فى حلقة دائرية بمنزل أحد أبناء القرية يتجمع الحافظون من الأطفال والشباب يتوسطها المحفظ من أهل القرآن يردد آيات من القرآن على مسامع الأطفال ليساعدهم على حفظها، ويتابع معهم ما قام بتحفيظه بالأمس بشكل يومى فى جو يسوده المحبة والهدوء والسلام النفسى، وفى مكان خصص لأبناء القرية لحفظ القرآن وتعاليمه، بإشراف متطوعين من الشباب وحفظة القرآن الكريم.
ويجتمع أطفال القرية فى الكتاتيب عقب صلاة العصر أثناء الدراسة وفى الصباح والمساء وقت الإجازة لكى يستغل الأطفال أوقات فراغهم ويحفظون القرآن فى مراحل مبكرة، ورغم الحداثة ولانتشار وسائل التواصل الاجتماعى يحافظ أطفال القرى فى محافظة قنا على التردد بالكتاتيب وحفظ القرآن الكريم، حيث يجدون فيها المتنفس والتعرف على الأصدقاء، وتجمعهم روابط المحبة دون التفرقة بين عائلة أو قرية وينبذون العنف.
ويوجد عدد من الكتاتيب الملتحق بالمساجد أو المنفصلة أو فى منازل المحفظين وأمامها، حيث خرجت قدميا عظماء الفقهاء والحفظة وعرف معلمى الكتاتيب بالمؤدبين والمشايخ وكان يستخدم المشايخ الألواح ونبات الفارسى كأقلام للكتابة على تلك الألواح، وصنف الكتاب بمثابة المدرسة التى يتعلم فيها الأطفال القراءة والكتابة مثل الحضانة فى وقتنا هذا.
وقال محمد مراد سيد، 12 عاما، وطالب بمدرسة الأزهر الابتدائية، إنه بدأ حفظ القرآن الكريم فى مرحلة مبكرة منذ طفولته، حيث أتم حفظ 20 جزءا من القرآن الكريم وهو فى نهاية المرحلة الابتدائية وتوقف لمراجعة ما قام بحفظه، لافتًا إلى أن يومه فى الكتاب يبدأ فى قراءة صفحة أو صفحتين من القرآن الكريم ويقوم بمراجعتها فى اليوم التالى بالكتاب.
وأوضح "سيد"، أنه قبل وجود الكتاب فى قريته كان يذهب إلى القرى المجاورة لحفظ القرآن والحصول على دورات وعندما سمع عن البدء فى تحفيظ القرآن بكتاب القرية ذهب إليه، كما أن الكتاتيب بالقرى استطاعت أن تقضى على وقت الفراغ عند الأطفال والشباب وكذلك تقويم سلوكهم والبعد عن الألفاظ البذيئة وغيرها من السلوكيات الخاطئة.
وأشار عماد مهدى، مشرف بكتاب بلال بن رباح، إلى أن الكتاب الذى يتطوع فى الإشراف عليه يجمع أكثر من 120 حافظا وحافظة للقرآن الكريم، كما تم تأسيس الكتاب منذ عامين بالجهود الذاتية ويشرف عليه أبناء البلدة أيضًا ومتخصصين فى تعليم القرآن الكريم تطوعا، وكان يلجأ أطفال وطلاب القرية قبل وجود الكتاب إلى الذهاب لدار أخرى فى قرية مجاورة، موضحا أن الكتاب يضم مجموعة من السيدات الكبار لحفظ القرآن والفقه، كما أن الكتاتيب ستظل مستمرة دون توقف بمختلف العصور.
أما عن كمال حباشى، محفظ قرآن، قال أن القرآن له فضل عظيم على الفرد والمجتمع حيث جعل الأشخاص العاديين أشخاص لهم قيمة فى المجتمع وساوى بين الجميع، وعلى الرغم من عصر التطور التكنولوجى ووجود وسائل التواصل الاجتماعى التى من الممكن أن تشغل وتلهى الأطفال والكبار إلا أن الكتاتيب قائمة وتعمل وتحفظ قرآن دون تأثير من تلك الوسائل.
وأكد حباشى، أن الكتاتيب لا تعتمد على تحفيظ القرآن فقط ولكن تعلم أحكام القرآن والسلوكيات الخارجية والحث على الصلاة وذلك يحدث عن طريق المودة والحب بين الطلاب والمحفظين ولذلك تجد علاقة محبة بينهم دون كراهية أو غصب على الحفظ أو التعلم.
وبين جلال همام، من أهالى قرية كوم بلال، أن الكتاتيب ساهمت وتساهم فى نشر تعليم الإسلام الوسطى البعيد عن طريق التطوع وإستقبال الأطفال والصغار والشباب أيضًا، لافتًا إلى أن القائمين على الكتاتيب يتعاملون بود مع الأطفال من ضمن الكتاتيب كتاب بلال بن رباح بالقرية، ويجمع الكتاب بين جميع عائلات البلدة ويقيم صداقات بين الأطفال وببعضهم البعض كما يصنع بيهم ألفة، بالإضافة إلى مراجعة مواد الدراسة مع الطلاب بالكتاب.
وقدم جلال الشكر، لكل أبناء القرية المتطوعين والمشاركين فى تحفيظ القرآن الكريم وذلك المتبرعين بأماكن تحفيظ القرآن ومن يسعون إلى الحفاظ على تلك الكتاتيب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة