تحل اليوم ذكرى وفاة بديع خيرى شيخ المبدعين متعدد المواهب الذى رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم الموافق الأول من فبراير عام 1966، بعد حياة حافلة بالفن لم يترك خلالها مجال من مجالات الإبداع إلا وتفوق فيه حتى أطلق عليه الكثيرون لقب موليير العرب.
وارتبط اسم بديع خيرى بفن ومسرح نجيب الريحانى وبأجمل أغانى سيد درويش، التى عبرت عن ثورة 1919 ، وعن الحياة فى مصر خلال هذه الفترة ، حيث كتب بديع خيرى أهم أغانيها ومنها "قوم يامصرى، ويابلح زغلول"، وهو رائد المسرح، الذى صنع روائع الريحانى، وهو الشاعر والمؤلف وكاتب سيناريو الذى جسد كل معانى التعايش معبرا عن هذا الانصهار بين أبناء الشعب المصرى والشعوب التى انصهرت معه، فكتب الزجل والأغانى بلسان المصرى والسودانى والايجريجى "دنجى ..دنجى"، "مخسوبكوا انداس"، وغنى بلسان الموظف والشيال والصعيدى والفلاح والجرسون الصحفى "شد الحزام على وسطك، ياحلاوة أم اسماعيل، هز الهلال ياسيد، الحلوة دى قامت تعجن، البحر بيضحك ليه، أه ده اللى صار".
عطية عادل خيرى تتحدث عن جدها بديع خيرى
وتنوعت إبداعات بديع خيرى فكتب أجمل أغانى محمد فوزى "شحات الغرام، وليا عشم وياك يا جميل"، ولأسمهان "عليك صلاة الله وسلامه"، كما كتب بديع خيرى أهم السيناريوهات للسينما، فكتب للسينما الصامتة فيلم (المانجبان)، كما كتب أول فيلم عربى ناطق يتحدث عن الحارة المصرية وهو فيلم (العزيمة)، حيث كانت الأفلام تتحدث عن الطبقات الارستقراطية فقط.
وفضلا عن كل هذه المواهب كان بديع خيرى يعيش بروح المناضل المقاوم للاستعمار، وأصدر عددا من الصحف والمجلات التى كانت تحرض ضد الانجليز، ومنها مجلة ألف صنف عام 1925 وكتب فيها الكثير من المقالات والأزجال السياسية ومعه الكثير من الكتاب والأدباء ومنهم بيرم التونسى الذى كان يكتب من المنفى، وتم إغلاق المجلة بسبب مواقفها السياسية المعارضة، وبعدها أسس مجلة "الغول"، وكتب فى الترويسة (هذه المجلة لترهيب الاستعمار) فتم إغلاقها، ثم افتتح مجلة "النهاردة"، وكتب فى الترويسة (المجلة للدفاع عن الدستور) فأغلقت أيضًا، ثم أسس مجلة "مصر الحرة".
وفى حوار مع مخرجة أفلام الكرتون الفنانة عطية عادل خيرى تحدثت عن مشوار إبداع جدها بديع خيرى: "ولد جدى ونشأ فى مناطق شعبية ومنها روض الفرج والمغربلين، وتمتد جذوره إلى عائلة الأمير محمد كتخدا الخربوطلى، وكان واسع الثقافة والاطلاع ، كما حفظ القرآن، وكان قويا فى اللغة العربية ويهوى كتابة الزجل منذ طفولته، وتخرج من مدرسة المعلمين العليا فى فترة لم يكن فيها التعليم منتشرا فى مصر، وتعلم اللغات وعمل مدرسا للغة الإنجليزية.
وأشارت عطية عادل خيرى على أن جدها كتب سيناريو أول فيلم كارتون مصرى فى الثلاثينات ونفذ الفيلم الأخوة فرنكل، وناقش هموما وقضايا مصرية فى سلسلة حلقات حملت اسم "مشمش أفندى" وكانت تعرض فى السينما وتحدثت عنه الصحافة العالمية وقتها تحت عنوان"ميكى ماوس أصبح له أخ مصري"، ويوضع هذا الكرتون فى سجلات التطور التاريخي لفن الكرتون فى العالم.
ورغم مرور سنوات طويلة على وفاة رائد الإبداع بديع خيرى لايزال إبداعه منبعا وملهما لعشرات الفنانين الذين أعادوا تقديم روائعه الصالحة لكل زمان ومكان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة