المصانع الكبرى قلب التنمية الاقتصادية النابض وقوة الدفع الرئيسية للتقدم
الإدارى الناجح، هو الذى يتمتع بقدرة الإطفائى البارع الذي يحمى مصالح، المؤسسة التى يقودها، والحفاظ على مستقبل العمال والموظفين، من خلال سكب ماء الواقعية على جمر الأزمات.
ومن المعلوم بالضرورة أن الصناعة تعد قاطرة التنمية والتقدم الاقتصادى المبهر، لما تتميز به من خصائص لا تتوافر لغيرها من القطاعات التنموية الأخرى، سواء التى يترتب عليها ارتفاع حجم القيمة المضافة، بواسطة الصناعات التحويلية والاستراتيجية، أو ما يتعلق باعتمادها على التكنولوجيا المتقدمة، خاصة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، التى تعد ثورة صناعية رابعة يشهدها العالم اليوم، ولكم فى الهند، مثالا حيا.
من هذه المنطلقات الراسخة، لابد للإدارى الناجح، سواء كان يقود مؤسسة، أو وزارة، فى القطاع الصناعى، يدرك أهمية الصناعة، وإنها قلب التنمية الاقتصادية النابض، ومن بين الصناعات الناجحة فى مصر، صناعة الحديد، ذائعة الصيت والشهرة، والرقم الجوهرى فى معادلة التصدير واقتحام الأسواق الأوروبية، قبل الأفريقية والآسيوية، ومن ثم تحتاج لدعم حكومي بقوة، وتذليل كافة العقبات أمامها.
ارتفاع سعر الغاز يؤثر على المصانع الوطنية وأول القطاعات الصناعية المتضررة من ارتفاع أسعار الغاز، صناعة الحديد والصلب، مما يترتب عليه رفع في أسعار الإنتاج بالسوق المحلى، وأيضا تأثيراته السلبية على التصدير، في ظل تحدى ومنافسة شرسة من دول كبرى في هذه الصناعة، بينما لو تم تخفيض سعر الغاز، والذى وصلت مصر للاكتفاء الذاتي منه، سينعكس ذلك إيجابيا على سعر الحديد في الأسواق المحلية، وزيادة كبيرة في الصادرات.
ارتفاع أسعار السلع فى السوق المحلى وتراجع الصادرات، هى أكبر التحديات والأزمات التى تواجه منتجات الحديد المصنعة فى مصر بسبب ارتفاع سعر الغاز ضعف السعر العالمى، وعدم تدخل وزراء البترول والمالية والصناعة، بصفتهم أبرز أعضاء لجنة الطاقة لأسعار الغاز، لتخفيض أسعار الغاز للمصانع، وهو ما يمثل علامة استفهام، فى ظل أن وزارة البترول ترفض نقص مخصصاتها، ووزارة المالية لا تبحث تحمل الفروق في مخصصات وزارة البترول، ووزارة الصناعة حائرة ما بين الوزارتين، ويدها مغلولة لا تعرف ماذا تفعل..!!
نعم، المفترض أن وزارة المالية تتحمل فروق خفض الأسعار للقطاع الصناعى، حيث ترى وزارة البترول أن تكلفة متوسط استخراج ونقل المليون وحدة حرارية وضخها عبر شبكة الغاز، يكلف الحكومة 4 دولارات للمليون وحدة حرارية، وهو ما جعل وزارة البترول ترفض التخفيض، وهنا لابد أن يكون لوزارة المالية دورا جوهريا فى هذه القضية الجوهرية، إذا ما وضعنا فى الاعتبار أن مصر تصدر حديد صلب إلى أكثر من 70 دولة حول العالم وفقا لتقارير المجلس التصديرى لمواد البناء والسلع المعدنية والحراريات، وتأتى المملكة العربية السعودية على رأس أكثر 5 دول حصولا على الحديد المصرى.
إذن صناعة الحديد والصلب فى مصر، قوية وجوهرية، ومقتحمة لأكثر من 70 سوقا خارجيا، بجانب سد كل احتياجات السوق المحلى، ما يدفع الحكومة إلى ضرورة دعم هذه الصناعة التي تضم ألاف العمالة والموظفين، وتفتح أفاقا كبيرا فى توفير فرص العمل، إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الحكومات فى الدول المختلفة تدعم صناعتها بكل قوة، من خلال مراجعة أسعار الطاقة شهريا لكى تتماشى مع السوق العالمية وما يحدث فيه من متغيرات وتقوم على أساسه بتحديد سعر الطاقة، والوقوف فى المقام الأول عند تحديده، إلى جانب الصناعة حتى لا تتأثر المنتجات فى منافستها الأسواق الأخرى وتتراجع معدل صادراتها، بينما الحكومة المصرية لم تتخذ حتى الآن خطوة نحو التخفيض، رغم الأزمات الكبيرة التى شهدها عام 2020 الجارى، وتأثر كافة الأسواق حول العالم بأزمة انتشار فيروس كورونا، وتركتها تتحمل المزيد من الأعباء المالية والخسائر التى تؤثر فى النهاية على معدلات النمو التى تسعى إليها سنويا.
نتمنى أن تتكاتف الوزارات الثلاث، البترول والمالية والصناعة، لدراسة أمر تخفيض أسعار الغاز للمصانع، دعما للصناعات الوطنية، العمود الفقرى للتنمية الاقتصادية، وما توفره من عملات صعبة بالتصدير للأسواق المختلفة، وتأثيراته الإيجابية على خفض الأسعار في السوق المحلى، بجانب وهو الأهم، ما توفره من فرص عمل كثيفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة