحت الشجرة. أفلام كاملة البهاء، تستدعى الطمأنينة وتتحصن فيها الروح بلفتات إنسانية وتتحقق فيها المعجزات، فتكتمل قصص الحب كندف الثلج التى تتساقط وتتناثر حتى تغطى المشهد وتلتئم التفاصيل، عاشقان بعد مد وجزر يلتقيان، عجوز يتخلى عنه الفقر وتهبط عليه ثروة مفاجئة تغير مسار حياته، طفل صغير يواجه عصابة بمفرده ويتشبث بحبه لعائلته، والعائلات فى هذه الأفلام تتمحور حول فكرة الترابط المقدس، وسانتا كلوز يتجول فى العلياء بعربته وغزلانه يوزع الهدايا ويضحك ضحكته "المجلجلة" فى الحد الفاصل بين السماء والأرض، الخيط الرفيع بين المرئى وغير المرئي، ليس على طريقة إحسان عبدالقدوس وتفسيره للحب وغريزة التملك فى روايته الشهيرة التى تحمل نفس الاسم، وإنما الشعرة الدقيقة بين الواقع والخيال وما يُحرر الحياة من معراجها الصادم.

 

 

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة