وأضافت موسي - في حوار مع مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في تونس - أنه على الرغم من إنشاء الإخوان لذراع سياسي - حزب النهضة - من أجل التستر خلفه بشعارات المدنية وإخفاء علاقتهم بالتنظيم الدولي للإخوان، إلا أنهم فشلوا في تحقيق ذلك وكشفت اتصالاتهم علاقتهم بتنظيم الإخوان المصري المصنف على قوائم الإرهاب، ما جعلهم اليوم يعيشون حالة من الهلع بعدما فضح أمرهم أمام الشعب التونسي الذي استفاق وفهم جيدًا العلاقة بينهم وبين التنظيمات الإرهابية في العالم.


وأوضحت أن الإخوان في تونس يحاولون اليوم التستر وراء السيادة الوطنية من أجل تحصينهم من التصنيف كجماعة إرهابية، مؤكدة أنها تقدمت بلائحة أمام مجلس نواب الشعب من أجل تصنيف هذه المنظمات بأنها إرهابية وتخليص تونس من أفكارهم الظلامية.


وأكدت أن تنظيم الإخوان كان دائم السعي لعزل تونس عن محيطها الإقليمي والعربي؛ نظرًا لوجود اتفاقيات مشتركة لمكافحة الإرهاب مع كل من مصر والمغرب وعدة دول، لذا لا يريدون هذا التعاون الدولي والعربي ويخافون منه؛ خشية فضح ملفاتهم المشبوهة التي تدين أفعالهم النكراء، مؤكدة حق تونس في أن تتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة لتفعيل الاتفاقيات المبرمة لمكافحة الإرهاب لقطع دابر هذه التنظيمات الظلامية.


وقالت موسي إن "النهضة" تشهد انقسامات وأزمة داخلية جراء كشفهم وفضحهم أمام الرأي العام التونسي، حيث أصبح التونسيون يعلمون جيدًا ارتباط زعيم الحركة راشد الغنوشي بتنظيمات إرهابية وجهات تمويل أجنبية على رأسها قطر.


وأضافت رئيسة حزب الدستوري الحر أن ما يهم تونس اليوم هو تفكيك منظومة تمويل الإرهاب في البلاد، والذي يأتي من جهات أجنبية يدين لها زعماء تنظيم الإخوان بالولاء، وكذلك نريد تفكيك منظومة الجمعيات على غرار جمعية "الصداقة التركية" التي تقوم من خلال اتفاقيات مع وزارة الشؤون الدينية بتحسين ظروف العيش للإطارات المسجدية الأمر الذي يمس السيادة الوطنية لأن ظروف العيش والحقوق الاجتماعية هي من مهام الدولة وليست مهمة جمعيات أجنبية.
وأكدت أن هناك العديد من الدعاوى القضائية بأن حركة "النهضة" تتلقى المال القطري لتمويل أنشطتها المشبوهة داخل تونس، وما "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" المسماه بتنظيم القرضاوي، الذي سمحت له الحركة بتأسيس فرع له داخل تونس، إلا دليل على ذلك لأنه يعد فرعًا للمقر الأم المؤسس طبقًا للقانون القطري وبالتالي تقوم بتمويله، مشيرة إلى أنها، في هذا الصدد، تقدمت بقضية لكشف تمويلات تلك الحركة.


وأعربت عن أملها في أن يستفيق الشعب التونسي أكثر فأكثر ويدرك مخاطر هذا الأخطبوط، مضيفة أنه يتم دفع الحكومة التونسية نحو تفكيك هذه المنظومة وإخراج التنظيمات الأجنبية التي تسعى إلى أخونة تونس من خلال فرض الإخوان في البلاد كبديل عن خسارتهم لمواقعهم في عدة دول، قائلة : "نحن لا نرضى أن يكون الإخوان متموقعون في تونس ولن تكون تونس أرضًا لجماعة الإخوان ولن يكون الشعب رهينة لهذه الجماعة الإرهابية المناهضة للدولة التونسية".


وحول رؤيتها لتصريحات "الغنوشي" الأخيرة بأنه من حق الولايات التي تمتلك ثروات معينة أن تحصل على جزء من عوائد تلك الثروات، الأمر الذي يعتبره البعض تكريسًا لنظرية الفيدرالية في تونس، قالت عبير موسي إنها دعوة إلى تفكيك وحدة الدولة وهذا هو مشروع الإخوان دائمًا لأنهم لا يستطيعون العيش إلا في ظل الفوضى ودولة مقسمة ومنهكة.


ووصفت تصريحات الغنوشي والتي قال فيها "من له ثروة في جهته فليتفضل يحتكرها وما يفيض منها نوزعها على الباقين"، بأنها تزكية للمطالب الفئوية، الأمر الذي يشكل خطرًا كبيرًا على وحدة الدولة التونسية، مطالبة الحكومة أن تتصدى لدعوات التقسيم وأن تفرض القانون وتستجيب لمطالب الشعب التونسي.
وفيما يخص أسباب وتداعيات الخلافات بين المؤسسات الثلاثة (الرئاسة - البرلمان - رئاسة الوزراء)، أكدت أن دستور 2014 الذي استفرد الإخوان بصياغته ووضعوا ألغامًا دستورية أدت إلى جملة من الإشكاليات في تطبيق الفصول الدستورية، أدى بدوره إلى مشكلة في النظام السياسي، حيث أصبح مبني على ثلاثة رؤس للسلطة ومن ثم تشتت مواقع القرار. 


وأشارت إلى أن المنظومة الانتخابية في تونس لا تسمح لأي حزب ينجح في الانتخابات بأن يحكم أو ينفذ برامجه لأنه يبقى رهين التوازنات والمحاصصات في البرلمان، مؤكدة أن أي حكومة ستكون رهينة للمحاصصات، لأن تعيين الحكومة بالاستناد إلى مصادقة البرلمان يؤدي إلى أن السلطة التنفيذية تصبح رهينة للسلطة التشريعية وهذا ما نراه حاليًا، فرئيس الوزراء اليوم رهين الـ109 أصوات ضرورية لتمرير القوانين وهذه معضلة كبيرة استفاد منها الإخوان بطريقة أنهم إما يحكمون بالأغلبية، وحتى وإن تقلصت حظوظهم وبقوا ليسوا في موقع أغلبية، يقومون بتعطيل القرارات وتمرير القوانين.


وأضافت أن أول عقبة يجب تجاوزها هي تغير النظام السياسي والدستور التونسي، مشيرة إلى أن الحزب رسم خارطة طريق وأشعر بها باقي الكتل بهدف النقاش حولها من خلال ضم وتكوين 109 أصوات من القوى المدنية تكون قادرة على تقديم مبادرة لتغير الدستور والمصادقة على مبدأ التعديل، إلا أنه وإلى اليوم ليس هناك أي إرادة للقيام بذلك نظرًا للتجاذبات والحسابات الضيقة.


وأكدت أن الخلافات التي تطرأ بين رؤس السلطة من خلال تضارب القرارات بينهم أدى إلى تعطيل منظومة الحكم، وعطل أيضًا اتخاذ القرارات الضرورية لصالح المجتمع التونسي والاصلاحات التي ينتظرها المواطن.


وحول دعوات حركة "النهضة" الإخوانية لإجراء حوار وطني في البلاد، قالت موسي : "نحن لا نتحاور مع الإخوان وليس لدينا أي حوار معهم، باعتبارهم السبب في الدمار الذي تعيشه تونس اليوم وفي تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وسوء إدارة البلاد لمدة عشر سنوات، وبتلك المبادرة يريدون التملص من المسؤولية ويروجون أنهم لم يكونوا في الحكم بل هم فقط في المرتبة الثانية أو شركاء في الحكم".


وأضافت أن الجميع يعلم أن فترة "الترويكا" (رئاسة المؤسسات الثلاثة) كانت حكمهم وكانت لهم الأغلبية وأداروا البلاد وأدخلوها في دوامة الإرهاب والفساد والاغتيالات وإزهاق الأرواح البشرية وإهدار الدم وإفلاس خزينة الدولة، ثم فترة التوافق مع الرئيس السابق الباجي قايد السبسي وحزب نداء تونس في الفترة ما بين 2014 إلى 2019، وكانوا هم الذين يديرون البلاد من وراء الستار، مؤكدة على أن من تسبب في الأزمة لا يمكن أن يكون جزءًا من الحل.


وأكدت أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الخطير والضبابي لا يتطلب مناقشات ، فالشعب التونسي يعلم جيدًا ما هي مشاكل البلاد الحقيقة ، مشددة على أن المرحلة التي نمر بها اليوم ليست للحوارات بل هي مرحلة الإنجاز والمرور نحو التنفيذ والتطبيق. 


وأوضحت أن الإخوان عندما يضيق عليهم الخناق يسلكون أحد الطريقين، الأول اللجوء إلى العنف، إلا أنهم حاليًا تحت أنظار العالم واستخدام العنف سيفضحهم ويقصيهم بشكل مطلق من المشهد السياسي، والطريق الآخر الدعوة إلى الحوار الذي يعتبر وسيلة لالتقاط الأنفاس بعد هذه الحملة الشعبية ضدهم والتي تحملهم مسؤولية تدمير الاقتصاد وتردي الوضع الاجتماعي في تونس. 


وحول أسباب تفاقم الأزمة الاقتصادية الحالية بتونس، قالت رئيسة حزب الدستوري الحر إن تلك الأزمة هي نتاج لتراكمات خلال السنوات العشرة الأخيرة، موضحة أن الوضع الاقتصادي في 2010 كان أفضل من اليوم؛ حيث كان هناك مخزون جيد من العملة الصعبة، وشهدت البلاد نموًا إيجابيًا.


وأضافت أن الأزمة الاقتصادية في البلاد بدأت بشكل حاد بعد عام 2011، عندما تولى الإخوان السلطة، واعتبروا اقتصاد البلاد "غنيمة" ومن ثم وزعوا مال تونس على أنصارهم بدعوة أنهم كانوا ضحايا للمنظومة السياسية، وبالتالي أغرقوا الوظائف العامة بانتدابات ممن تخرجوا من السجون في إطار العفو التشريعي العام، كما أغرقوا الدولة في مطالب فئوية غير مدروسة وليست مبنية على رؤية أو استراتيجية حقيقة.


وأوضحت أن الإخوان أغرقوا الدولة أيضًا من خلال استنزاف مواردها، وأفلسوا خزينة الصناديق الاجتماعية بتعويضاتهم والمبالغ المالية التي صرفت دون أي حسابات، مؤكدة أن الإخوان ليس لديهم رؤية حقيقية لدعم الاقتصاد التونسي، على العكس من ذلك هم جاءوا لخدمة اقتصاد دول يدينون لها بالولاء والتبعية السياسية الأمر الذي أدى إلى الانهيار الاقتصادي وتدهور سعر العملة والدخول في المديونات والقروض المفرطة والتداين للخارج.


وقالت إن جماعة الإخوان رهنت السيادة الوطنية للخارج، والآن نحن نعاني من قرابة مائة ألف مليار من المليمات التونسية قروض خارجية، إذًا الأسباب ناتجة عن سوء الحوكمة والسياسة الخاطئة التي اعتمدها الإخوان من خلال اقتصاد مبني على المطلبية وفي المقابل تعطل إنتاج الموارد الحيوية التي كانت تجلب للدولة موارد هامة من العملة الصعبة.


وتابعت : "الإخوان دأبوا على دمار قطاع الطاقة وأصبح الإنتاج اليوم والموارد في اضمحلال"، معتبرة أن الأزمة التي تمر بها تونس هي أزمة سياسية بالأساس وأزمة في إدارة البلاد وهي التي ألقت بظلالها على الجانب الاقتصادي ما أدى إلى الاحتقان الاجتماعي وانسداد الأفق أمام المواطن التونسي لذلك عمت الاحتجاجات كل ربوع البلاد.


وعن سبل حل الأزمة الاقتصادية، قالت موسي إن إنقاذ اقتصاد البلاد لابد له من إرادة سياسية للشروع في الإصلاحات الكبرى على مستوى المؤسسات العمومية ومنظومة الضرائب وتوجيه الدعم لمستحقيه إلى جانب إصلاح المنظومة التشريعية وسن قوانين تشجع على الاستثمار وتفعيل الشراكة بين القطاع العام والخاص واستقطاب المشروعات الكبرى التي تتبناها الدولة لامتصاص البطالة وإرساء مناخ اقتصادي واستثماري آمن.


وفيما يخص مواجهة استخدام الأراضي التونسية لصالح تحركات مشبوهة لتركيا في ليبيا، أوضحت أنه تم التصدي لمحاولات الغنوشي للزج بتونس وجعلها أرضًا يتم فيها المقايضة وتستعمل كمنطقة لوجستية للقيام بالتدخلات الأجنبية عبر الأراضي التونسية، قائلة "استطعنا أن نوقف تدخل الغنوشي السافر في الشأن الليبي من خلال تنسيقه مع الإخوان داخل ليبيا".


وأضافت أن تونس نددت بالتدخلات العسكرية والتي أرادت أن تقوم بها تركيا من أجل الانحياز إلى طرف معين والزج بتونس في هذه المحاور، موضحة أن الثوابت الخارجية لتونس تحترم سيادة الدول لذلك تدعو إلى أن يكون الحل (ليبي-ليبي) دون تدخل.


وفي هذا الصدد، قالت النائبة عبير موسي رئيسة حزب الدستوري الحر إن الحزب تقدم بلائحة لحث البرلمان على التنديد والرفض القاطع لاستعمال الأراضي التونسية لأي تدخلات عسكرية في الشأن الليبي، واستطعنا إيقاف النزيف الذي سعى إليه الغنوشي من خلال تحركه في هذا الإطار، موضحة أن الحزب يرصد من خلال المعطيات التي تتوفر لديه إن كان هناك أي استعمال للمجال الجوي أو البري أو البحري من اجل القيام بأي مهمات على الأراضي التونسية تستهدف التدخل في الشأن الليبي بهدف نصرة طرف على الآخر، مؤكدة إيمانها برجاحة السياسة الخارجية لتونس.