أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 26 ديسمبر 1977.. رئيس الوزراء الإسرائيلى «بيجين» يهنئ السادات بعيد ميلاده فى اجتماعهما بالإسماعيلية ويتمنى له العيش 120 عاما

السبت، 26 ديسمبر 2020 03:35 م
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 26 ديسمبر 1977.. رئيس الوزراء الإسرائيلى «بيجين» يهنئ السادات بعيد ميلاده فى اجتماعهما بالإسماعيلية ويتمنى له العيش 120 عاما السادات ومناحم بيجين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جلس أعضاء الوفدين المصرى والإسرائيلى، فى انتظار وصول الرئيس محمد أنور السادات، ورئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجين، بعد اجتماعهما المنفرد فى الغرفة المجاورة بالاستراحة فى الإسماعيلية يوم 25 ديسمبر 1977، وفقا لمحمد إبراهيم كامل، وزير خارجية مصر، الذى تولى منصبه قبل الاجتماع بيوم واحد فقط، «راجع، ذات يوم، 24 و25 ديسمبر 2020».
 
يتذكر «كامل» فى مذكراته «السلام الضائع»: «دخلا الاثنان، وافتتح السادات الجلسة مُرحبا بالوفد الإسرائيلى، وقال: اليوم عيد ميلادى، وإنها لمناسبة سعيدة أن نلتقى على الأرض المصرية لننهى معاناة الشعبين، والعالم كله يتطلع إلى هذا اللقاء، وإلى إقرار السلام كى تسود المحبة محل الكراهية التى لازمتنا ثلاثين عاما، ولنقدم للعالم أسلوبا جديدا فى حل المشاكل بين الشعوب».
 
يذكر «كامل» أن «بيجين» رد بصوته الحاد مهنئا «السادات» بعيد ميلاده، ومتمنيا له أن يعيش مائة وعشرين عاما، كما فعل النبى «موسى» الذى عبر سيناء مع شعبه هروبا من مصر فى أربعين عاما، بينما وصل «بيجين» إلى مصر عبر سيناء فى أربعين دقيقة، ثم أعلن أنه يحمل معه مشروعين للسلام، الأول خاص بالانسحاب من سيناء، والثانى بالحكم الذاتى فى «جوديا» و«سماريا»، وشرع فى شرح مشروعه مع مصر بلغة إنجليزية طلقة، وصوت منفر مزعج فى إسهاب طويل ممل مملوء بالتفاصيل السخيفة، معجبًا بصوته وفصاحة بيانه.
 
كان أشد ما أثار دهشة «كامل» وفقا لشهادته: «الوقاحة التى تضمنها حديث بيجين، وإن حاول تغليفها فى ثوب مهذب حتى تبدو ساذجة بريئة وكأنه يخاطب أطفالا صغارا، وكان ذلك يشكل استخفافا بعقولنا مما يتضمنه من إهانة لنا، والأدهى من ذلك أنه عندما قاطعه الدكتور عصمت عبد المجيد، عضو الوفد المصرى ووزير الخارجية فيما بعد، قائلا له، إن قرار مجلس الأمن 242 ينص على الانسحاب من الأراضى المحتلة، وهذا يعنى بالنسبة لمصر الانسحاب إلى الحدود الدولية بينهما وبين فلسطين، ثار بيجين بشكل مسرحى وأخذ يوجه إلى السادات أسئلة سريعة متتالية كطلقات مدفع رشاش، قائلا: ألم تحشدوا قوات الجيش المصرى فى سنة 1967 وتنقلوها إلى سيناء؟ ألم تغلقوا مضيق تيران؟ ألم تقم المظاهرات تطالب بإلقاء إسرائيل فى البحر؟ ألم ترفع اليافطات فى شوارع القاهرة تطالب بأن يدخل الجيش المصرى تل أبيب فى ثلاثة أيام؟ ألم تطلبوا من قوات الطوارئ الدولية الانسحاب من سيناء؟..، إلخ؟».
 
يؤكد «كامل»: رد السادات عن كل سؤال بـ«نعم»، وكان ينتظر بلهفة أن ينتهى بيجين من أسئلته المتلاحقة ليشرح له الوضع فعلا، قائلا: «نحن على مائدة مفاوضات، لننس الماضى ونقيم سلاما دائما شاملا»، ولكن ما كاد «بيجين» أن ينهى أسئلته حتى قال: «إذن تكون حرب 1967 حربا هجومية عدوانية من قبلكم، وتكون إسرائيل فى حالة حرب دفاعية مشروعة بالتالى، وهذا يعطيها الحق فى الاحتفاظ بالأراضى التى احتلتها وهى تدافع عن نفسها»، وبحركة سريعة مد يده إلى الأوراق الموضوعة أمامه، وسحب كتابا من بينها، وفتحه على صفحة كانت مميزة بعلامة ورقية من بين الصفحات، وشرع يقرأ فقرات من الكتاب الذى ذكر أنه لأحد فقهاء القانون الدولى، تؤيد حق الدول فى الاحتفاظ بالأراضى المحتلة إذا كان احتلالها نتيجة لحرب دفاعية خاضتها رغم أنفها».
 
يضيف «كامل»: «لم أتمالك نفسى، فتوجهت إلى الرئيس السادات، وهمست فى أذنه راجيا وقف الجلسة للتشاور، ولاحظ بيجين ذلك، فقال: ربما أطلت عليكم الحديث ياسيادة الرئيس، واقترح رفع الجلسة لاستراحة بعض الوقت، ووافق السادات».   
 
 فى اليوم التالى 26 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1977 احتشد الصحفيون ومراسلو وكالات الأنباء وشبكات التليفزيون فى المؤتمر الصحفى المشترك، وأعلن «السادات» خلاله أنه: «بالنسبة للانسحاب من سيناء حققنا تقدما، أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية التى نعتبرها لب المشكلة فموقف مصر هو أنه بالنسبة للضفة الغربية وقطاع غزة فيجب أن تقوم الدولة الفلسطينية، أما موقف إسرائيل فهو أن العرب الفلسطينيين فى جوديا وسماريا، يتمتعون بالحكم الذاتى، واختلفنا هنا، ولكن تم الاتفاق على أن نناقش تلك القضية فى اللجنة السياسية».
يؤكد «كامل» أنه اندهش من استعمال السادات لتعبيرات بيجين الخبيثة المضللة مثل «العرب الفلسطينيين» كبديل لتعبير «الشعب الفلسطينى» و«جوديا» و«سماريا» كبديل عن «الضفة الغربية وغزة»، ويعلق أنه فسر ذلك بأنه يستعملها من قبيل المجاملة الساذجة غير مقدر لمدلولها السياسى، ومن قبيل التفاخر بمعرفته بلغة جديدة هى العبرية، فالسادات كان مغرما عند زيارته لبعض الدول بأن يضع فى خطاباته الرسمية فقرة أو أكثر بلغة البلد المضيف، حدث ذلك فى ألمانيا وفرنسا وإيران.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة