للمرة الأولى من سنوات عديدة يتفق الجميع على اعتبار تكريم المؤلف والسيناريست المبدع وحيد حامد، فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، أمرا مستحقا، وحيد حامد مبدع لم يتوقف عن صنع البهجة والحكمة والفن الراقى، ويحل المعادلة الصعبة الجماهيرية مع العمق، ويمحو بشكل تام مقولة «الجمهور عاوز كده»، الوحيد حامد قدم للجمهور ما يحتاجه من أجل التنوير والفن، المتعة والتفكير من دون وعظ ولا ادعاء. له علامة فى ضمير الجمهور بطول سنوات أخلص فيها للسينما والإبداع.
كل عمل من أعمال وحيد حامد السينمائية ثم التليفزيونية يحمل بصمة وعلامة تعيش فى وعى أو لا وعى الجمهور، مبكرا جدا من أوائل أفلامه نحن أمام مثقف كبير لديه دائما ما يقوله، فى قالب مشوق عميق فى نفس الوقت. من طائر الليل الحزين حتى محامى خلع، وفى المسلسلات من شياطين الليل حتى بدون ذكر أسماء.
كل فيلم من أفلامه يحمل علامة مائية، أقرب للحامض النووىDNA، جملة حوار إفيه حكمة، ترك بصمة فى كل فيلم، والكوميديا مع الدراما فى خلطة لا يستطيعها غير وحيد حامد. ومن دون ترتيب هناك أعمال تدخل ضمن أفضل وأهم الأعمال فى تاريخ السينما، لا يمكن نسيان شخوصه وأبطاله، والإفيهات والحكم والشعارات والأفكار التى تضمنتها الأفلام.
كل فيلم من تأليف وحيد حامد يحمل علامة، ويحتاج إلى صفحات للكتابة عنه وتمعن فكرته وعمقه وتكويناته، معالى الوزير بالصدفة، «طيور الظلام» والسباق والمواجهة السياسية الكبرى بين تيارين يتحكمان ويحكمان ويتواجهان ولا يستغنى كل منهما عن الآخر، الانتهازية والفساد والتطرف، وكيف يتعايشان ويتبادلان الأدوار، وهذا الفيلم كان وحيد حامد سابقا به، وقادرا على صياغة فيلم بالمقاييس العالمية، غريب فى بيتى وكيف امتزجت الكوميديا بلعبة كرة القدم، الراقصة والسياسى والغول، والإنسان يعيش مرة واحدة فيلم يحمل كل معانى الرومانسية والفلسفة الإنسانية.
كل عمل من أعماله يحمل علامة مائية تميزه، المنسى، النوم فى العسل، الغول، آخر الرجال المحترمين، سوق المتعة، اللعب مع الكبار، بجانب الأفلام الكبرى، لكن حتى الأفلام غير المعروفة فهى أيضا تحمل فكرة وتبقى قادرة على إثارة الدهشة.
وإن كانت أعماله للتليفزيون لم تحظ بنفس الشهرة لكنه ظل مخلصا لأفكاره، وأعمال مثل العائلة أو سفر الأحلام، وبالطبع فإن مسلسل «الجماعة»، علامة كبيرة من علامات الدراما، قدم فيه وحيد حامد الكثير من التفاصيل والأفكار، وتعامل مع مادة صعبة وتواريخ وأحداث متداخلة ومتقاطعة.
وحيد حامد عامل مشترك فى أعمال عظيمة مع عادل إمام وأحمد زكى ويسرا وسعاد حسنى ونور الشريف ولبلبة، والمخرجين سمير سيف وشريف عرفة، ظل قلم وحيد قادرا على بناء متماسك، جامعا بين الصراع الكبير فى الفيلم والكوميديا المنسوجة والتى تمثل علامة تستمر وتبقى حتى بعيدا عن الفيلم وزمنه. وحيد حامد كان هو صانع النص الذى صنع نجوما، والنجوم الذين تراجعوا بعيدا عن قلم وسيناريو وحيد حامد، بل إن بعض النجوم الكبار رغم استمرارهم بعيدا عن وحيد، لم يقدموا أعمالا تعيش مرات متعددة وتبقى مثلما هو الحال مع الكاتب الكبير.
وحتى أثناء تكريمه، كان قادرا على إثارة المشاعر، معترفا بأفضال أساتذته، وزملائه، مخلصا لفنه وإبداعه، يعيش وحيد حامد بإبداعه وإخلاصه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة