لسنوات طويلة كذب صناع السينما "كذبة وصدقوها" واقنعوا بها نجوم ونجمات السينما في مصر، فمع المد الوهابي وانتشار التدين الشكلي، غابت مشاهد الرومانسية والحب والقبلات من الأفلام المصرية مثلما غاب ارتداء المايوه، لتصبح أفلامنا المصرية التي تربي عليها الوطن العربي كله "شبهه" لما تحتويه من مشاهد قبلات أو ارتداء النجمات المايوهات، وحاول الكثير من المخرجين التخلص من قيود تلك الكذبة إلا أنه كان هناك جيلا كاملا من النجمات والنجوم ممن صدقوها .
بالأمس شارك فيلم "عنها" للمخرج إسلام العزازي بالمسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي، وهو الفيلم الذي تحرر بالكامل من قيود ما يسمي بالسينما النظفية، لنشاهد مشاهد حب ورومانسية وقبلات علي الشاشة، الهدف بكل تأكيد ليس مشاهدة القبلات والمشاهد الرومانسية فمواقع الانترنت تعج بمواقع البورنو، ولكن الاحتفاء يجب أن يكون بالتحرر من تلك القيود التي عانت منها السينما المصرية، والتي أحدثت خلل في السياق الدرامي للعديد من الأعمال، والتي كان يتحايل عليها المخرج بالإشارة فقط لما يريد أن يقول.
ربما جرأة عزازي في طرح أفكاره علي الشاشة هو ما دفعه للاستعانة بممثلات جدد أو غائبين عن الشاشة، نظرا لأن الكثير من النجمات تخشي تقديم تلك المشاهد إما تصديقا لكذبة السينما النظيفة أو لتخوفهن من الانتقادات وهو بكل تأكيد ما ضرب في صميم المهنة فالممثل أو الممثلة يجسدون شخوص أخري ولا يظهرون بشخصياتهم الحقيقية بل يتلبسون شخصيات العمل وينقلونها للمشاهد بمشاعرها واحاسيسها.
الفيلم يضم الكثير من عناصر التميز ومواطن الجمال أولها تصميم المناظر لمهندس الديكور القدير أنسي أبو سيف والذي قدم مجهود واضح جدا في المشاهد وديكور المنزل لفترة الثلاثينات وتصميم الملابس والذي قدمته مني التونسي والتصوير السينمائي لعبد السلام موسي جميعهم قدموا مشاهد بديعة علي مستوي الصورة.
ربما هناك بعض الهنات للمخرج إسلام العزازي منها بعض المشكلات في الصوت فصلاح عباس واحمد مالك كل منهما لم يكن هناك وضوح لحوار كل منهما في المشاهد، إضافة إلي أن هناك بعض الكلمات التي أدخلت علي الحوار لا تتناسب مع مفردات فترة الثلاثينات أو وجود كلمات هي من مفردات تلك الفترة لكنها اقحمت علي الحوار فظهرت بوضوح وكأنه سياق الجملة ليس سياقها المضبوط.
ربما يختلف أو يتفق المشاهد مع ما قدمه العزازي في سياق الفيلم من رموز أو إشارات أو حتي القصة رغم انسانيتها ورغم القاءه الضوء علي معاناة امرأة مع الفقد خاصة مع زوجها والذي قتل وكأنه انتزع من حياتها عنوة وهو ما تركها فريسة للذكريات تنهش فيها ولاحتياجاتها كامرأة جمعتها علاقة بزوجة مغايرة للعلاقات التقليدية، فالعوز للمشاعر وللأحاسيس بمعناه الحسي واحتياجها لما كان يقدمه من دور كزوج وعاشق قدمته الممثلة ندي الشاذلي بقدر كبير من الجودة، بينما قدم العزازي فدوي عابد في دور مميز أيضا ويحسب للمخرج إعادته للفنان صلاح عباس الذي ربما تتفق أو تختلف علي أداءه لكن مشاهده مع ندي الشاذلي هي الأجمل، ولكن ما حذف من الفيلم ربما الأفضل، ولا نستطيع أن ننسي توجيه التحية للمنتجة دينا فاروق علي دورها كمونتيره في الفيلم وانتاجها للعمل وتحمسها لتقديم عمل مغاير وجرىء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة