عند الأزمات والشدائد والأوقات العصيبة التى يتعرض لها الوطن تظهر وتتجلى معادن الرجال والمؤسسات والهيئات فى أزهى وأبهى صورها الوطنية ويصبح الكل فى واحد.. والواحد للجميع أو للوطن.
وفى الموجة الأولى لفيروس كورونا المستجد أو كوفيد 19 فى نهاية مارس الماضى ناشدت هنا وعبر " اليوم السابع" بضرورة وجود دور وطنى لمستشفيات القطاع الخاص فى مصر- حوالى 1000 مستشفى تقريبا - فى الأزمة إلى جانب شقيقاتها الحكومية واستقبال الحالات المصابة بالفيروس وإظهار المسئولية الاجتماعية تجاه الشعب وتجاه مصر والتحلى بالروح الوطنية وإيثار الذات والتخلى عن فكرة الربح مقابل العلاج. فمصر فى حالة حرب ضد الفيروس الملعون.
مستشفيات كثيرة للأسف لم تتجاوب مع النداء والمناشدة الا قليلا جدا منها من منطلق المسئولية الوطنية والاجتماعية تجاه البلد الذى وفر لهم الكثير وأتاح لهم العمل بحرية كاملة فكسبوا وربحوا من تجارتهم.
فى المقدمة من هذه المستشفيات يأتى دور مستشفى الدكتورة سعاد كفافى الجامعى التابعة لجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا برئاسة الدكتور خالد الطوخى والذى قرر على الفور افتتاح مقر للعزل فى ظل انتشار الفيروس القاتل والمساهمة جنبا إلى جنب مع المستشفيات الحكومية، ففى الحروب الوبائية لا فارق بين ما هو خاص وما هو حكومى أو هكذا ينبغى.
وما شاهدناه بالأمس من قيام الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى بافتتاح مقر دار العزل الجديد التابع لمستشفى سعاد كفافى الجامعى فى المنطقة الصناعية هو تفعيل لهذه الروح الوطنية المطلوبة ورسالة أيضا واضحة لباقى المستشفيات الخاصة بأداء الدور الوطنى المطلوب فى وقت الشدة والمصاعب والأزمات. وهى مواقف لا تنسى بالطبع والدولة ممثلة فى وزير التعليم العالى سارعت بافتتاح مقر العزل فى إشارة واضحة أيضا بالوقوف الى جانب القطاع الخاص الصحى والتعليمى ودعمه. والمقر تم تجهيزه بالكامل وفق أحدث المعايير الطبية. وبسعة 200 سرير ويتكون من 5 أدوار مزودة بأحدث أنواع الأجهزة الطبية.. والأكثر من ذلك - وهو ما يستحق التقدير والإشادة - فقد قرر الدكتور خالد الطوخى رئيس مجلس أمناء الجامعة وضع دار العزل تحت إشراف وزارة التعليم العالى ومجلس المستشفيات الجامعية لإدارة هذا المكان بما يتماشى مع سياسة الدولة فى إدارة أزمة فيروس كورونا المستجد.
دور يستحق الاحتفاء به لجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا وكادرها العلمى والإدارى برئاسة خالد الطوخى، الذى يؤكد دائما حرص الجامعة على هذا التوجه فى مساعدة الدولة لمواجهة كورونا باعتبارها جامعة يعود تاريخها فى تقديم تعليم متميز على مدار 25 عاما منذ تأسيسها على يد رائدة التعليم فى مصر الدكتورة سعاد كفافى وذلك من خلال كل التخصصات الطبية التى تمتلكها الجامعة.
والحقائق تذكر أن دور مستشفى سعاد كفافى الجامعى لم يتوقف عند حد كونها واحدة من أهم وأبرز المستشفيات فى مصر بل وفى المنطقة العربية لما لها من مكانة مرموقة وسمعة دولية تدعو للفخر فى المجال الطبى، لكنها ومن منطلق إيمانها الشديد وحرصها على الالتزام بالمسئولية المجتمعية أصبحت أيضاً بمثابة مؤسسة وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى حيث شاركت المستشفى فى العديد من الأنشطة المجتمعية التى تستهدف فى المقام الأول تقديم خدمات طبية مجانية لغير القادرين فى إطار تفعيل رسالتها فى تحقيق الشفاء وتخفيف آلام جموع المواطنين فى ربوع مصر.
الأنشطة الخيرية التى تقدمها مستشفى سعاد كفافى الجامعى لم تكن مجرد مشاركات فى مبادرات عامة وإنما هى بالفعل مبادرات خاصة بالمستشفى وتتم بشكل احترافى ووفق اعلى معايير الجودة فى الخدمات الصحية ورعاية المرضى وخاصة فى المناطق الشعبية وذات الكثافة السكانية المرتفعة لتؤكد بذلك دورها الريادى فى إثراء المنظومة الصحية من خلال قوافلها التى تحقق هذا النهج بكل الفاعلية والاحترافية.. واستكمالا لدورها فى هذا المضمار، فقد تمثلت أحدث تلك الأنشطة الإنسانية فى "قافلة مستشفى سعاد كفافى الميدانى المتنقل" التى قامت مؤخراً بعلاج المرضى غير القادرين فى قرية شبرامنت بمحافظة الجيزة من خلال تقديم الخدمات الطبية لأبناء القرية والقرى المجاورة لها.
ويأتى هذا التوجه نحو تقديم القوافل الطبية وفق رؤية متكاملة وضعها خالد الطوخى رئيس مجلس الأمناء لجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تستهدف التركيز على النشاط الإنسانى استكمالاً للمشوار الذى بدأته التربوية الرائدة الراحلة سعاد كفافى التى كانت تضع نصب عينيها بشكل دائم الاسهام بشكل حقيقى فى خدمة المجتمع والالتزام باعتبارات المسئولية المجتمعية.
ويشير الدكتور خالد الطوخى إلى بعض الجوانب الإنسانية فى حياة والدته الرائدة الدكتورة سعاد كفافى، قبل وفاتها بأيام قليلة اوصت بان لا يتم زيادة المصروفات على الطلاب وان تظل هذه المصروفات غير مبالغ فيها لذا فإن الجامعة تعد بين الجامعات الخاصة أقل شريحة فى مصاريف الدراسة، إلى جانب ذلك التوجه الإنسانى فإنه يتم كل عام ايضاً تقديم منح مجانية لغير القادرين من الطلاب المتفوقين دراسياً الى جانب حرص ادارة الجامعة على أن يكون الطالب محب لجامعته وليس مجبر على الذهاب للجامعة ، وذلك من خلال الحرص على الا توجد حواجز بين الطلاب وادارة الجامعة.
رحم الله الدكتورة سعاد كفافى مؤسس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا والتى تعد نموذج للسيدة المصرية الطموحة التى اكتسبت سمعة عظيمة على امتداد سنوات حياتها الناجحة. وهى تعد واحدة من الرواد فى تاريخ التعليم فى مصر، وحققت شهرة فائقة باعتبارها خبيرة ذات شأن، وتأسس نجاحها على أساس الخبرة والمعرفة والالتزام، فقد تميزت الدكتورة سعاد كفافى بحماسة وسمات ثقافية غير مسبوقة، ويرجع الفضل فى ذلك إلى مؤهلاتها المتميزة علاوة على الدقة المتناهية فيما يتعلق بأعمالها الأكاديمية والإدارية وغيرها. ولقبت بقاهرة المستحيل وحرصت كفافى على تطوير جميع المهارات والقدرات المطلوبة لتقديم نوعية من التعليم للطلاب ولراغبى العلم على أعلى مستوى من الجودة.
وقد حققت الدكتورة سعاد كفافى ـ رحمها الله ـ شهرة واسعة على مستوى عالمى فى مجال التعليم العالى من حيث القدرة على التطوير الواعد والطموح لمقررات وأساليب تعليمية جديدة و حصلت على عدد من الجوائز والمنح وشهادات التقدير الأكاديمية من دول أجنبية مختلفة.
فقد نالت درجة الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية ومنحت شهادة الدكتوراه الفخرية من أوروبا، وكانت الدكتورة سعاد كفافى من بين المرشحين لنيل جائزة نوبل فى حقل التعليم.
وفى عام 2004 توفيت الدكتورة سعاد كفافى تاركة وراءها 45 عاماً من الجهد المتواصل لتحقيق أهدافها، وليحمل بعدها شعلة التطوير والإبداع والتنوير الابن خالد الطوخى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة