تحل، اليوم الخميس، الذكرى الـ122 لميلاد أيقونة الطرب فى الوطن العربى كوكب الشرق أم كلثوم، التى ولدت فى 31 ديسمبر 1898 بقرية "طماى الزهايرة" التابعة لمركز السنبلاوين فى محافظة الدقهلية، وكانت حياتها الفنية مليئة بالأعمال المميزة.
تميزت أم كلثوم بجمال صوتها وكأنه أصوات من السماء، كما كانت "الست" كما كان يحلو لجمهورها أن يناديها امرأة قوية، صاحبة مواقف تنم عن سيدة لا تعرف الخوف، ولعل ما ذكره الأديب والكاتب المسرحى الكبير محمد سلماوى فى مذكراته "يوما أو بعض يوم - الجزء الأول" يكشف جانبا من شخصية أم كلثوم وقوتها.
فأثناء استعداد أم كلثوم لتقديم حفلا غنائيا فى "باريس" على مسرح "الأولمبيا"، حيث حصلت حينها على أعلى أجر حصل عليه مطرب وقف على خشبة هذا المسرح وتبرعت به كله لصالح المجهود الحربى فى مصر، وكان ذلك بعد 6 أشهر على هزيمة 1967.
يقول سلماوى "فى الاستراحة فوجئت بـ كوكاتريكس صاحب ومدير مسرح الأولمبيا يهرع إلىّ، طالبا منى التوجه معه إلى "مدام أم" كما كان ينادى أم كلثوم، متصورا أن هذا هو اسمها وأن "كلثوم" هو لقب العائلة، وقد كان كثيرا ما يحتاج إلى الترجمة فى حديثه مع أم كلثوم التى لم تكن تحدثه إلا باللغة العربية، وقد تصورت فى البداية أنها لا تجيد الفرنسية إلى أن استمعت إليها تتحدثها بسهولة.
كانت أم كلثوم جالسة وسط الفرقة الموسيقية على كرسى مذهب من طراز "لويس السادس عشر" غير الكرسى الخيزران الذى اعتدناه فى حفلاتها بالقاهرة.
كان عازف الكمان الأول أحمد الحفناوى إلى جوارها، وكان بقية أعضاء الفرقة يستمعون إليها وهى تبدى لهم بعض الملاحظات، فحياها "كوكاتريكس" وقبل يدها، فردت عليه التحية من دون أن تنهض من كرسيها. فأبدى مدير المسرح اعتراضه على طريقة تقديم الوصلة الأولى من الحفل التى "تحدث فيها المذيع حديثا سياسيا ليس هذا مجاله"، على حد قوله، كان جلال معوض قد قدم الحفل باعتباره نصرا سياسيا للعرب، وقال: "اليوم تشدو كوكب الشرق فى عاصمة النور باريس، وغدا بإذن الله تشدو فى القدس المحررة"، وناشد "كوكاتريكس" أم كلثوم أن تطلب من المذيع ألا يقدم الوصلة الثانية بهذه الطريقة الحماسية مضيفا نحن فى حفل فنى، ولسنا فى مناسبة وطنية".
وشعرت بالحرج من الموقف، وتحيرت كيف سأترجم ذلك لأم كلثوم، لعلمى بأنها لن تقبل هذا الكلام، لكننى قبل أن أنتقى كلماتى، وجدتها تنتفض واقفة وقد فهمت من دون ترجمة كل ما قاله المدير اليهودى للمسرح، وقالت "قل له بل نحن فى مناسبة وطنية، وإنى جئت إلى فرنسا من أجل المساهمة فى المجهود الحربى لبلادى، وإذا كان أسلوبنا لا يروق له فليعتبر اتفاقنا لاغيا، ثم التفتت إلى الموسيقيين وقالت لهم لموا الآلات يا ولاد".
وكاد كوكاتريكس يغشى عليه وأنا أترجم له بسرعة ما قالته أم كلثوم، وأمام اعتذاراته المتكررة وتوسلاته المتلاحقة، تراجعت أم كلثوم، وقدم جلال معوض الوصلة الثانية من هذا الحفل التاريخى من دون أن تحاول أم كلثوم كبح حماسه الوطنى.. انتهى كلام محمد سلماوى فى هذا الموقف العظيم، وغدا نلتقى مع ما فعلته الدولة فى أم كلثوم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة