فجعت الكويت بوفاة أحد الآباء المؤسسين لنهضتها الاقتصادية والتجارية، العم عبد العزيز محمد حمود الشايع، الذي وافاه الأجل بعد مسيرة عطاء طويلة، حافلة بالإنجازات لخدمة الوطن والمواطنين. وفق القبس. يذكر التاريخ للعم عبد العزيز الشايع أنه شارك في وضع اللبنات الأولى لبناء الكويت في الكثير من المشاريع والمؤسسات الاستراتيجية.
بالإضافة إلى ترؤسه لسنوات طويلة اللجنة الشعبية لجمع التبرعات الذي كان أحد مؤسيسها وساهم كذلك في تأسيس جمعية الهلال الأحمر الكويتي وشركة ناقلات النفط وكان عضواً في المجلس البلدي في الأعوام 1960 – 1963 ومن ثم وزيراً للكهرباء والماء في العام 1964 وكان أحد مؤسسي شركة دار القبس للصحافة والطباعة والنشر ورئيس مجلس إدارتها لسنوات طويلة.
ولأنه من البناة الكبار، فقد ظل العم عبد العزيز الشايع منذ ولادته في الكويت في التاسع من يونيو من العام 1926 وهو يبني سيرته الحسنة وسمعته العطرة، ويجمع من يعرفه على حكمته وحسن معشره ولطف تعامله وتواضعه في العمل والعيش الذي يقارب شخصيته الطيبة والهادئة والرزينة في التخاطب والتعامل والتآلف والتواد مع الآخرين.. حتى أصبح بحقّ أحد الذين أضافوا الكثير من الصفحات الجميلة إلى تاريخ الكويت والتي دون أغلبها في مذكراته التي أصدرها بكتاب «أصداء الذاكرة» التي عكست صورة شخصية لأحد رموز بلادنا الذين صنعوا تاريخها الجميل ونضال الآباء المؤسسين في مرحلة ما قبل النفط، أولئك الرجال الذين بنوا أنفسهم بأنفسهم بداية من المثابرة والاجتهاد في السوق القديم لغاية الارتحال إلى الهند وافتتاح مكتب الشايع هناك مع عمه علي الشايع، والعمل فيه في ظروف الحرب، وساهم مع أخوانه التجار الكويتيين في درء مخاطر الفاقة والجوع عن الكويت أوقات الحرب العالمية الثانية، حيث عانت بلدان الإقليم برمته من أهوال الحرب ونقص المواد التموينية، إلا الكويت التي كانت بفضل تجار الهند والداخل قد استوفوا حاجات الناس وتلبية متطلبات السوق في كل المستلزمات الضرورية لاستمرار الحياة.
ما كان للكويت أن تتمتع بسمعتها الاقتصادية والتجارية ومتانتها المالية بغير هؤلاء الآباء المؤسسين الذين كان العم أبو حمد أحدهم بكل ما تعنيه الكلمة من إنصاف ودقة في ذكر محاسنهم ودورهم، ولم يبنوا الكويت بتجارتهم وأموالهم ومشاريعهم الناجحة فحسب، بل بنوها بأخلاقهم الفذّة، فالراحل الغالي سليل أسرة برّ وإحسان وكرم والعمل بالمعروف وديوانه ومجلسه عامر بأعيان ووجهاء الوطن وأدبائه ومؤرخيه ومثقفيه، فقد استمر المغفور له بالتعلم والتزود بالعلم منذ التحاقه المبكر في مدرسة عبدالله وعثمان العبداللطيف العثمان في سوق بن دعيج وانتقاله إلى مدرسة الملا مرشد بالمرقاب ومن ثم إكماله الدراسة في بومبي حيث أتقن الإدارة والأعمال والإنكليزية في مدرسة «سانت جوزيف هاي سكول»، وبقي يتحدث مع العاملين الهنود القريبين منه بلغته الأم التي تعلّمها في الهند.
و«القبس» التي فقدت أحد مؤسسيها الكبار، تتقدم إلى أسرة الشايع الكرام بخالص مواساتها وعزائها وتسأل الله أن يغفر له ويرحمه ويعفو عنه ويكرمه منزلَه ويوسِعْ مُدخَلَه ويبدله بدارِه دارًا خيرًا مِن دارِه ويدخله الجنة.. لِلَّهِ ما أخَذَ وله ما أعْطَى، وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مُسمًّى..إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة