يعتبر عام 2020، من أسوأ الأعوام التى مرت على قارة أمريكا اللاتينية، ويعود ذلك للعديد من الأسباب، فقد شهدت المنطقة العديد من الأزمات سواء الصحية والسياسية والاقتصادية والبيئية، بجانب الكوارث الطبيعية.
كورونا
تعتبر منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي، فى المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الامريكية من حيث انتشار فيورس كورونا، بتسجيلها 15 مليونًا و139 ألفًا و172 إصابة و496 ألفًا و524 وفاة، وتحتل البرازيل رأس القائمة مع أكثر الأعداد فى المنطقة، مع (7 ملايين و465 ألفًا و806 إصابات و190 ألفًا و795 وفاة)، أما المكسيك فتسجل مليون 383.434 حالة مؤكدة من كورونا، و 122.426 حالة وفاة.
أزمات سياسية
استمرت الازمات السياسية فى امريكا اللاتينية فى عام 2020، بعد فترة من الاحتجاجات التى هزت القارة السياسية فى 2019، وشهدت دول مثل جواتيمالا وتشيلى وكولومبيا وبيرو، مظاهرات احتجاجية واسعة فى العام الجارى.
ويرى المحلل السياسى دانيال زوفاتو، أن "على غرار ما حدث في نهاية عام 2019، فإن هذا العام 2020 غير المسبوق يغلق أيضًا الاضطرابات في العديد من دول المنطقة، حيث سئم المواطنون، وخاصة الشباب، من قادتهم الذين لا يثقون بهم، ويطالبون بالكرامة والاندماج والخدمات الاجتماعية في الشوارع. ونهاية الفساد ".
وأشارت صحيفة "لا ناثيونال" الارجنتينية، إلى أن الالاف من الجواتيماليين نزلوا الى الشوارع للاحتجاج على الميزانية الجديدة، حيث أن الدافع الرئيسى للاحتجاجات هو الموافقة شبه الخفية على الميزانية الوطنية لعام 2021، والتى تعرضت منذ اليوم الأول لانتقادات بسبب ارتفاع الدين العام الذى يعود لأسباب تفشى فيروس كورونا والأزمة التى خلقها.
وقال رافائيل روخاس، مؤرخ كوبى، "أوقاتًا ضبابية" لمنطقة بدون مستقبل واضح الفرضية الرئيسية للمؤلفين هي أن فيروس كورونا أوقف ربيع الحركات الاجتماعية، لكنه في الوقت نفسه أعطى السبب وراء مطالب السياسيين ضد عدم المساواة والفقر والفساد، مضيفا أنه "نواجه استنفاد المراجع وطرق مواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وفى بيرو، تعانى الحياة السياسية من أزمة حقيقة، حيث انتخب الكونجرس في بيرو البرلماني "فرانسيسكو ساجاستي" رئيسا مؤقتا للبلاد وسط تفاقم الأزمة السياسية على إثر عزل الرئيس السابق "مارتين فيزكارا" بتهم الفساد، وحصل ساجاستي من حزب "مورادو" المحسوب على قوى الوسط، على العدد الضروري من الأصوات ليتولى رئاسة الكونجرس، ويصبح بالتالي رئيسا مؤقتا للجمهورية حتى تنصيب رئيس جديد بعد الانتخابات التي من المقرر أن تجري في أبريل المقبل، وبذلك أصبح "ساجاستي" ثالث شخصية في منصب رئيس الدولة خلال أسبوع بعد أن عزل الكونجرس فيزكارا من المنصب.
أثار قرار عزل فيزكارا، احتجاجات واسعة تحولت إلى اشتباكات بين الشرطة والمحتجين، وبعد سقوط قتلى في الاشتباكات أعلن "ميرينو" عن استقالته من المنصب.
أما فى البرازيل، فيثير الرئيس البرازيلى انتقادات كثيرة، حيث أنه على الرغم من أن بلاده تمثل أعلى ثانى دولة فى العالم من حيث الاصابات والوفيات بعد الولايات المتحدة الامريكية، إلا أنه حتى الآن لم يتخذ أى إجراءات وقائية لمنع تفشى الوباء، كما أنه تشكك مؤخرا فى أهمية تلقى اللقاح.
وأكدت الصحيفة، فى تقريرها أن الحكومة البرازيلية برئاسة الرئيس جايير بولسونارو، تعد من أكثر الحكومات تشككًا في العالم بشأن خطورة الوباء، وانتقدت إجراءات التباعد الاجتماعي التي تفرضها الإدارات الإقليمية والبلدية لمكافحة فيروس كورونا.
أما فى تشيلى، فشهدت احتجاجات واسعة فى نوفمبر، حيث شارك العديد من المواطنين في تظاهرات تندد بالعنف ضد المرأة، واحتجاجا على إلغاء الحكومة مشروع قانون كان لصالح المتقاعدين.
وفى كولومبيا، خرج الآلاف من السكان الأصليين والمدرسين والطلاب والنقابيين والنشطاء في مسيرة في عاصمة كولومبيا، بوجوتا، نوفمبر الماضى للاحتجاج على أعمال القتل والمجازر والفقر الناجم عن الجائحة والسياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة.
الانتخابات
عقدت عدة انتخابات فى امريكا اللاتينية 2020، أبرزها ترينيداد وتوباجو، وأعلن "كيث رولي" رئيس وزراء ترينيداد وتوباجو، فى أغسطس الماضى فوزه في الانتخابات العامة، ونقلت صحيفة "ترينيداد وتوباجو" عن "رولي"، قوله بعد الانتخابات، إن حزب الحركة الشعبية الوطنية الذي ينتمي إليه تم استدعاؤه إلى الخدمة في الحكومة للمرة الثانية، حيث إن الحركة الشعبية الوطنية فازت بـ22 مقعدًا مقابل 19 مقعدًا لحزب المؤتمر الوطني المتحد المعارض، الذي أعلنت زعيمته كاملا بيرساد أنها ستطلب إعادة فرز الأصوات في المناطق الهامشية.
وفى بوليفيا، فاز "لويس آرسي"، مرشح اليسار المقرب من الرئيس السابق "ايفو موراليس" فى أكتوبر، بالانتخابات الرئاسية في بوليفيا من الدورة الأولى، بحصوله على أكثر من 52% من الأصوات، بحسب عدة استطلاعات رأي لدى خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع.
انكماش اقتصادى
كانت دول أمريكا اللاتينية تتمتع بمعدلات منخفضة من النمو الاقتصادى، بلغ متوسطها 0.3% بين عامى 2014 و2019، وبالكاد وصلت إلى 0.1% فى عام 2019، مما وضعها فى نقطة انطلاق صعبة عندما ظهر فيروس كورونا فى الأفق.
وقالت اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى، فى بيان، إنه مع وصول الوباء، أضيفت الصدمات الخارجية السلبية والحاجة إلى تنفيذ سياسات الحبس والتباعد المادى وإغلاق الأنشطة الإنتاجية إلى هذا النمو الاقتصادى المنخفض، مما جعل حالة الطوارئ الصحية تتجسد في أسوأ أزمة اقتصادية الاجتماعية والإنتاجية التي مرت بها المنطقة خلال الـ120 عامًا الماضية"، حسبما قالت صحيفة "التيمبو "التشيلية.
كما تسلط اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، الضوء على انخفاض بنسبة 18.3٪ في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو أمر لا تعزو ذلك إلى الوباء فحسب، بل "يرتبط أيضًا بعدم اليقين الناجم عن قرارات السياسة العامة الأخيرة"، والتي أثرت بشكل مباشر لمشاريع إنتاج الطاقة والمطارات والمشروبات.
وسجلت فنزويلا، انخفاض بنسبة 30%، وبيرو 12.9٪، و الأرجنتين 10.5٪، والمكسيك 9٪، الإكوادور9٪.
الاجهاض والماريجوانا أهم القضايا
يعتبر الاجهاض، والماريجوانا، من أهم القضايا التى أثارت الجدل فى أمريكا اللاتينية فى عام 2020، وفى المكسيك والأرجنتين ومنطقة البحر الكاريبى، تم صبغ عام 2020 باللون البنفسجي والأخضر من خلال العديد من الاحتجاجات النسوية، ففى المكسيك، على الرغم من الوباء، والخلافات حول إلغاء تجريم الماريجوانا كانت البطل هي النسوية، أو بالأحرى معاداة النسوية من قبل الحكومة المكسيكية.
في الأرجنتين، تضاعفت الشكاوى من العنف بين الجنسين والاستمالة، تم تعليق مشروع قانون الإجهاض الطوعي، الذي وعدت الحكومة بتقديمه في مارس 2020، وتم تقديمه أخيرًا في نوفمبر.
أما الماريجوانا، فقد شرعت المكسيك الماريجوانا واستخدامه مما أدى الى حالة من الجدل، وتبدأ الأرجنتين والبرازيل دراسة تقنين الماريجوانا للاستخدام الطبى، ولذلك فقامت شركات مثل "Medterra" بتوسيع عملها فى هذه الدول بعد أن اصبح الماريجوانا مشروعا للاستخدام الطبى فى تلك الدولة.
وأشارت صحيفة "التيمبو" التشيلية، إلى أن الماريجوانا فعال للغاية لعلاج الالام والقلق والاكتئاب والصرع، من بين أمراض آخرى، وهو ما يجعل العديد من الدول تلجأ اليه فى الوقت الحالى.
وقال رئيس المكسيك، "اندريس مانويل لوبيز أوبرادور"، إنه سيتعين مناقشة تنظيم تقنين الماريجوانا، وسيتم السماح لاستخدامه الطبى، وأضاف "إن هذه المبادرة لاستخدام الماريجوانا للأغراض الطبية مستمرة منذ فترة طويلة، وسيقرر المشرعون بحرية وسيقررون هذا الأمر، إصلاح قانوني أتوقع ذلك".
الكوارث الطبيعية
أكد تقرير للأمم المتحدة، ثاني أكثر المناطق عرضة للكوارث الطبيعية في العالم، ومن الناحية المطلقة، من المحتمل أيضًا أن تكون ثاني أكثر المناطق تضررًا؛ يقول سيرجيو لاكامبرا، المتخصص في إدارة الكوارث الطبيعية في بنك التنمية للبلدان الأمريكية (IDB).
في السنوات العشرين الماضية، عانت المنطقة من أكثر من 350 إعصارًا، بمتوسط 17 إعصارًا سنويًا وأكثر من عشرين إعصارًا من الفئة الخامسة، وهو الأكبر على مقياس "Saffir-Simpson" تأثر أكثر من 34 مليون شخص.
ويعتبر إعصار، أيتا اخر الظواهر الطبيعية التى ضربت الكاريبى وامريكا الوسطى واللاتينية ، والذى اسفر عن 200 قتيل ومتضرر من هذه الفيضانات، فهو منخفض استوائي، تسبب في هطول أمطار غزيرة وفيضانات كارثية في أمريكا الوسطى.
يقول خوسيه مانويل جالفيز، خبير الأرصاد الجوية في الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، إن المنطقة لديها "معلومات رسمية كافية في كل مرة يكون فيها حدث خطير".
وتسبب الإعصار، في انهيارات طينية وتدمير مبان وتشريد الآلاف في أنحاء أمريكا الوسطى، وأعلن قادة هندوراس ونيكاراجوا وجواتيمالا أنهم طلبوا المساعدة من بنك أمريكا الوسطى للتكامل الاقتصادي (CABEI)، فى محاولة منهم لمواجهة أضرار إيتا التي خلفت أكثر من 200 قتيل والاستعداد لعاصفة إيوتا الجديدة التي ستؤثر على سواحلها، التي تتحول أيضًا إلى إعصار، خاصة بعد أن وصلت الخسائر الاقتصادية لايتا 172 مليون دولار.
وارتفعت الحرائق فى منطقة الأمازون البرازيلية بنسبة 101% فى عام 2020، وذلك بالمقارنة بنفس الفترة من العام الماضى، وفى أغسطس فقط ارتفعت الحرائق فى منطقة الأمازون البرازيلية بنسبة 7%، وفقا لبيانات حكومية، متجاوزة نفس الفترة من عام 2019، وتجددت المخاوف بشأن تدمير أكبر غابة فى الكوكب، حيث أنه وصل عدد الحرائق فى الأمازون 6000 حريق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة